Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 24-24)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ } وقال في آية أخرى : { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وَلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } [ الواقعة : 17 ] أي : لا يموتون ولا يشيبون . { كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ } أي : في صفاء ألوانهم . والمكنون : الذي في أصدافه . ذكروا عن جابر بن عبد الله عن النبي عليه السلام قال : " خدم أهل الجنة نور وجوههم نور الشمس ، لو كانوا في الدنيا لاقتتل أهل الدنيا عليهم " قالوا يا رسول الله ، هذا حسن الخادم ، فكيف حسن المخدوم . فقال : " والذي نفسي بيده لحسن الخادم عند المخدوم كالكوكب المظلم إلى جنب القمر ليلة البدر " . فبلغنا والله أعلم أن أولياء الله يخيّرون قبل أن يخلدوا أمان الله ورضوانه ، ثم تزلف لهم الجنة ، ويؤمر بأبوابها فتفتح لهم ، فيخرج منه المسك مقدار خمسمائة سنة ، أو ما شاء الله من ذلك . وتخرج الحور العين قد عرفت كل واحدة منهن زوجها إذا أقبلت إليه . ويرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة من الصفاء والطيب . ثم يقال لهم : لكم أنتم وأزواجكم ما تحبون . ثم تقدمهم الملائكة إلى الجنة يرونهم مواضعهم . فإذا دنوا من أبوابها استقبلتهم الملائكة { يَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } أي ادخلوا دار الخلد ، ودار الجنة ، ودار القرار ، ودار الملك ، ودار الأمان ، ودار النعيم الدائم ، ودار الفرح والسرور والبشرى ، أبشروا بنعيم مقيم أبداً ، لا ينفد ، ولا يُسأم ، ولا ينقطع ، فعند ذلك يقولون : { الْحَمْدُ لِلهِ الذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ } [ الزمر : 74 ] . فتنزل كل نفس درجاتها بعملها . في درجتها أزواج وخدم ، وفرش وأسرة ، وأنهار تجري في غير أخدود من لبن وعسل مصفّى وماء وخمر ، وفاكهة كثيرة ، وألوان الرياحين ، والأكاليل على رؤوسهم ، ولباسهم من سندس وإستبرق وحرير . وريح المؤمن أطيب من ريح المسك الذكي . أسكنهم الله في داره ، وهي الجنة ، ليست كجنان الدنيا ؛ أرضها رخام ليس كرخامكم هذا ، ولكنه رخام من فضة بيضاء ، وترابها الورس والزعفران ، وكثبانها مسك أذفر ، وأنهارها تجري في غير أخدود ، وطينها مسك أذفر ، ورضراضها الدر والياقوت ، وقصورها من الذهب والفضة والدر والياقوت والزبرجد وألوان الجوهر . وعلى الجنان كلها حائط طوله خمسمائة سنة ، لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت . وجذوع نخلها ذهب أحمر ، وكَرَبها در وزبرجد أخضر ، وسعفها حلل ، ورطبها أشد بياضاً من الفضة وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ليس في شيء منه نوى . وطيرها أمثال البخت ، فإذا أكل ولي الرحمن جاءت الطير صفاً بين يديه ، فينعت كلُّ طير منها نفسَه وطيبَ لحمه ، ورائحته وطعمَه . فإذا اشتهى ولي الرحمن شيئاً من غير أن يتكلم ، وضع على مائدته نصفه قدير ونصفه شواء . ويعطى أحدهم قوة مائة رجل شاب في الطعام والشراب والكسوة والشهوة والجماع . نور الوجوه ، بيض الألوان ، صفر الحلي ، خضر الثياب ، جرداً ، مرداً ، مكحلين ، مسوّرين ، متوّجين بالذهب واللؤلؤ والجوهر . فإذا شاء أحدهم ركب فرساً من ياقوت حمراء فطارت به إلى أي جنة شاء . ولكل رجل منهم نجيبة من ياقوت أحمر ، لها أجنحة بيض أشد بياضاً من الثلج ، لها رحل مقدمه ومؤخره درٌّ وياقوت ، وجانباه ذهب وفضة ، وزمامها ياقوت أحمر ، وهو ألين من الحرير . خطوتها مدّ بصره . وله فيها أزواج مطهرة من القذى كلها : من الحيض والبول والغائط والبزاق ، عاشقات لأزواجهن ، عذارى أبكار ، كلهن على سنّ واحدة ، يجد فيها ريح إحداهن من مسيرة خمسمائة عام . ولهن حلل ، كل حلّة خير من الدنيا وما فيها من أولها إلى يوم تفنى .