Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 19-21)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكَذَلِكَ } أي : بهيئاتهم { بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } . وكانوا دخلوا الكهف في أول النهار . قال : فنظروا فإذا هو قد بقي من الشمس بقيّة ، فقالوا : أو بعض يوم . ثم إنهم شكّوا ، فردّوا علم ذلك إلى الله فـ { قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } يقوله بعضهم لبعض . قال : { فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ } أي : بدراهمكم هذه { إِلَى المَدِينَةِ } وكانت معهم دراهم { فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً } قال بعضهم : أحل طعاماً ، وقد كان من طعام قومهم ما لا يستحلون أكله قط . وقال بعضهم : أزكى أي : أطيب { فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ } أي : لا يعلمنّ { بِكُمْ أَحَداً إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ } أي : يطلعوا عليكم { يَرْجُمُوكُمْ } أي : يقتلوكم بالحجارة { أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } أي : في الكفر { وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً } أي : إن فعلتم ذلك . قال : { وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي : أطلعنا عليهم ، أي : على أصحاب الكهف ، أي : أطلعنا أهل ذلك الزمان الذي أحياهم الله فيه ، وليس بحياة النشور . قال : { لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } . وكانت تلك الأمة الذين هربوا منهم قد بادت ، وخلفت من بعدهم أمة أخرى ، وكانوا على الإِسلام . ثم إنهم اختلفوا في البعث ؛ فقال بعضهم : يُبعث الناس في أجسادهم ، وهؤلاء المؤمنون ، وكان الملك منهم ، وقال بعضهم : تبعث الأرواح بغير أجساد ، فكفروا . وهذا قول أهل الكتاب اليوم ؛ فاختلفوا . فبعث الله أصحاب الكهف آية ليُعلِمهم أن الناس يُبعثون في أجسادهم ، وقال في آية أخرى : { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ } [ النبأ : 38 ] أي : روح كل شيء في جسده ، وهو قوله : { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ } [ المطفّفين : 6 ] . فلما بعث أصحابُ الكهف صاحبَهم بالدراهم ليشتري بها طعاماً ، وهم يرون أنها تلك الأمّة المشركة الذين فرّوا منهم ، أمروا صاحبهم أن يتلطّف ولا يشعرنّ بهم أحداً . فلما دخل المدينة ، وهي مدينة بالروح يقال لها فسوس ، وكان ملكهم يقال له دقيانوس ، فأخرج الدراهم ليشتري بها الطعام اسْتُنْكِرَت الدراهم ، فأُخِذ وذُهِب به إلى ملك المدينة ، فإذا الدراهم دراهم الملك الذي فرّوا منه ، فقالوا : هذا رجل وجد كنزاً . فلما خاف على نفسه أن يعذّب أطلع على أصحابه . فقال لهم الملك : إن الله قد بيّن لكم ما اختلفتم فيه ، فأعلمكم أن الناس يبعثون في أجسادهم . فركب الملك والناس معه حتى انتهوا إلى الكهف . وتقدمهم الرجل . حتى إذا دخل على أصحابه فرآهم ورأوه ماتوا ، لأنهم قد كانت أتت عليهم آجالهم . فقال القوم كيف نصنع بهؤلاء فـ { فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ } وهم رؤساؤهم وأشرافهم ، وقال بعضهم : مؤمنوهم { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً } . ذكر عكرمة أنهم كانوا بني الأكفاء والرقباء ملوك الروم ، رزقهم الله الإِسلام ففروا بدينهم ، واعتزلوا قومهم حتى انتهوا إلى الكهف فضرب الله على أصمختهم فلبثوا دهراً طويلاً حتى هلكت أمتهم ، وجاءت أمة مسلمة . وكان ملكهم مسلماً . فاختلفوا في الروح والجسد . فقال قائلون : يبعث الروح والجسد معاً . وقال قائلون : تبعث الأرواح ، أما الأجساد فتأكلها الأرض فلا تكون شيئاً . فشق على ملكهم اختلافُهم ؛ فانطلق فلبس المسوح ، وقعد على الرماد . ثم دعا الله فقال : إنك ترى اختلاف هؤلاء ، فابعث لهم آية تبيّن لهم بها . فبعث الله لهم أصحاب الكهف . فبعثوا أحدهم ليشتري لهم من الطعام . فجعل ينكر الوجوه ويعرف الطرق ، ورأى الإِيمان في المدينة ظاهراً . فانطلق . وهو مستخف ، حتى انتهى إلى رجل ليشتري من طعامه . فلما أبصر صاحب الطعام الورِق أنكرها . قال له الفتى أليس ملككم فلاناً ؟ قال الرجل : بل ملكنا فلان . فلم يزل ذلك بينهما حتى رفعه إلى الملك . فأخبره صاحب الكهف بحديثه وأمره . فبعث الملك في الناس فجمعهم فقال : إنكم اختلفتم في الروح والجسد ، وإن الله قد بعث لكم آية وبيّن لكم الذي اختلفتم فيه ؛ فهذا رجل من قوم فلان ، يعني ملكهم الذي مضى . فقال صاحب الكهف : انطلقوا إلى أصحابي . فركب الملك وركب الناس حتى انتهوا إلى الكهف . فقال الرجل : دعوني حتى أدخل إلى أصحابي . فلما أبصرهم وأبصروه ضرب الله على أصمختهم . [ فلما استبطأوه ] دخل الملك ودخل الناس معه ، فإذا أجساد لا ينكرون منها شيئاً ، غير أنه لا أرواح فيها . فقال الملك : هذه آية بعثها الله لكم . { قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِم } ، وهو ملوكهم وأشرافهم { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً } .