Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تفسير سورة الأنفال وهي مدنية كلها . { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قوله : { يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ } والأنفال الغنائم . { قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ } . قال الحسن : كانت السرية تسري ، فينفلهم الرسول ما شاء بعد الخُمْس . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل في البدأة الربع ، وفي الرجعة الثلث ؛ فقيل لبعضهم : لِمَ كان يجعل في الرجعة أكثر ؟ قال : لأنهم إذا رجعوا كانوا أشد لخوفهم . ذكروا أنا أبا إدريس [ قال ] : إن الناس كانوا معسكرين ؛ فأتاهم أبو عبيدة بْنُ الجراح حتى بلغ حبيب بن مسلمة أن علجا من الروم يقال له بن توجه نحو أرمينية ؛ فطلبه فأدركه ، فقتله وأخذ سلبه . فوجد معه وقر خمسة أبغال ديباج ولؤلؤ من أصناف المتاع . فلما رجع قال أبو عبيدة : أرنا ما جئت به . فقال : إنما هو ولي ، وأنا قتله ، ولي سلبه . فقال له أبو عبيدة : ليس كذلك ، إنما لك ما أعطيتك منه وطابت به نفسي . فقال : أناشدك الله أن تظلمني وأن تأخذ مني ما أعطاني الله ، حتى ارتفعت أصواتهما . فسمعهما معاذ بن جبل ، فجاء فقال : يا حبيب بن مسلمة ، لا تسأل ما ليس لك . فقال حبيب : أليس يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل قتيلاً فله سلبه ؟ " فقال : إنما قال ذلك في غزوة واحدة عام حُنين ، ولم يقله لأبد . وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ذلك إلى الإِمام ، إن شاء أعطى وإن شاء منع " وهو على ما يرى الإِمام . فأخذه منه أبو عبيدة فخمّسه ، ثم أعطاه الخمس بعد الخمس . فبلغ ما أعطي عشرة آلاف . ذكروا عن الحسن أنه قال : ما نفل الإِمام فهو جائز . ذكروا عن سعيد بن المسيب أنه قال : لا نفل بعد رسول الله . وقال سعيد بن المسيب : إنما ينفل الإِمام في الخمس . معنى قوله : إن النبي كان ينفل الخمس من بعد الخمس ، ولا يُنفل بعده إلا في الخمس . ذكروا عن ابن عمر أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ، فبلغت سهامهم اثني عشر بعيراً ، قال : " ونفّل كل إنسان منا بعيراً سوى ذلك " . ذكروا عن الحسن أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم زماماً من شعر قبل أن تقسم الغنيمة ، فقال : " سألتني زماماً من نار ، فوالله ما كان لك أن تسألينه ، وما كان لي أن أعطيكه ، ولو أعطيتكه لأعطيتك به زماماً من نار " وأما قوله : { قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ } فيقول : ذلك كله لله ، وجعل حكمه إلى رسول الله . قوله : { فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ } . قال الكلبي : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما صافّ المشركين يوم بدر ، قال ليحرض الناس على القتال : " إن الله وعدني أن يفتح لي بدراً ، وأن يغنمني عسكرهم ، فمن قتل قتيلاً فله كذا وكذا إن شاء الله من غنيمتهم ، ومن أسر أسيراً فله كذا وكذا إن شاء الله " فلما تواقفوا ألقى الله في قلوب المشركين الرعب ، فانهزموا ، واتبعهم سرعان من الناس ، فقتلوا سبعين رجلاً ، وأسروا سبعين ، وغنموا العسكر وما فيه . وأقام وجوه الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصافّه ، فلم يشذ عنه منهم أحد . ثم قام أبو اليسر بن عمرو الأنصاري بن بني سلمة ، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إنك وعدت من قتل قتيلاً أو أسر أسيراً من غنيمة القوم ، الذي وعدتهم ، وإنا قد قتلنا سبعين ، وأسرنا سبعين . ثم قام سعد بن معاذ فقال : يا رسول الله ، إنه ما منعنا أن نطلب كما طلب هؤلاء زهادة في الأجر ، ولا جبن عن العدو ، ولكنا خفنا أن نعري صفك ، فتعطف علينا خيل المشركين فأعرض عنهما رسول الله . ثم قال أبو اليسر مثل كلامه الأول . وعاد سعد فتكلم مثل كلامه الأول وقال : يا رسول الله ، الأسرى والقتلى كثير ، والغنيمة قليلة ، وإن تعطِ هؤلاء الذي ذكرت لهم لم يبقَ لسائر أصحابك كبير شيء ، فنزلت هذه الآية : { يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ … } إلى آخر الآية . ذكروا عن الكلبي أنه قال : كان النبي وعد الأنصار المغنم ، فتكلَّم فيه المهاجرين فأنزل الله هذه الآية وقال : { فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ } فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار . ذكر بعضهم قال : كان نبي الله ينفل الرجل من المؤمنين سلَب الرجل من الكفار إذا ما قتله ، فأمرهم الله أن يردّ بعضُهم على بعض فقال : { فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ } أي : لِيَرُدَّ بعضكم على بعض . قال : { وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } .