Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 114-115)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا } أي لا أحَدَ أَظلم مِمَّن فعل ذلك . { أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ } . ذكر مجاهد أنهم النصارى أعانوا بختنصر على خراب بيت المقدس . وقال بعض المفسرين : هم النصارى حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بختنصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس . وذكر الكلبي أن الروم غزوا بني إسرائيل فحاصروهم ، فظهروا عليهم ، فقتلوا مقاتلتهم ، وسبوا ذراريهم ، وأحرقوا التوراة ، وهدموا بيت المقدس وألقوا فيه الجيف ، فلم يعمر حتى بناه أهل الإِسلام ، فلم يدخله رومي بعدُ إلا خائفاً . يعني قوله : { أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ } فقضى الله على الذين خرّبوه أن لهم الخزي في الدنيا . قوله : { لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ } وهو فتح مدائنهم الرومية ، وقتل مقاتلتهم ، وسبي ذراريهم ، فهذا خزيهم . { وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } أي : جهنم ؛ فلا شيء أعظم من عذابها . وإذا عظَّم الله شيئاً فهو عظيم . قال بعض المفسرين : قوله : { أوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ } أي : لا يوجد نصراني في بيت المقدس إلى اليوم إلا أُنْهِكَ عقوبةً وأُخْرِجَ منه . وقال بعضهم : { لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ } أي : الجزية يؤدّونها عن يد وهم صاغرون ، فذلك خزيهم في الدنيا . { وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . قوله : { وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا } أي وجوهكم في الصلاة { فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ } أي : فثمَّ الله . وقال بعضهم : فثمَّ قِبلة الله . { إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } . قال بعض المفسّرين : كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله بمكة . وبعدما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى بالمدينة ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس . ثم وجّهه الله بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام . فقال في آية أخرى : { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } [ البقرة : 144 ] أي : تلقاءه . فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر القبلة في حديث بعضهم . وفي حديث بعضهم : ما كان قبلها من قبلة . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر ، ونزلوا منزلاً في ليلة ظلماء بجعل أحدهم يجمع الحصباء فيجعل مسجداً فيصلي [ فلما أصبحوا إذا هم ] لغير القبلة ، فأنزل الله عز وجل : { وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا } أي : وجوهكم في الصلاة ، { فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } . ذكروا عن الكلبي عن ابن عباس أن النبي عليه السلام كان في سفر في يوم غائم فصلّوا الصلاة ، صلى بعضهم نحو المشرق وصلّى بعضهم نحو المغرب ، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية . وقال بعضهم : إن رهطاً من أصحاب النبي عليه السلام انطلقوا في سفر ، وذلك قبل أن تصرف القبلة إلى الكعبة ، فتحيّروا ، والقبلة يومئذ نحو بيت المقدس ؛ فمنهم من صلّى قِبَل المشرق ، ومنهم من صلّى قِبَل المغرب . فلما طلعت الشمس استبان لهم . فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له ، فأنزل الله : { وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } . ذكروا عن الحسن أنه سئل عن رجل صلَّى ، فلما فرغ من صلاته إذا هو لغير القبلة ، فقال : جازت صلاته . قال الله : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ } . ذكروا عن بعض السلف أنه قال : إذا صلّى ثم استبان له أنه صلّى لغير القبلة مضت صلاته ، وإن استبان له بعدما صلّى ركعة انحرف إلى القبلة فيما يستقبل .