Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 85-93)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وإلى مدين } أي وأرسلنا إلى مدين وهو مدين بن ابراهيم خليل الرحمن ، وقيل : مدين اسم موضع ، وقيل : اسم جد شعيب ( عليه السلام ) ، وقيل : هم أصحاب الأيكة ، وقال عطاء : هو شعيب بن ثوبة بن ابراهيم ( عليه السلام ) ، وقال ابن اسحاق : هو شعيب بن ثوبة بن إبراهيم فقال لهم : { يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم } حجة وبرهان ، وهو المعجزة الذي أظهرها الله عليه { فأوفوا الكيل والميزان } يعني ما يكيلون على الناس وما يزنون عليهم بالميزان { ولا تبخسوا الناس أشياءهم } يعني لا تنقصوا حقوقهم ، وقيل : البخس الظلم { ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } ، قيل : لا تفسدوا فيها بالعصيان من سفك الدماء ، واستحلال المحارم بعد إصلاحها ببيان الدين وإرسال شعيب { ذلكم } الذي ذكرت { خير لكم إن كنتم مؤمنين } مصدقين بما أقول لكم ، قوله تعالى : { ولا تقعدوا بكل صراط توعدون } الناس ، وقيل : كانوا يقعدون على طريق من قصد شعيباً للايمان فيخوفونه بالقتل وكانوا يقطعون الطريق { وتصدون عن سبيل الله } عن دين الله { وتبغونها عوجاً } وذلك أنهم كانوا يقعدون على الطريق يخبرون من قصد شعيباً للايمان به ويقولون : إن شعيباً كذاب فلا يفتنك عن دينك ، و { واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم } ، قيل : كثر عددكم بالغنى بعد الفقر { وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين } . قوله تعالى : { قال الملأ الذين استكبروا من قومه } ، يعني الرؤساء الذين تعظموا عن الإِيمان به { أو لتعودن في ملتنا } أي شريعتنا أي تدعون دينكم وتصيرون إلى ديننا ، فإن قيل : كيف ؟ قال : تعودون في ملتنا ولم يكونوا فيها ، قيل : لأن الذين اتبعوا شعيباً كانوا في دينهم وإلاَّ فشعيب ( عليه السلام ) لم يكن على ملتهم ، وقيل : قالوا هذا القول على وجه التلبيس والايهام على العوام يوهمون عليهم كانوا منهم ، وقيل : أن شعيباً وقومه في بدْءِ أمرهم كانوا يخفون أمرهم فكانوا يظنون أنهم على دينهم ، قوله تعالى : { بعد إذ نجانا الله منها } أي خلصنا بلطفه وبيانه { وما يكون لنا أن نعود فيها } اختلفوا في قوله فيها الكناية إلى ماذا ترجع ؟ قيل : إلى الملة عن أكثر المفسرين ، وقيل : إلى القرية وقد تقدم ذكرها في قوله تعالى : { لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا } ، ومن قال الكناية راجعة إلى الملة اختلفوا في معنى الآية على أقوال : الأول أن المراد بالملة الشريعة وفي شريعتهم ما يجوز التعبّد به كأنه قيل : ليس لنا أن ندخل فيها إلاَّ أن يتعبّدنا الله بها وينقلنا إليها وينسخ ما نحن فيه من الشريعة ، وقيل : { إلا أن يشاء } متعبدنا بما يجوز ، وقيل : هنا على وجه البعد كما يقال لا أفعل هذا حتى يبيض الغراب وحتى يلج الجمل في سم الخياط { وسع ربنا كل شيء علماً } أحاط علمه بكل شيء فلا يخفى عليه شيء { على الله توكلنا } ، فيما يوعدنا به { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق } أي اقض بيننا ، وقيل : افصل { وأنت خير الفاتحين } أي الحاكمين { وقال الملأ الذين كفروا من قومه } ، قيل : الجماعات ، وقيل : الأشراف { لئن اتبعتم شعيباً } يعني في دينه وتركتم دينكم ، قيل : خسرتم بما يلحقكم من جهتنا من الأداء ، وقيل : خسرتم في الآخرة إذا تركتم دينكم ودين آبائكم { فأخذتهم الرجفة } قيل : الزلزلة ، وقيل : أهلكوا بالنار يعني نزلت عليهم نار من السماء فأهلكتهم ، وقيل : تزلزلت أرضهم وسقطت ديارهم ، وقيل : زلزلوا فأحاطت بهم النار فهلكوا ، وقيل : جاءهم حرّ شديد فدخلوا البيوت فدخل عليهم ثم جاءت سحابة فيها ريح طيب فخرجوا إلى البرية حتى اجتمعوا تحت السحابة رجالُهم ونساؤهم وصبيانهم فألهبها الله تعالى ناراً ، وزلزلت الأرض ، فاحترقوا وصاروا رماداً ، وهو قوله تعالى : { فأخذهم عذاب يوم الظلة } [ الشعراء : 189 ] ، قوله تعالى : { كأن لم يغنوا فيها } كأن لم يعيشوا ولم ينزلوا ولم يقيموا ، وقال : { يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي } ، قيل : قاله قبل نزول العذاب ، وقيل : قاله لمن بقي معه من المؤمنين ، قوله تعالى : { فكيف آسى } أي أحزن .