Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تفسير سورة بني إسرائيل وهي مكية كلها . { بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قوله : { سُبْحَانَ } يعني نفسه وينزّهُها { الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم { لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى } يعني بيت المقدس . { الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا } يعني ما أراه الله ليلة أُسْرِيَ به . ذكروا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان إذ سمعت قائلاً يقول : أحد الثلاثة بين الرجلين . فأُتِيتُ ، فَانْطُلِقَ بِي . فأُتِيت بطست من ذهب ، فيها من ماء زمزم ، فشُرِح صدري إلى مكان كذا وكذا . [ قال قتادة : فقلت للذي معي : ما يعني ] قال : يعني إلى أسفل بطني . فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم ، ثم كنز أو قال حشي إيماناً وحكمة ، ثم أعيد مكانه . ثم أُتيت بدابة أبيض يقال له البراق ، فوق الحمار ودون البغل ، يضع خطوه عند أقصى طرفه ، فحُملت عليه . ثم انطلقا حتى أتينا السماء الدنيا . فاستفتح جبريل ؛ فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد عليه السلام . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . ففتِح لنا ، فقالوا : مرحباً به ، ولنعم المجيء جاء . قال : فأتيت على آدم ، فقلت لجبريل : من هذا ؟ قال أبوك آدم . فسلّمت عليه فقال : مرحباً بالابن الصالح والنبيّ الصالح . ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الثانية ، فاستفتح جبريل فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ؛ قيل : ومن معك ؟ قال : محمد عليه السلام . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . ففتح لنا ، وقالوا : مرحباً به ، ولنعم المجيء جاء . فأتيت على يحيى وعيسى ، فقلت : يا جبريل ، من هذان ؟ قال : هذان يحيى وعيسى ، وأحسب أنه قال : ابنا الخالة . فسلّمت عليهما فقالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الثالثة ، فكان نحو هذا من كلام جبريل وكلامهم . فأتيت على يوسف ، فقلت : يا جبريل : من هذا ؟ قال : هذا أخوك يوسف ، فسلّمت عليه ، فقال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الرابعة . فأتينا على إدريس فقلت : من هذا يا جبريل ، فقال : هذا أخوك إدريس ، فسلّمت عليه ، فقال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح " وعندها قال : [ قتادة ] قال الله : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِياً } [ مريم : 57 ] " فانطلقنا حتى أتينا السماء الخامسة ، فأتينا على هارون ، فقلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك هارون . فسلّمت عليه ، فقال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم انطلقنا حتى أتينا السماء السادسة ، فأتيت على موسى فقلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى ، فسلّمت عليه فقال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . فلما جاوزته بكى ؛ فقيل له : وما يبكيك ؟ قال : رَبِّ ، هذا غلام بعثته بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخل من أمتي . ثم انطلقنا حتى أتينا السماء السابعة فأتينا على إبراهيم ، فقلت : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم . فسلّمت عليه فقال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح . ثم رفع لنا البيت المعمور بحيال الكعبة فقلت : يا جبريل ما هذا ؟ قال : هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لا يعودون فيه أخر ما عليهم . ثم رفعت لنا سدرة المنتهى ؛ فحدّثَ نبيُّ الله أن ورقها مثل آذان الفِيَلة ، وأن نبقها مثل قلال هجر . وحدّث نبيّ الله أنه رأى أربعة أنهار يخرجن من تحتها : نهران باطنان ونهران ظاهران . فقلت يا جبريل ما هذه الأنهار ؟ فقال : أما النهران الباطنان فنهران بالجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات . وأُتِيت بإناءين أحدهما لبن والآخر خمر ، فعُرِضا عليّ فأخذت اللبن ؛ فقيل لي : أصبت ، أصاب الله بك أمتك على الفطرة . وفُرِضَت عليّ خمسون صلاة ، أو قال : أمرت بخمسين صلاة كل يوم . فجئت بهن ، حتى أتيت على موسى فقال لي : بِم أُمرت ؟ فقلت : بخمسين صلاة كل يوم . فقال : إن أمتك لا يطيقون ذلك ؛ إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، ارجع إلى ربك وسله التخفيف لأمتك . فما زلت أسأل ربي ويقول لي موسى مثل مقالته هذه حتى رجعت بخمس صلوات كل يوم . فلما أتيت عليه قال لي : بم أمرت . قال : فقلت بخمس صلوات كل يوم . فقال : إن أمتك لا يطيقون ذلك . إني قد بلوت الناس من قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، راجع ربّك واسأله التخفيف لأمتك . فقلت : لقد راجعت ربي حتى لقد استحييت ، ولكني أرضى وأسلِّم . قال : فنوديت ، أو نادى منادٍ : إني قد أمضيت فريضتي وخفّفت عن عبادي وجعلت الحسنة بعشر أمثالها " . فانتهى هذا الحديث إلى ها هنا . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أُتِي بالبراق ليركبه استصعب ، فقال له جبريل : اسكن ، فوالذي نفس محمد بيده ما ركبك مخلوق أكرم على الله منه . قال : فارفضّ عرقاً وقرّ . وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مررت ليلة أسري بي على رجال تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : هؤلاء خطباء من أمتك يأمرون الناس بالخير والبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون " ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بينما أنا في الجنة إذ أنا بنهر حافاته قباب اللؤلؤ المجوّف ، فضربت بيدي إلى مجرى الماء فإذا مسك أذفر . فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ فقال : هذا الكوثر الذي أعطاك الله " وذكر بعض أصحاب النبي عن النبي عليه السلام هذا الحديث غير أنه أغزر منه وأطول ، فيه ما ليس في الحديث الأول . قال : بينما أنا في البيت إذ أتيت ، فشق النحر ، فاستخرج القلب ، فغسل بماء زمزم ، ثم أعيد مكانه . ثم أتيت بدابة أبيض يقال له البراق ، فوق الحمار ودون البغل ، مضطرب الأذنين ، يقع خطوه عند منتهى طرفه . فحملت عليه فسار بي نحو بيت المقدس ؛ فإذا منادٍ ينادي عن يمين الطريق : يا محمد ، على رسلك أسألك ، يا محمد على رسلك أسألك ، يا محمد على رسلك أسألك . فمضيت ولم أعرج عليه . ثم إذا أنا بمنادٍ ينادي عن يسار الطريق : يا محمد ، على رسلك أسألك ، يا محمد على رسلك أسألك ، يا محمد على رسلك أسألك ، ولم أعرج عليه . ثم إذا بامرأة على قارعة الطريق ، أحسبه قال : حسناء جملاء ، عليها من كل الحليّ والزينة ، ناشرة شعرها ، رافعة يديها تقول : يا محمد ، على رسلك أسألك ، يا محمد على رسلك أسألك ، يا محمد على رسلك أسألك . فمضيت ولم أعرج عليها حتى انتهيت إلى بيت المقدس ، فأوثقت الدابة بالحلقة التي يوثق بها الأنبياء . ثم دخلت المسجد فصلّيت فيه ركعتين ثم خرجت . فأتاني جبريل بإناءين : إناء من لبن وإناء من خمر . فتناولت اللبن فقال : أصبت الفطرة . ثم قال لي جبريل : يا محمد ، ما رأيت في وجهتك هذه ؟ قلت : سمعت منادياً ينادي عن يمين الطريق : يا محمد على رسلك أسألك ، يا محمد على رسلك أسألك ، يا محمد على رسلك أسألك . قال : فما صنعت ؟ قلت : مضيت ولم أعرّج عليه . قال : ذلك داعية اليهود . أما إنك لو عرّجت عليه لتهوّدت أمتك . قلت : ثم ماذا ؟ قلت : ثم إذا أنا بمنادٍ ينادي عن يسارِ الطريق : يا محمد على رسلك أسألك ، يا محمد على رسلك أسألك ، يا محمد على رسلك أسألك ، قال : فما صنعت ؟ قلت : مضيت ولم أعرج عليه . قال : ذلك داعية النصارى . أما إنك لو عرّجت عليه لتنصّرت أمتك . قلت : ثم إذا أنا بامرأة على قارعة الطريق ، أحسبه قال : حسناء جملاء عليها من كل الحليّ والزينة ، ناشرة شَعرَها ، رافعة يديها ، تقول : يا محمد على رِسلك أسألك ، يا محمد على رِسلك أسألك ، يا محمد على رِسلك أسألك . قال : فما صنعت ؟ قلت : مضيت ولم أعرّج عليها . قال : تلك الدنيا ؛ أما إنك لو عرجت عليها لمِلت إلى الدنيا . ثم أتينا بالمعراج فإذا أحسن ما خلق الله ، ألم تَرَ إلى الميّت حيث يشقّ بصره ، فإنما يبعه المعراج عجباً به . ثم تلا هذه الآية : { تَعْرُجُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [ المعارج : 4 ] فقعدنا فيه ، فعرج بنا حتى انتهينا إلى باب السماء الدنيا ، وعليها ملك يقال له : إسماعيل ، جنده سبعون ألف ملك ، جند كل ملك سبعون ألف ملك ، وتلا هذه الآية : { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } [ المدثر : 31 ] فاستفتح جبريل فقال : من هذا ؟ قال جبريل ؛ قيل : ومن معك ؟ قال محمد . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا مرحباً به ، ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا . فأتيت على آدم ، فقلت : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا أبوك آدم . فرحّب بي ودعا لي بخير . قال : وإذا الأرواح تعرض عليه . فإذا مرّ به روح مؤمن ، قال : روح طيّب ورائحة طيّبة ، وإذا مرّ به روح كافر قال روح خبيث ورائحة خبيثة . قال : ثم مضيت فإذا أنا بأخاوين عليها لحوم منتنة وأخاوين عليها لحوم طيبة وإذا رجال ينهسون اللحوم المنتنة ويدَعون اللحوم الطيّبة ، فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الزناة يَدَعُون الحلال ويبتغون الحرام . قال : ثم مضيت فإذا أنا برجال تُفَكَّ أَلْحِيهِم وآخرين يجيئون بالصخور من النار فيقذفونها في أفواههم فتخرج من أدبارهم . قال : قلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً . ثم تلا هذه الآية : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } [ النساء : 10 ] . قال : ثم مضيت فإذا أنا بقوم يقطع من لحومهم بدمائهم فيُضْفَزُونها ولهم جؤار ؛ فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الهمّازون اللّمّازون ، ثم تلا هذه الآية : { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } [ الحجرات : 12 ] قال : وإذا أنا بنسوة معلقات بثُدِيهن ، وأحسبه قال : وإذا حيّات وعقارب ينهشنهن ؛ فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الظؤورة اللاتي يقتلن أولادهن . قال : ثم أتيت على سابلة آل فرعون حيث ينطلق بهم إلى النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ؛ فإذا رأوها قالوا ربنا لا تقومن الساعة لما يرون من عذاب الله ، وإذا أنا برجال بطونهم كالبيوت يقومون فيقعون لظهورهم ولبطونهم فيأتي عليهم آل فرعون فيثردونهم بأرجلهم ثرداً . فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا . ثم تلا هذه الآية : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ } [ البقرة : 275 ] . ثم عرج بنا حتى انتهينا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحباً به ، ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة بحيى وعيسى . فرحبا بي ، ودعوا لي بخير . ثم عرج بنا حتى انتهينا إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبريل فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحباً به ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا فإذا أنا بيوسف ، وإذا هو قد أعطى نصف الحسن ، قال : فرحب بي ودعا لي بخير . ثم عرج بنا حتى انتهينا إلى السماء الرابعة ، فاستفتح جبريل . فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال نعم . قالوا : مرحباً به ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا فإذا أنا بإدريس . فرحب بي ودعا لي بخير . ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة ، فاستفتح جبريل فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال محمد . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحباً به ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا . فإذا أنا بهارون . وإذا لحيته شطران : شطر أبيض وشطر أسود . فقلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا المحبب في قومه وأكثر من رأيت تبعاً . فرحب بي ودعا لي بخير . ثم عرج بنا حتى انتهينا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل . فقيل من ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل أوقد بعث إليه ؟ قال نعم . قالوا : مرحباً به ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا فإذا أنا بموسى ، وإذا هو رجل أشعر ، لو لبس قميصين لنفذهما الشعر . فقلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى . فرحب بي ودعا لي بخير . قال : فمضيت ، ثم سمعت موسى يقول : يزعم بنو إسرائيل أني أكرم الخلق على الله ، وهذا أكرم على الله مني . ولو كان النبي وحده لهان عليّ ، ولكن النبي ومن تبعه من أمته . ثم عرج بنا حتى انتهينا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل ، فقيل له : من هذا قال جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال محمد . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحباً به ولنعم المجيء جاء . ففتح لنا . فأتيت على إبراهيم فإذا هو مستند إلى البيت المعمور ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى أن تقوم الساعة . فقلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم . فسلمت عليه . فرحب بي ودعا لي بخير . فإذا أمتي عنده شطران : شطر عليهم ثياب بيض ، وشطر عليهم ثياب رمد ؛ فدخل أصحاب الثياب البيض واحتبس الآخرون . فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً . وكل إلى خير . ثم قيل لي : هذه منزلتك ومنزلة أمتك . ثم تلا هذه الآية : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 68 ] . قال : ثم انتهينا إلى سدرة المنتهى فإذا أحسن ما خلق الله ، وإذا الورقة من ورقها لو غطّيت بها هذه الأمة لغطّتها . ثم انفجر من تحتها السلسبيل ، ثم انفجر من السلسبيل نهران : نهر الرحمة ونهر الكوثر ؛ فاغتسلت من الرحمة فغُفِر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر . ثم أعطيت الكوثر فسكلته حتى انفجر بي في الجنة ، فإذا طيرها كالبخت ، وإذا الرّمانة من رمانها كجلد البعير المقّتب . قال : ونظرت إلى جارية فقلت : لمن أنت يا جارية ؟ فقالت : ليزيد بن حارثة . قال : فبشّرت بها زيداً . قال : ثمّ نظرت إلى النار ، فإذا إِنَّ عذاب ربي لشديد ، لا تقوم له الحجارة ولا الحديد . قال : ثم إني رُفِعت إلى سدرة المنتهى فغشّاها من أمر الله ما غشّى ، ووقع على كل ورقة منها ملك ، وأيّدها الله بأيده ، وأوحى لي ما أوحى ، وفرض عليّ في كل يوم وليلة خمسين صلاة . فرجعت إلى موسى فقال : ما فرض عليك ربك ؟ فقلت : فرض عليّ في كل يوم وليلة خمسين صلاة . قال ارجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك ، فإن أمتك لا تطيق ذلك ، وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم . قال : فرجعت إلى ربي ، فقلت : أي ربّ حُطَّ عن أمتي ، فإن أمتي لا تطيق ذلك . فحطّ عني خمساً . فرجعت إلى موسى عليه السلام فقال : ما فرض عليك ربك ؟ قال : قلت : حطّ عني خمساً . فقال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك لا تطيق ذلك . قال : فرجعت إلى ربي فحطّ عني خمساً . قال : فلم أزل أختلف ما بين ربي وبين موسى حتى قال : يا محمد : لا تبديل ، إنه لا يُبَدَّل القولُ لَدَيَّ ؛ هي خمس صلوات في كل يوم وليلة ، كل صلاة عشر ، فتلك خمسوة صلاة . ومن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، ومن عملها كتبت له عشراً . ومن همّ بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه ، ومن عملها كتبت عليه سيئة واحدة . قال : فرجعت إلى موسى فأخبرته ، فقال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف . فقلت : قد راجعته حتى لقد استحييت . وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مررت ليلة أسري بي على سرير وعليه ملك قائم بيده حربة . فقلت : من هذا يا جبريل ؟ فقال : إن نبياً أسري به قبلك فمر على هذا وهو قاعد ، فظن أنه ربه ، فأهوى له ساجداً ، فأقامه الله منذ يومئذٍ ليعلم أنه عبد " قوله : تعالى : { لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا } أي : ما أراه الله من الآيات والعبر في طريق بيت المقدس . قال : { إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } يعني نفسه ، لا أسمع منه ولا أبصر . قال الكلبي : لما أخبر النبي عليه السلام بذلك المشركين قال المشركون : تحدثنا أنك صليت الليلة في بيت المقدس ورجعت من ليلتك ، وهو مسيرة شهر للذاهب وشهر للمقبل . وقال بعضهم : رويدك يا محمد نسألك عن عيرنا ، هل رأيتها في الطريق ؟ قال : نعم . قالوا أين ؟ قال : مررت على عير بني فلان بالروحاء ، وقد أضلّوا ناقة ، وهم في طلبها ، فمررت على رحالهم وليس بها منهم أحد [ فوجدت في إناء من آنيتهم ماء فشربته ، فسلوهم إذا رجعوا هل وجدوا الماء في الإِناء ] . قالوا هذه والله آية بينة . قال : فمررت على عير بني فلان فنفرت مني الإِبل ساعة كذا وكذا . ووصف جملاً منها ؛ قال : كان عليه أجير بني فلان ، عليه جُوالق أسود مخطط ببياض . قالوا : هذه والله آية وقد عرفنا الجُوالق . قال : ثم مررت على عير بني فلان بالتنعيم . قالوا فإن كنت صادقاً فإنها تقدم الآن . قال : أجل . قالوا : فأخبرنا بعدتها وأحمالها ومن فيها . قال : كنت مشغولاً عن ذلك . قال : فبينما هو يحدثهم إذ مثل له عدتها وأحمالها في الحَدور يقدمها جمل أورق . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ها هي ذي منحدرة من ثنية كذا وكذا من طلوع الشمس ، يقدمها جمل أورق ، وعدتها كذا وكذا ، وأحمالها كذا وكذا ، وفيها فلان وفلان وفلان ، وسمّي الرهط الذين فيها بأسمائهم لم يغادر منهم أحداً . فخرج رهط من قريش يسعون ، قِبَل الثنية فإذا هم بها حين انحدرت من الثنية يقدمها جمل أورق كما قال . وفيها الرهط الذين سمّي مع طلوع الشمس ؛ فرموه بالسحر ، وقالوا : صدق الوليد بن المغيرة فيما قال : إنه ساحر . وجاء أبو بكر فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، حدثني ما رأيت عن يمينك حين دخلت بيت المقدس ، وما رأيت عن يسارك . فحدثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصدّقه أبو بكر وقال : أشهد أنك صادق فيومئذٍ سمّي الصديق ، فقال رسول الله : " وأنت الصديق يا أبا بكر "