Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 1-2)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ } قوله : { سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا } أي : هذه سورة أنزلناها { وَفَرَضْنَاهَا } أي : ما فرض في هذه السورة من فرائضه ، وحدَّ فيها من حدوده ، وسنَّ فيها من سننه وأحكامه ، وهي تقرأ على وجهين : على التخفيف والتثقيل : فرَضناها وفرّضناها . يعني ما فرض الله فيها وسنّ فيها . { وَأَنْزَلْنَا فِيهَآ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي : لكي تذكروا . قوله : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلُدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائةَ جَلْدَةٍ } وهذا في الأحرار إذا لم يكونا محصنين . فإن كانا محصنين رُجِما ، وأما المملوكان فيجلدان خمسين خمسين إذا أحصنا ، وليس عليهما رجم . ولا يقام حدّ الزنا على أحد حتى يشهد عليه أربعة أحرار عدول يأتون جميعاً غير متفرقين . حراً كان الزاني أو مملوكاً . فإن شهد أربعة على امرأة ، أحدهم زوجها ، ففي ذلك اختلاف ؛ فبعضهم يقول : الزوج أجوزهم شهادة ، إذا جاءوا معاً رجمت بشهادتهم ، وبعضهم يقول : لا ترجم ، ويلاعنها زوجها ، ويجلد الثلاثة ثمانين ثمانين جلدة . فأما الرجل الزاني فتوضع عنه ثيابه إذا جلد ، وأما المرأة فيترك عليها من الثياب ما يصل إليها الجلد . وإن أقر الرجل على نفسه بالزنا وكان حراً أقيم عليه الحد . والجلد في الزنا بالسوط . قال بعضهم : " بلغنا أن رجلاً أقرّ عند رسول الله بالزنا فدعا بسوط ، فأتي بسوط مكسور فقال : فوق هذا ، فأتى بسوط [ جديد ] لم تقطع ثمرته فقال : دون هذا . فأتي بسوط قد رُكِبَ به ولان ، فأمر به ، فجلد جلداً بين الجلدين " وكان بعضهم يقول : الحد في الزنا [ المتح ] الشديد . وقال : { وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ } أي : الجلد الشديد . [ سعيد عن الحسن وعطاء قالا : أي : حتى لا تعطل الحدود ] . ذكر عكرمة عن ابن عباس قال : لا يقام الحد حتى يشهدوا أنهم رأوه يدخل كما يدخل المرود في المكحلة . قال بعضهم : وأما الرجم فهو في مصحف أبي بن كعب . وهو في مصحفنا أيضاً في سورة المائدة في قوله : { إِنَّآ أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيونَ الذِينَ أَسْلَمُوا لِلذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ } [ المائدة : 44 ] حيث رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين حين ارتفعوا إليه . ذكروا عن [ زرّ بن حبيش قال : قال لي ] أبيّ بن كعب : كم تقرأون سورة الأحزاب ؟ قلت : ثلاثاً وسبعين آية . قال : قط ؟ قلت : قط . قال : فوالله لتوازي سورة البقرة ، وإن فيها لآية الرجم . قلت : وما آية الرجم ، يا أبا المنذر ؟ قال : إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله و الله عزيز حكيم . وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير واحد . قال بعضهم : كان عمر يقول : نزل الرجم في كتاب الله ، ورجم عمر ورجم عثمان ورجم علي . وكان علي يقول : إذا قامت البينة رجمت البيّنة . ثم الإِمام ثم الناس . فإذا أقر عند الإمام إقراراً من غير أن يقوم عليه بينة رجم الإِمام ثم الناس . قال بعضهم : لا تحصن الأمَةُ ولا اليهوديةُ ولا النصرانيةُ ، ولا يحصن المملوكُ الحرةَ . ولا يُحصَن الحر إذا كانت له امرأة لم يدخلُ بها . ولا تُحصَن المرأة إذا كان لها زوج لم يدخُل بها . وإذا أحصن الرجل أو المرأة بوطء مرة واحدة ، ثم زنى بعد ذلك و ليس له امرأة يوم زنى ، أو زنت امرأة ليس لها زوج يوم زنت فهما محصنان يرجمان . وهو قول جابر ابن زيد . وإذا زنى أحد الزوجين وقد أُحصِن أحدهما ولم يُحصن الآخر رُجِم الذي أُحصِن منهما وحُدَّ الذي لم يُحصَن مائة جلدة . ولا تُحصِن أمُّ الولد وإن ولدت له أولاداً . فإذا زنى الغلام أو الجارية وقد تزوّجا . ودخل الغلام بامرأته ، ودخل على الجارية زوجُها ، ولم يكن الغلام احتلم ، ولم تكن الجارية حاضت فلا حدّ عليهما ؛ لا رجم ولا جلد حتى يحتلم وتحيض ، ويغشى امرأتَه بعدما احتلم ، ويغشى الجاريةَ زوجُها بعدما حاضت ، فحينئذ يكونان محصنين . وإذا كانت لرجل أم ولد قد ولدت منه فأعتقها فتزوّجها . ثم زنى قبل أن يغشاها بعدما أعتقت فلا رجم عليه ، ولا هي إن زنت حتى يغشاها بعد ما أعتقت ، وإن كان مملوك تحته حرّة قد دخل بها فعتق فزنى قبل أن يغشاها بعدما أعتق فلا رجم عليه . وإن كان الزوجان يهوديين أو نصرانيين فأسلما جميعاً ، ثم زنى أحدهما أيهما كان قبل أن يغشاها بعدما أسلما فلا رجم عليه حتى يغشاها في الإِسلام . وإنما رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين لأنهم تحاكموا إليه . وإحصان أهل الشرك في شركهم ليس بإحصان حتى يغشى في الإِسلام . قوله : { وَلاَ تَأخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ } أي : رحمة { فِي دينِ اللهِ } أي : في حكم الله { إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ } أي : إن كنتم تصدّقون { بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخرِ } أي : تصدّقون باليوم الآخر الذي فيه جزاء الأعمال . فلا توافوا بالزانية والزاني اللذين نزع الله منهما الرأفة ، أي : فلا ترجموهما . وفي هذا دليل على أنهما ليسا بمؤمنين إذ نزع الله الرأفة التي جعل للمؤمنين منها [ نصيباً ] قال الله : { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا } [ الأحزاب : 43 ] ووصف نبيّه فقال : { بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [ التوبة : 128 ] . فلو كانا مؤمنين لم ينزع الرأفة التي جعلها للمؤمنين . قوله : { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ } أي : ليشهد جلدهما طائفة من المؤمنين . قال بعضهم : الطائفة رجل فصاعداً . وقال بعضهم : الطائفة من ثلاثة فصاعداً . وهذه الآية تشدُّ الأولى ، إذ أمر الله المؤمنين أن يحضروا عذاب الزاني ، أي : جلده ، وهم غير الزاني . فيجوز أن يحضر عذابهما طائفة من الزناة ، تحضر الزناة عذاب الزناة . ففي هاتين الآيتين دليل لكلّ ذي حجى أو لجى أن الزاني ليس بمؤمن . وفيها ذكر الحسن عن النبي عليه السلام أنه قال : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن . ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يقتل النفس التي حرَّم الله وهو مؤمن . فإذا فعل ذلك خلع ربقة الإِسلام من عنقه " .