Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 187-191)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } وهذا ميثاق أخذ على العلماء من أهل الكتاب أن يبيّنوا للناس ما في كتابهم ، وفيه رسول الله والإِسلام . { فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ } وكتبوا كتباً بأيديهم فحرفوا كتاب الله { وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } يعني ما كانوا يصيبون عليه من عرض الدنيا { فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } إذ اشتروا النار بالجنة . وذكر بعضهم قال : هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم ؛ من عَلِم علماً فليُعَلِّمه ، وإياكم وكتمان العلم . ذكر عطاء قال : من سئل عن علم عنده فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار جهنم . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مثل الذي يتعلم العلم ولا يحدّث به كمثل الذي يكنز الكنز ولا ينفق منه " . قوله : { لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا } هم اليهود . قال الحسن : دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعاهم إلى الإِسلام ، فصبروا على دينهم ، فخرجوا إلى الناس فقالوا لهم ما صنعتم مع محمد ، فقالوا : آمنا به ووافقناه . فقال الله : { لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا } ، يقول : فرحوا بما في أيديهم حين لم يوافقوا محمداً . { وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا } . قال الكلبي : قالوا : نحن أهل الكتاب الأول ، وأهل العلم وأهل الصلاة والزكاة ، ولم يكونوا كذلك ، أحبّوا أن يحمدهم الناس وأن يطأوا أعقابهم بما لم يفعلوا . وقال مجاهد : يفرحون بما أتوا ، أي : بما فعلوا من تبديلهم التوراة ، حرّفوها عن مواضعها ، ففرحوا بذلك ، وأحبّوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، يعني أن يُحمدوا على أن لهم علماً ، وليس عندهم علم بما حَرَّفوا ، إنما ابتدعوا من قِبل أنفسهم . وذكر لنا أن يهود خيبر أتوا نبي الله فزعموا أنهم راضون بالذي جاء به ، وأنهم يتابعونه ، وهم متمسكون بضلالتهم ، وأرادوا أن يحمدهم نبي الله بأمر لم يفعلوه . ذكر بعضهم قال : من طلب العلم والحديث ولم يحدّث به لم يرح ريح الجنة . قوله : { فَلاَ تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ } أي بمنجاة { مِّنَ العَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي موجع . قوله : { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُِولِي الأَلْبَابِ } أي لذوي العقول وهم المؤمنون { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } يقولون : { رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً } أي أن هذا سيصير إلى الميعاد . { سُبْحَانَكَ } ينزَّهون الله { فَقِنَا } أي : فاصرف عنا { عَذَابَ النَّارِ } . قال الحسن : هذا دعاء علّمه الله المؤمنين يدعون به الله ، ويسألونه الجنة ، لأنه إذا وقاهم عذاب النار أدخلهم الجنة . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلة عند عائشة فقال : " يا عائشة ، دعيني أتعبد دعيني أتعبد لربي . فخرج فنظر إلى السماء فتلا هذه الآية ، ثم استاك ، ثم توضأ ثم صلّى ، ثم قعد يذكر الله ، ثم وضع جنبه فذكر الله ، أحسبه فعل ذلك ثلاث مرات ، فسألته عائشة ، فتلا هذه الآية ، ثم قال : ذكرت الله قائماً وقاعداً وعلى جنبي ، فويل لمن لاكها بين لحييه ثم لم يتفكر فيها " . وبعضهم يقول : { يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ } ، يعني الصلاة المكتوبة ، إذا لم يستطع أن يصلي قائماً فقاعداً ، وإذا لم يستطع قاعداً فعلى جنبه . قال بعضهم : هذه حالاتك يا ابن آدم كلها : اذكر الله وأنت قائم ، فإن لم تستطع فاذكره وأنت جالس ، فإن لم تستطع فاذكره على جنبك ، يسراً من الله وتخفيفاً .