Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 9-11)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } الغيب السرّ ، والشهادة العلانية . { الكَبِيرُ المُتَعَالِ } أي : المتعالي عما قال المشركون . قوله : { سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ القَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ } . قال بعضهم : فيها تقديم . يقول : من أسر القول ومن جهر به ذلك عند الله سواء ، سره وعلانيته . { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالَّيْلِ } أي : يعمل الذنوب والمعاصي سرّاً بالليل { وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ } أي : وظاهر بالنهار . وقال الكلبي : { مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ } : يعمل الذنوب والمعاصي سراً بالليل ، { وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ } : أي : خارج بالنهار ومُعَالِنٌ لتلك الذنوب بالنهار ، يقول : الليل والنهار والسر والعلانية عنده سواء . قوله : { لَهُ مُّعَقِّبَاتٌ } أي : لهذا المستخفي وهذا السارب معقبات { مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ } فيها تقديم : أي : له معقبات من بين يديه ومن خلفه ، من أمر الله ملائكة يحفظونه . قال مجاهد : الملائكة من أمر الله بالليل والنهار . وإنهم يجتمعون عند صلاة الصبح وعند صلاة المغرب . وبعضهم يقول : يحفظونه من أمر الله ، أي : بأمر الله . وقال بعضهم : هم ملائكة الله يتعاقبونكم . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، فيجتمعون عند صلاة الصبح وعند صلاة العصر فيسألهم ربهم ، وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلّون وتركناهم وهم يصلّون " ذكر مجاهد قال : ما من آدمي إلا ومعه ملكان يحفظانه في ليله ونهاره ، ونومه ويقظته ، من الجن والإِنس والدواب والسباع والهوام ، وأحسبه قال : والطير ، كلما أراده شيء قالا : إليك حتى يأتي القدر . وقال بعض أصحاب النبي عليه السلام : ما من آدمي إلا ومعه ملكان : ملك يكتب علمه ، وملك يقيه ما لم يقدر له . وقال الحسن : إن الملائكة المعقبات الذين يتعاقبون بالليل والنهار أربعة أملاك : ملكان بالليل وملكان بالنهار . ذكر بعضهم أن في مصحف أبي بن كعب : له معقّبات من بين يديه ، ورقيب من خلفه . وتفسير الكلبي { يَحْفَظُونَهُ } أي : يحفظون عمله ؛ كقوله : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [ الانفطار : 10 - 12 ] ، وهم يتعاقبون ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، يتعاقبون ببني آدم ويحفظون أعمالهم . قوله : { إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ } . وقال في الآية الأخرى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ } [ سورة إبراهيم : 28 ] ، وذلك أن الله ، إذا بعث إلى قوم رسولاً فكذبوه ، أهلكهم . كقوله : { وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } [ النحل : 12 ] وهم أهل مكة { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } [ النحل : 113 ] . وذلك العذاب هو الجوع الذي كان أصابهم ، ثم عذِّبوا بعد ذلك بالسيف يوم بدر . قال : { وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً } يعني عذاباً { فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } يمنعهم من عذاب الله .