Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 1-6)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي مدنية كلها . { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } . قوله عز وجل : { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ } أي : سبيل الهدى ، [ يعني الإسلام ] { أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } أي : أحبط أعمالهم في الآخرة ، أي : ما عملوا من حسن . قال : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ } أي : صدقوا بما نزّل على محمد ، يعني القرآن { وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } أي : غفرها لهم { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } أي : حالهم في الدنيا ، جعلهم على الحق ، يصلح به حالهم في الآخرة ، أي : يدخلهم الجنة . قال : { ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ } أي : إبليس ، اتبعو وساوسه بالذي دعاهم إليه من عبادة الأوثان . { وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ } أي : القرآن الذي جاء به محمد عليه السلام { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ } أي يبيّن للناس { أَمْثَالَهُمْ } أي : صفات أعمالهم . قوله : { فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ } . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى حي فأصابوهم ، فصعد رجل منهم شجرة ملتفّة أغصانها . قال الذي حضر : قطعناها فلا شيء ، ورميناها فلا شيء . قال : فجاءوا بنار فأضرموا بها تلك الشجرة ، فخر الرجل ميتاً . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم [ فتغيّر وجهه تغيراً شديداً ] ثم قال : " إني لم أبعث لأعذب بعذاب الله ، ولكني بعثت بضرب الأعناق وشدّ الوثاق " . ذكر الحسن عن معاذ بن جبل قال : " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمكنك الله من فلان فأحرقه بالنار . قال : فلما وليت قال : ردوه علي . فرجعت ، فقال : أمرتك أن أمكنك الله من فلان أن تحرقه بالنار ؟ قلت : نعم . قال : إني قلته وأنا غضبان ، إنه ليس لأحد أن يعذب بعذاب الله ، فإن قدرت فاضرب عنقه " . قوله : عز وجل : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } فيها تقديم ، يقول : فإذا لقيتم الذين كفَروا فضرب الرّقاب حتى تضع الحرب أوزارها ، أي حتى ينزل عيسى بن مريم فيقتل الدّجّال ، ويكسر الصّليب ويقتل الخنزير ، وتضع الحرب أوزارها . ذكروا عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين . ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق من ناوأهم إلى يوم القيامة " . وتفسير الحسن : { حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } أي : ذنوبها ، أي : شركها . يريد قوله : { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } [ البقرة : 193 ] اي : حتى لا يكون شرك . هذا في مشركي العرب . وأما أهل الكتاب فإذا أقرّوا بالجزية قُبِلت منهم وكُفَّ عنهم القتال . كذلك جميع المشركين إلا مشركي العرب ، إلا من كان دخل في أهل الكتاب منهم قبل أن يؤمر بقتال أهل الكتاب ، حتى يسلموا أو يقرّوا بالجزية . قال : { حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ } وهذا في الأسرى . { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء } . لم يكن لهم حين نزلت هذه الآية إذا أخذوا أسيراً إلا أن يفادُوه أو يُمنّوا عليه فيرسلوه . وهي منسوخة ؛ نسختها : { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ } أي : عظ بهم من سواهم { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } [ الأنفال : 57 ] . فإن شاء الإمام قتل الأسارى ، وإن شاء جعلهم غنيمة ، وإن شاء أفدى ، وأما المنّ بغير فداء فليس له ذلك . قال بعضهم : لا ينتقم منهم له . قال : { ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لاَنتَصَرَ مِنْهُمْ } يعني بغير قتال ؛ يبتلى به المؤمنين والنبي عليه السلام . قال : { وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ } أي : يبتلي بعضكم ببعض . قال : { وَالَّذِينَ قَتَلُوا } وهي تقرأ على وجه آخر : ( قُتِلُوا ) { فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } أي : فلن يحبط أعمالهم . { سَيَهْدِيهِمْ } تفسير الحسن : يحقق لهم الهدى { وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } وهي مثل الأولى . { وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } . تفسير مجاهد : إنهم يعرفون منازلهم في الجنة إذا جاءوا إلى الجنة . وتفسير الحسن : يعرفون الجنة بالصفة التي وصفها الله لهم في الدنيا .