Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 195-196)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } . ذكر البراء ابن عازب قال : كان الرجل يذنب فيلقي بيده فيقول : لا يغفر الله لي ، فلا يجاهد ، ولا يعمل ، ولا ينفق في سبيل الله . ذكروا عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال : تمتَعْ في سبيل الله ولو بسهم . وذكر بعضهم أنه قال : أعطاهم الله رزقاً ومالاً فكانوا يسافرون ويغزون ولا ينفقون أموالهم ، فأمرهم الله أن ينفقوا في سبيل الله . قال مجاهد : لا يمنعكم نفقةً في حق خيفةُ القتل . وكان الحسن يفسر : { وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } يقول : إن ترككم الإِنفاق في سبيل الله إلقاء منكم بأيديكم إلى التهلكة . والتهلكة ما أهلككم عند الله . وهذا حقيقة التأويل . وذكروا عن حذيفة أنه قال : هي في [ ترك ] النفقة . وذكروا عن الحسن أنه قال : لم يقبض رسول الله حتى صار الجهاد تطوّعاً . قوله : { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ } . أي : وأحسنوا في نفقاتكم وما افترض الله عليكم . وقال بعضهم : أمرهم أن ينفقوا في سبيل الله وأن يحسنوا فيما رزقهم الله . قوله : { وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ } . قال بعض المفسرين : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما هي حج وعمرة فمن قضاهما فقد قضى الفريضة أو قضى ما عليه . فما أصاب بعد ذلك فهو تطوع " . ذكروا عن مسروق أنه قال : أمرتم في القرآن بإقامة أربع : الصلاة والزكاة والحج والعمرة . وذكروا عنه أيضاً أنه قال : العمرة من الحج كالزكاة من الصلاة . ذكر داود بن حصين عن ابن عباس أنه قال : العمرة واجبة كوجوب الحج ، وهي الحج الأصغر . والعامة مجمعون على أن الحج والعمرة فريضتان ما خلا عبد الله بن مسعود ، فإنه كان يقول : الحج فريضة والعمرة تطوع فيقرأ على هذا التفسير بنصب الحج وبرفع العمرة ؛ يقول : والعمرةُ لله . وتقرأ العامة على حديث النبي صلى الله عليه وسلم كليهما بالنصب ، وهو العدل المأخوذ به . قوله : وأتموا الحج أي : إلى عرفات ، والعمرة إلى البيت . ذكروا عن ابن عباس أنه قال : الحج عرفات ، والعمرة الطواف . قوله : { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } [ الإِحصار أن يعرض للرجل ما يحول بينه وبين الحج من مرض أو عدو ] . إذا أهل بالحج ثم أحصر : حبسه مرض ، أو ضلّت راحلته وكل ما حبسه ، أقام محرماً وبعث بهدي ؛ فإذا نحر يوم النحر حلّ من كل شيء إلا النساء والطيب . فإن احتاج إلى شيء قبل أن ينحر الهدي الذي بعث به مما لا يفعله المحرم ، من دواء فيه طيب ، أو حلق رأس ، أو لبس ثوب لا يلبسه المحرم ، أو شيء لا يَصلُح للمحرم ، فعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك . فإذا برَأَ ، وهو قوله : { فَإِذَا أَمِنتُمْ } فمضى إلى البيت وكان حاجاً فجعلها عمرة ، ثم حج من قابل ، فعليه هدي آخر ، لأنه قد تمتع بالعمرة إلى الحج . وإن رجع إلى بلده ، أو أقام مكانه ، أقام على إحرامه ، كافاً عن النساء والطيب ، ثم حج ، فليس عليه هدي ؛ ووَقْتُ نحر هديه يوم النحر إذا كان حاجاً . وإذا كان معتمراً وقَّتَ للذي يبعث الهدي معه : يشتري يوم كذا وكذا ، ويَقدِم يوم كذا وكذا ، وينحر يوم كذا وكذا ؛ فإذا جاوز الحد حلّ له كل شيء إلا النساء والطيب ، حتى يطوف بالبيت متى طاف ، فيقضي عمرته . ويُستَحَبّ له أن ينتظر بعد اليوم الذي وقَّت أن يُنحَر الهدي فيه بيوم أو يومين مخافة ما يحدث . ذكروا في قول الله : { فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } قالوا : شاة . وذكر مجاهد عن ابن عباس أنه قال : مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ من الأزواج الثمانية ، من الضأن اثنين ، ومن المعز اثنين ، ومن الإِبل اثنين ، ومن البقر اثنين . وذكروا عن ابن عمر أنه قال : ما استيسر من الهدي من الإِبل والبقر . قوله : { وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَديُ مَحِلَّهُ } ذكروا عن عطاء أنه قال : كل هدي دخل الحَرَم ثم عطب فقد بلغ مَحِلَّه إلا هدي المتعة [ والمحصر ] فإنه لا بد له أن يهريق دماً يوم النحر . قوله : { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } . ذكر مجاهد قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ به عام الحديبية وهو محرم ، وهو يوقِد تحت قِدر له . فنكس رأسه ، فإذا الهوام تجول في رأسه ، وتتنثر على وجهه ولحيته ، فقال : أَتُؤْذِيكَ هوام رأسك يا كعب ؟ قال : نعم . فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احلقه وصم ثلاثة أيام أو أطعم فَرَقاً بين ستة ، أو اهد شاة " قال : والفَرَق ثلاثة أصواع ، كل صاع بين اثنين . قوله : { فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } يقول : من أهلَّ بعمرة في أشهر الحج ، في شوال ، أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة ثم حج من عامه فهو متمتع عليه ما استيسر من الهدي . فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله . قال عمران بن حصين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم : تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فيها القرآن . وذكر بعضهم قال : قيل لابن عباس : إنهم يروون عنك أنك تقول : من طاف البيت فقد حلّ . فقال : تلك سنة نبيّكم وإن رغمتم . ذكر عطاء عن جابر بن عبد الله أنه قال : " قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صباح أربعة مضين من ذي الحجة مهلّين بالحج . فلما طفنا بالبيت ، وصلينا الركعتين ، وسعينا بين الصفا والمروة ، أمرنا فقال : قصّروا فقصّرنا . ثم قال : أحلوا . فقلنا : يا رسول الله ، نحلّ مماذا . قال : حل ما يحل الحلال ؛ من النساء والطيب . ثم قال : فغشيت النساء ، وسطعت المجامر " وبلغنا أن بعضهم يقول : ينطلق أحدنا إلى مِنًى وذكره يقطر مَنِيّاً . فخطبهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولو لم أسق الهدي لحللت : ألا فخذوا عني مناسككم " . قال : فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج من البطحاء ، فكان الهدي على من وجد ، والصيام على من لم يجد . وأشرك بينهم في الهدي البعير عن سبعة ، والبقرة عن سبعة . قال : وكان عطاء يقول : كان طوافهم طوافاً واحداً وسعيهم سعياً واحداً لحجهم ولعمرتهم . ذكروا عن أنس بن مالك خادم النبي عليه السلام أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لبيك بالعمرة والحج جمعياً " . ذكر عمرو عن مجاهد قال : أهلّ الضبي بن معبد بالعمرة والحج فمرّ على سليمان بن ربيعة وزيد بن صوحان وهو يلبي بهما فقالا : لهذا أضل أو أقل عقلاً من جَمَل أهله . فلما قدم على عمر ذكر ذلك له فقال : هُدِيت لسنة نبيك . قوله : { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } العامة على أن صيام ثلاثة أيام في الحج قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة . ذكروا أن علياً قال : قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة . ذكروا عن ابن عمر مثل ذلك . ذكروا عن الحسن وعطاء أنهما قالا : في العشرة . ذكروا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : من يوم أن يُهِلَّ إلى يوم عرفة ، فإن فاته ذلك صام أيَّام منى . ذكروا أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومَ النحر فقال : يا أمير المؤمنين ، إني تمتّعت ولم أجد الهَدي ولم أَصُمْ . فقال : سَلْ في قومك ، ثم قال : يا مُعَيْقِيبُ . أعطه شاة . ذكروا عن سعيد بن جبير قال : يبيع ثيابه ويهريق دماً . قوله : { وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ } ذكروا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : إذا رجع إلى أهله . ذكروا عن مجاهد قال : إن شاء صامها في الطريق . قوله : { ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } أي إذا عاقب . ذكروا عن عطاء عن ابن عباس أنه قال : يا أهل مكة ، ليست لكم متعة ، فإن كنتم فاعلين لا محالة فاجعلوا بينكم وبين مكة وادياً . ذكروا عن عطاء أنه قال : قدر ما تقصر إليه الصلاة فهو من حاضري المسجد الحرام . وتفسير ذلك أنه يقول : إذا كان من وراء ذلك كانت له المتعة . وقال عطاء : من كان منها على رأس ليلة فهو من حاضري المسجد الحرام .