Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 77-79)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً } أي : بل أشد خشية . قال بعضهم : هؤلاء قوم من أصحاب النبي عليه السلام ، وهو يومئذ بمكة قبل الهجرة ، تنازعوا إلى القتال وسارعوا إليه حتى قالوا : يا نبي الله ، ذرنا نتخذ معاول فنقاتل بها المشركين ؛ فنهاهم النبي عن ذلك . فلما كانت الهجرة ، وأمروا بالقتال كره القوم ذلك . { وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا القِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } فقال الله : { قُلْ } يا محمد { مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ } وكانوا أمروا بالقتال في سورة الحج في قوله : { أُذِنَ لِلذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } [ الحج : 39 ] ، وفي سورة العنكبوت { الۤمۤ أَحَسِبَ النَّاسُ أن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } أي لا يقاتلون … إلى قوله : { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ } [ العنكبوت : 1 - 6 ] . وقال الكلبي : " كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل أن يهاجر رسول الله إلى المدينة . وكانوا يلقون من المشركين أذى كثيراً فقالوا : يا رسول الله ، ألا تأذن لنا في قتال هؤلاء القوم ؟ فقال لهم رسول الله : كفوا أيديكم عنهم ، فإني لم أؤمر بقتالهم " ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار إلى بدر فعرفوا أنه القتال ، كرهوا أو بعضُهم . قال الله : { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا القِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي إلى الموت . قال الله لنبيه : { قُلْ } يَا محمد : { مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ } … إلى آخر الآية . وقال الحسن : قالوا : يا رسول ، ألا نأتي المشركين بمعاولنا فنقتلهم في رحالهم . قال ذلك عبد الرحمن بن عوف وأصحابه . { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً } . وذلك لما في قلوبهم من الخشية ، لما طبع عليه الآدميون وهم مؤمنون . { لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا القِتَالَ لَوْلاَ } أي : هلا { أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } . قالوه في أنفسهم . والأجل القريب أجلهم . لولا أخرتنا إلى أجل ، أي لولا أخرتنا حتى نموت على فُرُشنا بغير قتال ؛ وذلك لكراهتهم لقتال آبائهم وأبنائهم وإخوانهم ، وهو قوله تعالى : { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } [ الأنفال : 5 ] وليس بكراهية يردون فيها أمر الله وأمر نبيه ؛ فقال الله لمحمد : قُل لهم { مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ } أي : إنكم على كل حال ميّتون والقتل خير لكم . قال الله : { والآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً } . والفتيل هو الذي في بطن النواة . ثم أخبرهم ليعزيهم ويصبّرهم فقال : { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } قال بعضهم : في قصور محصّنة . قال الحسن : ثم ذكر المنافقين خاصة فقال : { وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ } أي : النصر والغنيمة { يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِ اللهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } أي : نكبة من العدو { يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِكَ } أي إنما أصابتنا هذه عقوبة مذ خرجتَ فينا ، يتشاءمون به . { قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللهِ } أي : النصر على الأعداء والنكبة ؛ نكبوا يوم أحد عقوبة . ثم قال : { فَمَالِ هَؤُلاَءِ القَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ } فظفرت بها ونصرت على المشركين { فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ } أي : من نكبة { فَمِن نَّفْسِكَ } أي بذنوبهم ، وكانت يوم أحد [ عقوبة من الله بمعصيتهم رسول الله حيث اتبعوا المدبرين ] ، وبأخذهم الفدية من أسارى أهل بدر . وفي تفسير الحسن : ليست هذه المعصية في المنافقين خاصة . وقال بعضهم : مَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ، أي : عقوبة بذنبك . قال : { وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً } أي على عباده .