Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 39-40)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } أي موجعاً . قال الحسن : يعني به العامة الذين فرض عليهم الجهاد مع النبي عليه السلام . وكان الجهاد يومئذٍ مع النبي فريضة . وقد كان النبي يخلف قوماً بالمدينة ، وفيهم من قد وضع عنه الجهاد . وكان هذا حين أمروا بغزوة تبوك [ في الصيف حين طابت الثمار واشتهوا الظل ] { وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } يقول : يهلككم بالعذاب ويستبدل قوماً غيركم { وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً } إن أهلككم { وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . وفي هذه الآية دليل على أهل الفراق أن هؤلاء الذين وعدوا بالعذاب ممن ناداهم الله بالإِيمان ، وسماهم بما قِبَلهم من خصال الإِيمان كلما قيل المؤمنون فقال : { إِلاَّ تَنفِرُوا } أنتم الذين نودوا بالإِيمان وسموا به ، { يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } فلا يجوز لِوَاصِفٍ أن يصف الله أنه يعذبهم إن لم ينفروا كما استنفرهم وهم مؤمنون . قال بعضهم : استنفر الله المؤمنين في شدة لَهَبَان الحرِّ في غزوة تبوك على ما يعلم من الجهد . وفيها قيل ما قيل . قوله : { إِلاَّ تَنصُرُوهُ } يعني النبي عليه السلام { فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا } أي من مكة { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } أي أخرجوه ثاني اثنين { إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا } . وذلك أن قريشاً لما اجتمعوا في دار الندوة ، فتوامروا بالنبي ، أجمع رأيهم على ما قال عدو الله أبو جهل من قتله . وقد فسّرنا ذلك في سورة الأنفال . فأوحى الله عزّ وجلّ إليه فخرج هو وأبو بكر ليلاً حتى انتهيا إلى الغار ، ونام علي على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم . فطلبه المشركون ، فلم يجدوه . ووجدوا علياً على فراشه ، فطلبوا الأثر . وقد كان أبو بكر دخل الغار قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمس الغار ينظر ما فيه ، لئلا يكون في سبع أو حية ، يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه . ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الغار ، وأخذ ثمامة فوضعها على باب الغار ، فجعلا يستمعان وقع حوافر دواب المشركين في طلبهما . فجعل أبو بكر يبكي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يبكيك يا أبا بكر ؟ قال : أخاف أن يظهر عليك المشركون فيقتلوك يا رسول الله ، فلا يعبد الله بعدك أبداً . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا } . فجعل أبو بكر يمسح الدموع عن خده " وكان أبو بكر أرق الخلق كلهم وأحضره دموعاً . { فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ } قال الحسن : السكينة : الوقار . وقال بعضهم : السكينة : الرحمة . قال : { وَأَيَّدَهُ } أي وأعانه { بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا } يعني الملائكة عند قتالهم المشركين بعد . قال مجاهد : { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ } يقول : فالله فاعل ذلك به ، أي ناصره كما نصره إذ هو ثاني اثنين . قال : { وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى } وهي كلمة الكفر { وَكَلِمَةُ اللهِ } أي : ودين الله ، وهو الإِيمان بلا إله إلا الله والعمل بفرائضه . { هِيَ العُلْيَا } أي : هي الظاهرة { وَاللهُ عَزِيزٌ } أي في نقمته { حَكِيمٌ } أي : في أمره . قال بعضهم : { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } : كان صاحبَه أبو بكر ، والغار في جبل بمكة يقال له ثَوْر .