Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 83-84)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ } أي : المرض . وقال الحسن : هو كقوله : { أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بنُصْبٍ وَعَذَابٍ } [ سورة ص : 41 ] . قال الحسن : إن إبليس قال : يا ربّ ، هل من عبيدك عبد إن سلطتني عليه امتنع مني ؟ قال : نعم ، عبدي أيوب . قال : فسلّطني عليه . قال : فسلّطه عليه ليجهد جهده ويضلّه بخباله وغروره ، فامتنع منه . قال إبليس : يا ربّ ، إنه قد امتنع مني ، فسلّطني على ماله . فسلّطه على ماله فجعل يُهلك ماله صنفاً صنفاً ، ويأتيه فيقول له : يا أيوب ، هلك مالك في كذا وكذا ، فيقول : الحمد لله ، اللهم أنت الذي أعطيتني ، وأنت الذي أخذته منّي ، إن تبق لي نفسي أحمدك على بلائك . فقال إبليس : يا ربّ ، إن أيوب لا يبالي بماله ، فسلّطني على ولده ، [ فسلطه الله عليهم ] فجعل يهلكهم واحداً واحداً حتى هلكوا جميعاً . فقال إبليس : يا رب ، إن أيوب لم يبال بولده ، فسلّطني على جسده ، فسلّطه الله عليه . فمكث سبع سنين وأشهراً حتى وقعت الأكلة في جسده . وبلغنا أن الدودة كانت تقع من جسده فيردّها في مكانها فيقول : كُلِي مما رزقك الله من لحمي . قال الحسن : فدعا ربه : { أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } [ سورة ص : 41 ] وقال في هذه الآية : { أَنّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } . فأوحى الله إليه أن اركض برجلك . فركض برجله ركضة فإذا هو يستطيع القيام ، وإذا عين فاغتسل منها ، فأذهب الله تبارك وتعالى ظاهر دائه . ثم مشى على رجليه أربعين ذراعاً ، ثم قيل له : اركض برجلك أيضاً ركضة ، فركض ركضة أخرى [ فإذا عين فشرب منها ] ، فأذهب الله تبارك وتعالى باطن دائه ، وردّ عليه أهله وأولاده وأمواله من البقر والغنم والحيوان وكل شيء أهلك بعينه . ثم أبقاه الله فيها حتى وهب الله له من نسولها أمثالها . فهو قوله : { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَءَاتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ } . وقال الحسن : إن الله أحيى أولاد أيوب بأعيانهم ، وكانوا ماتوا قبل آجالهم ، وإن الله أبقاهم حتى أعطاه من نسولهم مثلهم . ثم إن إبليس قال : يا أيوب ، وهو يأتيه عياناً ، اذبح لي سخلة من غنمك ، قال : لا ، ولا كفّاً من تراب . ذكروا عن ابن مسعود أنه كان يقول : لا يبلغ العبد الكفر والإِشراك بالله حتى يصلي لغير الله ، أو يدعو غير الله ، أو يذبح لغير الله . ذكروا عن الحسن أنه قال : إن الله تبارك وتعالى يحتج على الناس يوم القيامة بثلاثة من الأنبياء ، فيجيء العبد فيقول : رب أعطيتني في الدنيا جمالاً فأعجبت به ، ولولا ذلك لعملت بطاعتك ، فيقول الله : الجمال الذي أعطيتك في الدنيا أفضل أم الجمال الذي أعطي يوسف ؟ فيقول العبد : بل الجمال الذي أعطي يوسف . فيقول الله : إن يوسف كان يعمل بطاعتي فيحتج عليه بذلك . ويأتي العبد فيقول : يا رب ، ابتليتني في الدنيا ، ولولا ذلك لعملت بطاعتك ، فيقول البلاء : أالبلاء الذي ابتليت به في الدنيا أشد أم البلاء الذي ابتلي به أيوب ؟ فيقول العبد : بل البلاء الذي ابتلي به أيوب . فيقول الله : قد كان أيوب يعمل بطاعتي ، فيحتج عليه بذلك . ويجيء العبد فيقول : يا رب ، أعطيتني ملكاً في الدنيا فأعجبت به ، ولولا ذلك لعملت بطاعتك ، فيقول الله تبارك وتعالى : أالملك الذي أعطيتك في الدنيا أفضل أم الملك الذي أعطي سليمان بن داوود ؟ فيقول العبد : بل الملك الذي أعطي سليمان بن داوود . فيقول الله : قد كان سليمان يعمل بطاعتي ، فيحتج عليه بذلك . ذكر الحسن أن أيوب لم يبلغه شيء يقوله الناس كان أشد عليه من قولهم : لو كان نبيّاً ما ابتلي بالذي ابتلي به . فدعا الله فقال : اللهمّ إنك تعلم أني لم أعمل حسنة في العلانية إلا عملت مثلها في السرّ ، فاكشف ما بي من الضر ، وأنت أرحم الراحمين . فاستجاب الله له ، فوقع ساجداً ، وأمطر عليه فراش الذهب ، فجعل يلتقطه ويجمعه . قوله عز وجل : { رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى للْعَابِدِينَ } أي أن الذي كان ابتلي به أيوب لم يكن من هوانه على الله ، ولكن أراد الله كرامته بذلك . وجعل ذلك عزاء للعابدين بعده فيما يبتلون به . وهو قوله عزّ وجل : { وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ } .