Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 37-40)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا } أي : بأمرنا { وَوَحْيِنَا } أي : وبوحينا فعملها على مثل جؤجؤ الطير . قال بعضهم : رأسها مثل رأس الحمامة ، وذنبها مثل ذنب الديك . قوله : { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ } ، أي : ولا تراجعني في الذين ظلموا أنفسهم بشركهم { إِنَّهُم مَّغْرَقُونَ } . قال : { وَيَصْنَعُ الفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ } أي : إن نوحاً عمل الفلك بيده ، فكان يمر عليه الملأ من قومه ، فيقولون له استهزاءً به : يا نوح ، بينما تزعم أنك رسول رب العالمين إذ صرت نجّاراً . { قَالَ } لهم : { إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } . وكان الرجل من قومه يأخذ بيد ابنه فيذهب به إلى نوح فيقول : يا بُنَيّ ، لا تطع هذا ، فإن أبى قد ذهب بي إليه ، وأنا مثلك ، فقال لي : لا تطع هذا . قوله : { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } يعني عذاب الدنيا ، أي : الغرق . قال : { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } أي : دائم في الآخرة . وهي تقرأ على وجهين : يحِل ويحُل ؛ فمن قرأها : ويحل ، أي : يجب . ومن قرأها : ويحُل : أي وينزل به . قوله : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ } والتنور في تفسير الحسن : الباب الذي يجتمع فيه ماء السفينة ؛ ففار منه الماء ، والسفينة على الأرض . [ فكان ذلك علامة لإِهلاك القوم ] . وقال بعضهم : التنور عين ماء كانت بالجزيرة يقال لها التنور . وبعضهم يقول : كان التنور في أقصى داره . وقال بعضهم : كان التنور أعلى الأرض وأشرفها . وقال مجاهد : { وَفَارَ التَّنُّورُ } حين ينبجس الماء منه . فأوحى الله إليه إذا فار التنور أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين ، وهو قوله : { قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ } أي : من كل صنف اثنين . والزوج هو الواحد ، والزوجان اثنان . وقال مجاهد : ذكر وأنثى من كل صنف . فحمل فيها من جميع ما خلق الله من البهائم والهوام والسباع والدواب ، دوابّ البر والبحر والطير والشجر . وشكوا إلى نوح في السفينة الزبل ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نوح أن يمسح بيده على ذنب الفيل ، ففعل ؛ فخرج منه خنزيران كانا يأكلان الزبل . وشكوا إليه الفار ، فأوحى الله إلى الأسد ، أي ألقى في قلبه ، مثل قوله تعالى : { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ } [ النحل : 68 ] ، فعطس الأسد فخرج من منخريه سنّوْران فكانا يأكلان الفار . وشكوا إلى نوح عرامة الأسد ، فدعا عليه نوح فسلط الله عليه الحمى ، فقال له نوح : " إزناتاعت لسري " وهي بالسريانية . فقال له نوح : أيها الأسد : أتريد لحماً ؟ فأومأ الأسد : لا . قوله : { وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ } أي : الغضب ، وهو ابنه الذي غرق ، وقال الحسن : { مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ } أي : كل من غرق يومئذٍ . وقال الحسن : وأهلك إلا من سبق عليه القول : { وَمَنْ ءَامَنَ } يقول : احمل أهلك ومن آمن . وهم الذين كانوا في السفينة ، هم أهله ، وهم الذين آمنوا إلا من سبق عليه القول . قال : { وَمَا ءَامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } . قال بعضهم : لم ينج في السفينة إلا نوح وامرأته وثلاثة بنين له : سام وحام ويافث ونساؤهم ، فجميعهم ثمانية . ذكروا عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سام أبو العرب ، وحام أبو الروم ، ويافث أبو الحبش " قال الحسن : وكان طول السفينة ألف ذراع ومائتي ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، مطبِّقَة تسير ما بين الماءين ، بين ماء السماء وماء الأرض . وقال بعضهم : كان طول السفينة ثلاثمائة ذراع ، وعرضها خمسين ذراعاً ، وطولها في السماء ثلاثين ذراعاً ، وبابها في عرضها . وإنما استقلَّت بهم في عشر خلون من رجب ، وكانت بهم في الماء خمسين ومائة يوم ، واستقرّت بهم على الجودي شهراً ، وأهبطوا إلى الأرض في عشر خلون من المحرم . قال : وذكر لنا أن نوحاً عليه السلام بعث الغراب لينظر إلى الماء ، فوجد جيفة ، فوقع عليها ، فبعث الحمامة فأتته بورقة زيتون ، فأعطيت الطوق الذي في عنقها ، وخضاب رجليها . وأن السفينة لما مرّت بالبيت طافت به أسبوعاً . قال : وكان للسفينة ثلاثة أبواب ، باب للسباع والطير ، وباب للبهائم ، وباب للناس . وفصل بين الرجال والنساء بجسد آدم عليه السلام ، حمله معه نوح . وكان إبليس على الكوثل ، وهو ذنب السفينة . فعرض عليه نوح التوبة ، فقال إبليس : كيف أصنع ؟ قال تسجد لجسد آدم ، أي : بالوحي قال : ما سجدت له حياً فكيف أسجد له ميتاً .