Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 12-16)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ } قال الحسن : يعني فاضربوا الأعناق { وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } أي كلّ عُضو . وقال الكلبي : أطراف الأيدي والأرجل . وقال بعضهم : كل بنان ، أي : كل مفصل . قوله : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ } قال الحسن : حادّوا الله وعادوه ورسوله . وقال بعضهم : الشقاق هو الفراق . { وَمَن يُشَاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ } . قال : { ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ } أي في الدنيا ، يعني القتل { وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ } بعد القتل { عَذَابَ النَّارِ } أي في الآخرة . قوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ } أي : منهزمين { وَمَن يُوَلِّهِمْ } أي : ينهزم { يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } أي : يوم بدر { إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ } أي يتحرّف للقتال ، أن يدع موقف مكان لمكان . { أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ } أي ينحاز إلى جماعة { فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ } أي استوجب غضباً من الله { وَمَأْوَٰهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ } أي بئس مصير من صار إلى جهنم . قال الحسن : لم يكن الفرار من الزحف من الكبائر إلا يوم بدر ، لأن تلك العصابة من المسلمين لو أصيبت لذهب الإِسلام . فكان الله قد افترض في هذه الآية : { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } [ الأنفال : 65 ] فأمر الله المسلمين أن يصبروا لعشرة أمثالهم إذا لقوهم . ثم أنزل الله بعد ذلك التخفيف فقال : { " الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ } [ الأنفال : 66 ] . فلم يقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اظهر الله الإِسلام وصار الجهاد تطوّعاً . فإن جاء المسلمين عدوٌّ لا طاقة لهم به تحيّزوا إلى البصرة ، أو قال : إلى بصرتهم . وإن جاءهم ما يغلبهم تحيّزوا إلى الكوفة ، فإن جاءهم ما يغلبهم تحيّزوا إلى الشام ، وإن جاءهم ما يغلبهم تحيّزوا إلى المدنية ، فإن جاءهم ما يغلبهم فليس ثَمَّ تحيّز ، وصار الجهاد فريضة . ذكروا عن الحسن أنه قال : إن عمر بن الخطاب لما بلغه قتل أبي عبيدة بن الجراح وأصحابه بالقادسية قال : يرحم الله أبا عبيدة ؛ لو انحاز إلينا لكنا فئته . ذكروا عن الحسن قال : لو أن أهل سمرقند انحازوا إلينا ونسأل الله العافية من ذلك لكنا فئتهم . ذكروا أن أبا بكر وعمر كانا يقولان للجيوش : وإن غلبكم أمر فانحازوا إلينا ، فإنا فئتكم . ذكر بضعهم قال : أوجب الله لمن فرّ يوم بدر النار ، ثم كانت أُحُد بعدها فأنزل الله : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } [ آل عمران : 155 ] . ثم كانت حنين بعدها بسبع سنين فأنزل الله : { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ . ثُمَّ أَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الكَافِرِينَ ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ التوبة : 25 - 27 ] . قال بعضهم : يوم الدجّال كيوم بدر . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل الشهداء شهداء بدر ، وشهداء الأعماق ، والأعماق أنطاكية " ذكروا عن عبد الله بن عون أنه قال : كتبت إلى نافع أسأله عن الفرار من الزحف ، فقال : إنما كان يوم بدر .