Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 1-4)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تفسير سورة يونس وهي مكية كلها { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } . قوله : { الۤر } . ذكروا أن علياً قال : الۤر وحَمَ ، ونون : الرَّحمن . وكان الكلبي يقول في هذا وأشباهه : هو من الذي قال الله فيه : { وَاُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } [ آل عمران : 7 ] . وكان الحسن يقول : ما أدري ما تفسير الۤر وأشباه ذلك ، غير أن قوماً من السلف كانوا يقولون : أسماء السور وفواتحها . قوله : { تِلْكَ ءَايَاتُ الكِتَابِ الحَكِيمِ } أي : هذه آيات الكتاب الحكيم . أي المحكم ؛ أحكمت آياته بالأمر والنهي . قوله : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً } على الاستفهام { أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، أي : إنه ليس بِعَجَبٍ . وقد قال في آية أخرى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ القُرَى } [ يوسف : 109 ] ؛ ولم يبعث الله رسولاً من أهل البادية ، ولا من الجن ، ولا من النساء . قوله : { أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ } أي : عذاب الله في الدنيا والآخرة إن لم يؤمنوا ، كما أهلك قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم حين كذبوا رسلهم . وهذا جواب من الله لقول المشركين حيث قالوا : { وَانطَلَقَ المَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى ءَالِهَتِكُمْ } أي على عبادتها { إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } [ سورة ص : 6 ] . وقال في الآية الأخرى : { إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } [ سورة ص : 5 ] . فقال الله : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا } أي بأن أوحينا { إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ } يعرفونه ويعرفون نسبه . قوله : { وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ } أي سلف صدق عند ربهم أي إنهم يثابون به الجنة . كقوله : { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } [ الروم : 44 ] . { قَالَ الكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ } يعنون القرآن . وبعضهم يقرأون : { لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ } يعنون النبي ، وهم مشركو العرب . فأراد الله أن يحتج عليهم وأن يبيّن لهم ؛ فقال تبارك وتعالى : { إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ } ، وفيها إضمار ؛ قال في آية أخرى : { اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } [ السجدة : 4 ] { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } والأيام كل يوم ألف سنة . قال : { وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [ الحج : 47 ] . قوله : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ } . ذكروا عن الحسن أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه : " ما تسمون هذه أو قال : هذا ؟ قالوا : السماء . قال : هذه الرقيع ، موج مكفوف ، وغلظها مسيرة خمسمائة سنة ، وبينها وبين السماء التي فوقها مسيرة خمسمائة عام وغلظها خمسمائة سنة ، وبينها وبين السماء الثالثة مثل ذلك ، حتى عد سبع سماوات وأرضين هكذا . قال : وبين السماء السابعة وبين العرش كما بين سماءين . وغلظ هذه الأرض مسيرة خمسمائة سنة ، وبينها وبين الثانية مسيرة خمسمائة عام ، وبينها وبين الثالثة مسيرة خمسمائة عام حتى عدَّ سبع أرضين هكذا " ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أذن لي أن أحدّث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى ، وعلى قرنه العرش . وَبَيْنَ شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطير مسيرة سبعمائة سنة يقول : سبحانك حيث كنت " قوله : { يُدَبِّرُ الأَمْرَ } قال الحسن : يعني في خلقه ، ما يحيي ويميت ، وما يرزق ويفعل . وهو كقوله : { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } [ الرحمن : 29 ] . وقال مجاهد : يدبّره أي : يقضيه . قوله : { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ } يقول : ليس أحد يشفع يوم القيامة إلا أن يؤذن له . كقوله : { مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [ البقرة : 255 ] وكقوله : { وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى } [ الأنبياء : 28 ] وقال : { مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } [ غافر : 18 ] . قوله : { ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } يوم القيامة . يقول : إن الذي خلق السماوات والأرض ، ثم استوى على العرش ، يدبر الأمر ، والذي لا يشفع عنده إلا بإذنه ، هو ربكم ، أي فإن ذلكم الله ربكم فاعبدوه . أفلا تذكرون . إليه مرجعكم جميعاً ، يعني البعث يوم القيامة لأنهم لا يقرون بالبعث . قوله : { وَعْدَ اللهِ حَقّاً } [ أي في المرجع إليه ] { إِنَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } وهو كقوله : { قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنشِىءُ النَّشْأَةَ الأَخِرَةَ } [ العنكبوت : 20 ] أي : يوم القيامة . وقال مجاهد : { إِنَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } : يحييه ثم يميته ، ثم يبدؤه فيحييه . قال : { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالقِسْطِ } أي : بالعدل ، أي : يجريهم الجنة . { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ } وهو الذي قد انتهى حرّه . { وَعَذَابٌ أَلِيمٌ } أي موجع { بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ } . أي : إن ذلك جزاؤهم بما كانوا يكفرون .