Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 122-124)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } قد فسّرناه في الآية الأولى { وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ } أي على عالم زمانه ، ولكل زمان عالم ، أي ولكل زمان خلق . قوله : { وَاتَّقُوا يَوْماً لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ } أي فداء . وقد فسّرناه قبل هذا الموضع . { وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ } أي لا يشفع لها أحد عند الله ، لأنه لا تكون الشفاعة إلا للمؤمنين خاصة . { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } أي : لا أحد ينصرهم يومئذ ؛ كقوله : { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمُ اليَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } [ الصافّات : 25 - 26 ] . قوله : { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ } أي : عمل بهن . وقال بعضهم : فأكملهن ووفّى بهن ، وهو واحد . ذكروا عن ابن عباس أنه كان يقول : هي المناسك . وكان الحسن يقول : ابتلاه الله بأمور فصبر عليها ؛ ابتلاه الله بالكوكب والقمر والشمس فحبس نفسه في ذلك ، وعلم أن الله دائم لا يزول ، فوجَّه وجهه للذي فطر السماوات والأرض . ثم ابتلاه بالنار فصبر على ذلك . ثم ابتلاه بالهجرة ، فخرج من بلاده ومن عند قومه حتى لحق بالشام مهاجراً إلى الله . ثم ابتلاه بذبح ابنه فصبر . وابتلاه بالختان على كبر سنه فصبر على ذلك كله . ذكروا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اختتن إبراهيم بعدما أتى عليه ثمانون سنة بالقدوم " . وتفسير الكلبي أنها العشر خصال : خمسة في الرأس وخمسة في الجسد . فأما اللواتي في الرأس : فالمضمضة والاستنشاق وقصّ الشارب والسواك وفرق الرأس . وأما اللواتي في الجسد : فالاختتان وحلق العانة ونتف الإِبطين وتقليم الأظافر والاستنجاء . وقال بعضهم : ابتلي إبراهيم بعشرة أشياء ، هن في الإِنسان سنة : الإستنشاق ، وقص الشارب ، والسواك ، ونتف الإِبطين ، وتقليم الأظفار ، وغسل البراجم ، والختان ، وحلق العانة ، وغسل الدبر والفرج . قال الكلبي : فلما فعلهن سأل ربه كلمات فأعطاهن إياه . منهن قوله : { رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ } [ البقرة : 128 - 129 ] ففعل الله ذلك ، ثم زاده ما لم يسأل . { قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ } يا إبراهيم { لِلنَّاسِ إِمَاماً } يقتدون بك فيهتدون بهداك وبسنتك . فأعجب ذلك إبراهيم فـ { قَالَ } صلى الله عليه وسلم { وَمِن ذُرِّيَّتِي } وفي الآية إضمار . يقول : يا رب ومن ذريتي فاجعل إماماً ، أي من كان من ذريتي ، فأجابه ربه فـ { قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } وفي الآية إضمار فتفهموها فإنها تقضي بين الخلائق . أي لا ينال عهدي الظالمين من ذريتك ، أي : لا أجعلهم أئمة يقتدى بهم في ظلمهم . وقال مجاهد : { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ } هو قوله : { إِني جاعلك للناس إِماماً } والمقام والآيات التي في المناسك . وقال بعضهم : { لا ينال عهدي الظالمين } أي : ينقطع عهدهم في الآخرة . والتأويل ما وصف أولاً . وقال مجاهد : لا عهد لظالم في ظلم يأمرك به أن تطيعه فيه . وقول مجاهد : عدل صحيح . وقال بعضهم : ذلك يوم القيامة عند الله لا ينال عهدَه ظالم . فأما في الدنيا فقد نالوا عهد الله ؛ يعني بذلك المنافقين ؛ قال : فوارثونا بالعهد الذي أقرّوا به للمسلمين وغازوهم به وناكحوهم به : فإذا كان يوم القيامة قصر الله عهده وكرامته على أوليائه وأهل طاعته الذين أوفوا بعهده ، وأكملوا فرائضه . وهو كقوله : { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } [ البقرة : 40 ] فالوفاء بعهد الله إكمال فرائضه وإتمام شرائعه والوفاء بعهدهم أن يدخلهم الجنة إذا فعلوا ذلك .