Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 248-249)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ءَايَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَى وَءَالُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ المَلاَئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } . قوله : { فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ } . وسار بهم أخذ بهم مفازة من الأرض فعطشوا { قَالَ } لهم نبيهم { إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُم } أي مختبركم { بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ } قال الله : { فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } . جعلوا يشربون منه ولا يروون . أما القليل فكفتهم الغرفة . ورجع الذين عصوا وشربوا . فقطع طالوت والذين معه ، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدة أهل بَدْرٍ ، وَبَدَرَهم جالوت وجنوده . { فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ قَالُوا لاَ طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللهِ } أي : صالحوهم { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ } . قال بعضهم في قوله : { أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ } يعني رحمة { وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَى وَءَالُ هَارُونَ } . قال بعضهم : كان فيه عصا موسى ، ورُضاض الألواح ؛ وكان موسى تركه عند فتاه يوشع بن نون ، وهو في البريّة ، فأقبلت تحمله الملائكة { إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } . وقال بعضهم : كان التابوت في أرض جالوت ، قد غلبوا عليه زماناً من الدهر ، فقالوا لنبيّهم : إن أتيتنا به فأنت صادق ، وطالوت ملك كما زعمت ، فدعا النبي ربَّه ، فأتاه بالتابوت حتى وضع في أرض بني إسرائيل ، فصدّقوه وعلموا أن الله هو الذي بعث طالوت ملكاً عليهم . وقال بعضهم : كان التابوت إذا قابلت بنو إسرائيل العمالقة مشى التابوت بين السماء والأرض ، والصفوف والرايات خلفه ، فكانوا ظاهرين عليهم ، حتى ظفرت العمالقة على التابوت فأخذوه فدفنوه في ملقى كناسة لهم ، وذلّت بنو إسرائيل . وألقى الله على رجال العمالقة وعلى نسائهم الناسور فقال بعضهم : ما نرى هذا الذي أصابكم إلا بما صنعتم بالتابوت ، فهل لكم أن تردوه على بني إسرائيل ؟ فقالوا : لا نفعل ؛ لكنا نحمله على بقرة ونحبس عجلها ، ثم نُوَجِّهها إلى صفوف بني إسرائيل ، فإن أراد الله أن يرجع التابوت إلى بني إسرائيل رجعت البقرة إليهم وإلا رجعت إلى عجلها . ففعلوا ، فنزل ملكان من السماء فأخذ أحدهما برأس البقرة وساقها الآخر ، حتى دخلت صفوف بني إسرائيل ؛ فذلك قوله : { تَحْمِلُهُ المَلاَئِكَةُ } : كقول الرجل : وجاء فلان يحمل . وليس يحمله هو ، وإنما تحمله الدواب . وقال بعضهم في قوله تعالى : { إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ } هو نهر بين الأردن وفلسطين وقال بعضهم هو نهر أبي فطرس . وقال الحسن في قوله : { هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا } : عسيتم أي ظننتم . إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا . { قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا } قال الله : { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } قال : لم يقبلوا ذلك وكفروا إلا قليلاً منهم . وإنما سألوا من الملك الذي بعثه الله فقال لهم : { إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً . قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْه } إِلى آخر الآية . قالوا ما آية ملكه التي يعرف بها أنه الملك ، قال : { إِنَّ ءَايَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَبِّكُمْ } . والسكينة هي الوقار في تفسير الحسن . والتابوت من خشب . قال بعضهم : بلغنا أن طوله كان ذراعين وشبراً في ذراعين وشبر . قال كان موسى يضع فيه التوراة ومتاعه ومتاع هارون ، وهم يعرفونه . وكان الله رفعه حين قبض موسى بسخطه على اليهود ، وبما أحدث القوم بعده . فقال آيَة ملكه أن يأتِيكم التابوت من السماء ، وأنتم تنظرون إليه ، فتحمله الملائكة عياناً من غير أن يكونوا رأوا الملائكة . وقال الحسن وغيره في قوله : { فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي } : كان أحدهم يغترف الغرفة بيده فتجزيه ، يعنيان المؤمنين الذين استثنى في قوله : { فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } وقال بعضهم : أما الكفار فجعلوا يشربون ، ولا يروون . وأما المؤمنون فجعل الرجل منهم يغترف غرفة فترويه وتجزيه . قال بعض المفسّرين : وهي تقرأ على وجهين : بفتح العين ورفعها : غَرفة وغُرفة . فمن قرأها { غَرفة } فهو يعني الغرفة التي اغترف [ مرة واحدة ] كما تقول : إلا من فعل الفَعلة . ومن قرأها { غُرفة } ، فهو يعني الغُرفة بعينها [ ملء اليد ] . وبعضهم يقرأها بمقرإ ثالث : إلا من اغترف غِرفة ، يقول : إلا من فعل فِعلة ، اغترف اغترافاً . { قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ } فقيل للحسن : أليس القوم جيمعاً كانوا مؤمنين ، الذين جاوزوا ؟ قال : بلى ! ولكن تفاضلوا بما سخت أنفسهم من الجهاد في سبيله . وقال بعضهم : ذكر لنا " أن نبي الله قال لأصحابه يوم بدر : أنتم اليوم بعدة أصحاب طالوت يوم لقى " وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً .