Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 27-29)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الأَخِرَةِ } . بلغنا عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : إن المؤمن إذا وضع في قبره ورجع عنه أصحابه أتاه ملك فأجلسه ، ثم يقول له : من ربك ؟ فيقول : الله ربي . ثم يقول له : وما دينك ؟ فيقول : الإِسلام . ثم يقول له فمن نبيك ؟ فيقول : محمد صلى الله عليه وسلم . فيقال له : صدقت . ثم يفتح له باب إلى النار ، ثم يقال له : انظر إلى هذه النار التي لو أنك كذبت صرت إليها ، وقد أعاذك الله منها . ثم يفتح له باب إلى الجنة ، ثم يقال له : هذه الجنة ، ثم يرى منزله فيها فلا يزال يأتيه من ريح الجنة وبردها ، حتى تأتيه الساعة . وإن الكافر إذا وضع في قبره ، ورجع عنه أصحابه أتاه مَلَك فأجلسه ، ثم قال له : من ربك ؟ فيقول : لا أدري ، ثم يقول له : من نبيّك ؟ فيقول له : لا أدري ، فيقال له : لا دريت ، ثم يفتح له باب إلى الجنة فينظر إليها : ثم يقال له : هذه الجنة التي لو أنك آمنت بالله ، وصدقت رسوله ، وعملت بفرائضه صرت إليها ، لن تراها أبداً ، ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له : هذه النار التي أنت صائر إليها ، ثم يضيق عليه قبره ، ثم يضرب ضربة لو أصابت جبلاً ارفض ما أصابت منه ، قال : فيصيح عند ذلك صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين . قال : فهو قوله : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة . قال : { وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ } . ذكر جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن هذه الأمة تبتلى في قبورها . إذا أدخل المؤمن قبره وتولىعنه أصحابه جاءه ملك شديد الانتهار فيقول له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : إنه رسول الله وعبده . فيقول : انظر إلى مقعدك الذي كان لك من النار ، قد أعاذك الله منه ، وأبدلك بمقعدك الذي ترى من النار مقعدك الذي ترى من الجنة ، فيراهما كليهما ، فيقول المؤمن : دعوني أبشر أهلي ، فيقال له : اسكن . وأما المنافق فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، أقول ما يقول الناس ، فيقال له : لا دريت ، هذا مقعدك الذي كان لك من الجنة قد أبدلت مكانه مقعدك من النار " . قال جابر : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يبعث كل عبد في القبر على ما مات عليه ؛ المؤمن على إيمانه ، والمنافق على نفاقه " ذكر البراء بن عازب " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبع جنازة رجل من الأنصار ، فلما انتهى إلى قبره وجده لم يلحد . فجلس وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير ، وبيده عود ينكث به الأرض ، ثم رفع رأسه فقال : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر " قالها ثلاثاً . " إن المؤمن إذا كان في قِبَل من الآخرة وانقطاع من الدنيا أتته ملائكة وجوههم كالشمس بحنوطه وكفنه ، فجلسوا منه بالمكان الذي يراهم منه . فإذا خرج روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض ، وكل ملك في السماوات ، وفتحت أبواب السماء ، كل باب منها يعجبه أن تصعد روحه منه . فينتهي الملك إلى ربه فيقول : يا ربّ ، هذا روح عبدك . فيصلي الله عليه وملائكته ويقول : ارجعوا بعبدي وأرُوه ما أعددت له من الكرامة ، فإني عهدت إلى عبادي أني مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ [ سورة طَهَ : 55 ] فيرد إليه روحه حتى يوضع في قبره . وإنه ليسمع قرع نعالهم حتى ينطلقون عنه ، فيقال : من ربّك ، وما دينك ، ومن نبيّك ؟ فيقول : الله ربّي ، والإِسلام ديني ، ومحمد نبيّي ، فنادى منادٍ : { يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الأَخِرَةِ } . ويأتيه عمله في صورة حسنة وريح طيبة فيقول : أبشر بحياة فيها نعيم مقيم ، فقد كنت سريعاً في طاعة الله ، بطيئاً عن معصية الله ، فيقول : وأنت فبشّرك الله بخير ، فمثل وجهك يبشّر بالخير ، فمن أنت ؟ فيقول : أنا عملك الحسن . فيفتح له باب من أبواب النار فيقال له : هذا منزلك ، فأبدلك الله خيراً منه . ثم يفتح له منزله من الجنة ، فينظر ماذا أعد الله له من الكرامة فيقول : يا رب متى تقوم الساعة كي ارجع إلى أهلي ومالي ، فيوسّع له في قبره ويرقد . وأما الكافر فإذا كان في قِبَل من الآخرة وانقطاع من الدنيا أتته الملائكة بسرابيل من قطران ، ومقطعات من نار . فجلسوا منه بالمكان الذي يراهم . وينتزع روحه كما ينتزع السّفود الكثير شعبه من الصوف المبتل من عروقه وقلبه . فإذا خرج روحه لعنه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماوات ، وغلقت أبواب السماء دونه ، كل باب يكره أن يصعد روحه منه . فينتهي لملك إلى ربه فيقول : يا ربّ هذا روح عبدك فلان لا تقبله أرض ولا سماء ، فيلعنه الله وملائكته فيقول : ارجعوا بعبدي فأروه ما أعددت له من الهوان ، فإني عهدت إلى عبادي أني منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم . فيردّ إليه روحه حتى يوضع في قبره ، وإنه ليسمع قرع نعالهم حين ينصرفون عنه . فيقال له : ما دينك ومن ربك ؟ فيقول : لا أدري . فيقال له : لا دريت . فيأتيه عمله في صورة قبيحة وريح منتنة فيقول : أبشر بعذاب مقيم ، فيقول : وأنت فبشّرك الله بشرّ ، فمثل وجهك يبشّر بالشر ، فمن أنت ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث . ثم يفتح له باب من أبواب الجنة فيقال له : هذا منزلك لو أطعت الله . ثم يفتح له منزله من النار فينظر إلى ما أعدّ الله له من الهوان ، ويُقيَّض له أصم أعمى بيده مرزبة لو توضع على جبل لصار رفاتاً ، فيضربه ضربة فيصير رفاتاً . ثم يعاد فيضربه بين عينيه ضربة يصيح بها صيحة يسمعها من على الأرض إلا الثقلين ، وينادي منادٍ أن أفرشوه لوحين من النار ، فيفرش لوحين من نار ، فيضيّق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه " . قوله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً } أي : نعمة الله التي أنعمها عليهم جعلوامكانها كفراً . كقوله : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } [ الواقعة : 82 ] أي : تجعلون مكان شكر النعمة تكذيباً وكفراً . فكان كفر المشركين تكذيباً ، وكان كفر المنافقين كفراً لأنعم الله ، لم يشكروها . وإذا لم تشكر النعم فقد كفرت . قوله : { وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ القَرَارُ } [ هم المشركون من أهل بدر ] أخرجوا قومهم إلى قتال النبي صلى الله عليه وسلم ببدر ؛ يعني أخرج بعضهم بعضاً فقتلهم الله ببدر فحلوا في النار . وقوله : { دَارَ البَوَارِ } ، أي : دار الفساد ، أي : أفسدت أجسادهم في النار . وقال الحسن : دار البوار شرهم ، قوله : { وَبِئْسَ القَرَارُ } ، أي : وبئس المأوى والمنزل الذي استقروا فيه فصار قرارهم .