Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 30-30)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ } . في تفسير الحسن أن الله أخبر الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة ، وأن من ولده من يسفك الدماء فيها ، فقالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } [ أي : نصلي لك في تفسير بعضهم ] { قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } . وفي تفسير بعض أهل العلم أن الملائكة قد علمت من علم الله أنه ليس شيء أكره إليه من سفك الدماء والفساد في الأرض والمعاصي ، { قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } . قال علم الله أنه سيكون من تلك الخليفة أنبياء ورسل وقوم صالحون يسكنون الجنة . وقال مجاهد : علم من إبليس المعصية وخلقه لها . وفي تفسير الكلبي قال : خلق الله كل شيء قبل ءادم عليه السلام ؛ فجعل الملائكة هم عمارَ السماوات . وفي كل سماء ملائكة . ولكل أهل سماء دعاء وتسبيح وصلاة . وكل أهل سماء فوق سماء أشدُّ عبادة وأكثر دعاء وتسبيحاً وصلاة من الذين تحتهم . فكان إبليس في جند من الملائكة في السماء الدنيا . وفي تفسير بعضهم : كان إبليس مع الخزنة في السماء الدنيا : قال : وكانوا أهونَ أهل السماوات عملاً . وكان الجنّ بنو الجانّ الذي خلقه الله من مارج من نار عُمَّارَ الأرض ؛ وهو عند الحسن إبليس . وقال الكلبي : فلما وقع بينهم التحاسد والفتن اقتتلوا . فبعث الله جنداً من السماء الدنيا فيهم إبليس ، وهو رأسهم . فأمروا أن يهبطوا إلى الأرض فيُجلوا منها الجن بني الجان . فهبطوا فأجلوهم عن وجه الأرض ، فألحقوهم بجزائر البحور . وسكن إبليس والجند الذين كانوا معه الأرض ، فهان عليهم العمل فيها ، وأحبّوا المكث فيها . ثم أحب الله تبارك وتعالى أن يخلق ءادم عليه السلام وذريته ، فيكونوا هم عمّارَ الأرض ، فقال للملائكة الذين كانوا في الأرض ، يعني إبليس وأصحابه ، إني جاعلٌ في الأرض خليفة ورافعُكم منها . فوَجَدوا من ذلك وقالوا : أتجعل فيها من يُفسد فيها كما أفسدت الجن ، ويسفك الدماء كما سفكوا ، ونحن نسبّح بحمدك ونقدس لك ؟ قال : { إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } . وقد علم أنه سيكون من بني آدم من يسبح بحمده ويقدّس له ويطيع أمره . فخلق آدمَ وصوّره جسداً ينظرون إليه ويعجبون منه ، ولم يكونوا رأوا فيما خلق الله شيئاً يُشبِهُه . ذكروا أن إبليس جعل يطوف بآدم قبل أن يُنفخ فيه الروح ، فلما رآه أجوف عرف أنه لا يتمالك . ذكر بعضهم أنه جعل يطوف به ويقول : إن كنت أجوف فلي إليك سبيل ، وإن لم تكن أجوف فمالي إليك سبيل . ذكر بعضهم قال : أوّل ما خلق الله في الأرض طير وحوت ؛ فجعل الطير يخبر الحوتَ خبرَ السماء ، وجعل الحوت يخبر الطيرَ خبرَ الأرض . فلما خلق الله آدم جاء الطير إلى الحوت فقال : لقد خلق الله اليوم خلقاً كذا وكذا . فقال الحوت للطير : فإن كنت صادقاً ليستَنْزِلنَّكَ من السَّماء وليستخرجَنِّي من الماء . قال الكلبي : فأشفق إبليس عدوُّ الله منه وقال : إني لأرى صورة مخلوق سيكون له نبأ . فقال لأصحابه : أرأيتم هذا الذي لم تروا على خلقه شيئاً من الخلق إن فضِّل عليكم ما تفعلون ؟ قالوا : نطيع ربَّنا ونفعل ما يأمرنا به . قال إبليس في نفسه : إن فُضِّل عليَّ لا أطيعه ، وإن فضِّلت عليه لأُهلكَنَّه . فلما نفخ الله الروح في آدم جلس فعطس فقال : الحمد لله رب العالمين . فكان أول شيء تكلَّم به . فردّ الله عليه عند ذلك : يرحمك الله ، لهذا خلقتك ؛ لكي تسبّح باسمي وتقدّس لي . ذكر بعضهم قال : لما نفخ في آدم الروح فعطس فحمد ربه قال الله له : يرحمك ربك ، فكانت هي الرحمة التي سبقت لآدم عليه السلام .