Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 86-87)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وَأَدْخَلْنَاهُم فِي رَحْمَتِنَآ إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ } والصالحون هم أهل الجنة . قوله عز وجل : { وَذَا النُّونِ } يعني يونس . وقال عزّ وجل في آية أخرى : { وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الحُوتِ } [ سورة ن : 48 ] . والحوت هو النون . { إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً } أي : لقومه { فَظَنَّ أن لَّنْ نَّقْدِر عَلَيْهِ } أي : أن لن نعاقبه . وبلغنا والله أعلم أن يونس دعا قومه زماناً إلى الله عز وجل . فلما طال ذلك وأبوا أوحى الله إليه أن العذاب يأتيهم يوم كذا وكذا . فلما دنا الوقت تنحّى عنهم . فلما كان قبل الوقت بيوم جاء فجعل يطوف بالمدينة وهو يبكي ويقول : يأتيكم العذاب غداً . فسمعه رجل منهم فانطلق إلى الملك ، فأخبره أنه سمع يونس يبكي ويقول : يأتيكم العذاب غداً . فلما سمع الملك ذلك دعا قومه فأخبرهم بذلك وقال : إن كان هذا حقاً فسيأتيكم العذاب غداً ، فاجتمِعوا حتى ننظر في أمرنا ، فاجتمعوا ، فخرجوا من المدينة من الغد ، فنظروا فإذا بظلمة سوداء وريح شديدة قد أقبلت نحوهم ، فعلموا أنه الحق . ففرّقوا بين الصبيان وبين أمهاتهم ، وبين البهائم وبين أمّهاتها ، ولبسوا الشعر ، وجعلوا التراب والرماد على رؤوسهم تواضعاً لله ، وتضرّعوا إليه وبكوا وآمنوا . فصرف الله عنهم العذاب . فاشترط بعضهم على بعض ألا يكذب أحد كذبة إلا قطعوا لسانه . فجاء يونس من الغد ، فنظر فإذا المدينة على حالها ، وإذا الناس داخلون وخارجون ، فقال : سبحان الله ، أمرني ربي أن أخبر قومي أن العذاب يأتيهم فلم يأتهم ، فكيف ألقاهم . فانطلق حتى انتهى إلى ساحل البحر ، فإذا سفينة في البحر ، فأشار إليها ، فأتوه فحملوه ، وهم لا يَعْرِفونه . فانطلق إلى ناحية من السفينة فتقنّع فرقد . فما مضوا إلا قليلاً حتى جاءتهم ريح فكادت السفينة أن تغرق . فاجتمع أهل السفينة فدعوا الله ، ثم قالوا : أيقظوا الرجل يدعو الله معنا ، ففعلوا . فدعا الله معهم ، فرفع الله عنهم تلك الريح . ثم انطلق إلى مكانه فرقد . فجاءت ريح ، فكادت السفينة أن تغرق ، فأيقظوه ، فدعوا الله ودعا معهم ، فرفع الله تبارك وتعالى عنهم الريح . فتفكر العبد الصالح يونس فقال : هذا من أجل خطيئتي ، أو قال : من ذنبي ، أو كما قال . فقال لأهل السفينة : شدّوني وثاقاً وألقوني في البحر ، فقالوا : ما كنا لنفعل هذا بك وحالك حالك . ولكنا نقترع ، فمن أصابته القرعة ألقيناه في البحر . فاقترعوا فأصابته القرعة . فقال : قد أخبرتكم ، فقالوا : ما كنا لنفعل . ولكن اقترعوا الثانية ، فاقترعوا فأصابته القرعة ؛ وهو قول الله عز وجل : { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ } [ الصافات : 141 ] أي : من المقروعين ، ويقال : من المسهومين . فانطلق إلى صدر السفينة ليلقي نفسه في البحر ، فإذا هو بحوت فاتح فاه . ثم انطلق إلى ذنب السفينة ، فإذا هو بحوت فاتح فاه ، ثم جاء إلى جانب السفينة فإذا هو بحوت فاتح فاه . فلما رأى ذلك صلى الله عليه وسلم ألقى نفسه في البحر ، فالتقمه الحوت . فأوحى الله تبارك وتعالى إلى الحوت إني لم أجعله لك رزقاً ، ولكن جعلت بطنك له سجناً ؛ فلا تكسِرَنّ له عظماً ، ولا تقطعَنَّ له شعراً . فمكث في بطن الحوت أربعين ليلة { فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ } كما قال الله : { أَن لاَّ إلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين } . قال الله : { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي المُؤْمِنِينَ } فأوحى الله إلى الحوت أن يلقيه إلى البرّ . قال الله : { فَنَبَذْنَاهُ بِالعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } [ الصافات : 145 ] أي : وهو ضعيف مثل الصبي الرضيع . فأصابته حرارة الشمس ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، وهي القرعة ، فأظلته فنام ، فاستيقظ وقد يبست . فحزن عليها ، فأوحى الله إليه : أحزنت على هذه الشجرة وأردت أن تهلك مائة ألف أو يزيدون من خلقي ؟ فعلم عند ذلك أنه ابتُلِيَ . فانطلق فإذا هو بذود من غنم ، فقال للراعي : اسقني لبناً . فقال : ما ها هنا شاة لها لبن . فأخذ شاة منها فمسح بيده على ظهرها ، فدرّت ، فشرب من لبنها . فقال له الراعي : من أنت يا عبد الله ، لَتُخْبِرَنِّي . فقال : أنا يونس ، فانطلق الراعي إلى قومه ، فبَشّرهم به ، فأخذوه وجاءوا معه إلى موضع الغنم ، فلم يجدوا يونس . فقالوا : إنا شرطنا لربّنا ألا يكذب منا أحد إلا قطعنا لسانه . فتكلمت الشاة بإذن الله فقالت : قد شرب من لبني ، فقالت الشجرة التي استظل بها : قد استظل بي . فطلبوه فأصابوه ، فرجع إليهم ، فكان فيهم حتى قبضه الله ، وهي مدينة يقال لها نينوى من أرض الموصل ، وهي على دجلة . وبلغنا أنه إنما عوقب لأنه إنما خرج من قومه من غير أن يؤذن له بالخروج منهم . وإنما خرج رجاء أن يخافوا فيؤمنوا . ذكروا عن ابن عباس أنه قال : في دجلة ركب السفينة ، وفيها التقمه الحوت ، ثم أفضى به إلى البحر ، ودار في البحر ، ثم رجع في دجلة ، فثمَّ نبذه الله بالعراء ، وهو البر . قوله عز وجل : { فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ } أي : ظلمة البحر وظلمة الليل وظلمة بطن الحوت . { أَن لآ إِلَهَ إِلآ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } .