Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 62-64)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ } . أي بالعلل والكذب { وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُّرْضُوهُ } أي بالصدق والوفاء { إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ } أي : إنهم يزعمون أنهم مؤمنون بالإِقرار والتوحيد دون العمل بجميع الفرائض التي فرض الله عليهم . وليسوا بمؤمنين حتى يكملوا جميع فرائض الله في القول والعمل . فقال : { وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } من أن يرضوكم بالعلل والكذب . { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ } أي : من يشقاق الله ورسوله ، وقال بعضهم : من يخالف الله ورسوله { فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الخِزْيُ العَظِيمُ } أي : قد أنزل الله ذلك عليهم ، وأعلمهم به ، واتخذ به الحجة عليهم . وهو كقوله : { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً } [ الأنبياء : 30 ] ؛ وكقوله : { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ } [ التوبة : 78 ] . قوله : { يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ } من النفاق وما كانوا يحذرون . ففعل الله ذلك بهم ، فأخرج أضغانهم ، وهو ما كانو يكنون في صدورهم . وإنما حذروا من شيء تَيَقّنوا به ، ولو كانوا مشركين لم يحذروه لأنهم يجحدونه ولا يقرون به . وقال مجاهد : يقولون القول بينهم ثم يقولون : نخشى الله أن يُفشِي علينا سرَّنا هذا . ذكر بعضهم قال : كانت هذه السورة تسمى جاهرة أي : جهرته . وبعضهم يقول : حافرة ، أي حفرت عن ذنوب القوم ، يعني المنافقين . وقال بعضهم : كانت هذه السورة تسمى فاضحة المنافقين ؛ لأنها أنبأت بمقالتهم وأعمالهم . وقال الحسن : كانت تسمى حافرة ، أنبأت بما في قلوب المنافقين . { قُلِ اسْتَهْزِءُوا } أي بمحمد وأصحابه ، وهو وعيد هَوْلُه شديد . كقوله : { فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } [ الكهف : 29 ] وهو وعيد . { إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } أي : ما أكننتم في قلوبكم من النفاق فمخرجه ، فذاكره عنكم . وأما قوله : { اسْتَهْزِءُوا } فهو جواب من الله لقولهم . { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ } يعني كفار المشركين { قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ } أي في المودة { إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ } [ البقرة : 14 ] . أي إنما نحن مخادعون . والاستهزاء في هذا الموضع إنما هو الخداع . ألا تراه يرد عليهم جوابهم : { اللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ } [ البقرة : 15 ] أي يخدعهم في الآخرة كما خدعوه في الدنيا . وقد أوضح ما تأولنا عليه الآية في النساء فقال : { إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } [ النساء : 142 ] يخادعونه بما أظهروا من التوحيد والإِقرار ، وليس من شأنهم الوفاء بالأعمال . وهو خادعهم إذ جعل مساقهم مع المؤمنين . وبيان خدعه إياهم في سورة الحديد . وسنذكر ذلك أيضاً في سورة الحديد إذا أتينا عليه ، كيف خدعهم الله عند ضرب السور بينهم وبين المؤمنين إذ طمعوا أن يكونوا من المؤمنين ، إذ سبقوا في زمرتهم بالنور القليل الذي كان معهم ، وبه ناكحوا المسلمين ووارثوهم . فَطفِىءَ نور المنافقين ، ومضى نور المؤمنين من بين أيديهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم . وسنأتي على بقيّة ما بقي من هذا في سورة الحديد إذا نحن بلغناها إن شاء الله .