Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 45-45)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ويَوْم } أى واذكر يوم { نَحْشُرُهُم } وفى قراءة يَحْشُرُهم أى هؤلاء المشركين ، فهو مفعول به لا ظرف ، نعم هو ظرف إن نصبناه بيتعارفون ، أو بيستقلون محذوفا ، دل عليه جملة التشبيه ، والواضح ما ذكرته أولا ، وقرأ بعض ، والأعمش يحشرهم بالتحتية أى الله { كأنْ } مخففة واسمها ضمير الشأن { لَمْ يلْبثُوا } فى الدنيا أو فى القبر أو فيهما قيل الأول أولى ، لأن المؤمن والكافر مستويان فى عدم معرفة ما لبثا فى القبر ، فيحمل على ما يختص بحال الكافر . { إلاَّ ساعةً } ظرف { مِنَ النَّهارِ } استقصروا لبثهم مع طوله ، لهول ما رأوا فى الحشر ، وقال الشيخ هود رحمه الله لطول لبثهم فى النار ، وذلك أن أيام العافية تمر فى غفلة ، ولهو ، فما يشعر المغرور إلا وقد نقضت ، فكأنها قصيرة ، بخلاف أيام البلاد ، وأن لبثهم بعد الحشر لا غاية له ، فمقامهم فى الدنيا فى جنبه كالعدم ، وأن العمر المضيع فى غير الطاعة كالعدم ، وأن كل أمد طويل إذا انقضى فهو والقصير سواء ، وخص النهار لأن ساعاته معروفة ببينة ، وجملة { كأن لم يلبثوا } الخ إنشائية عندى لا خبرية ، فلا تصح حالا ، ولكنها معمول لقول محذوف ، وذلك القول حال ، أى مقولا كأن لم ، أو قائلين كأن لم ، وصاحب الحال الضمير المستتر أو الهاء ، وعليه ففى الكلام خروج عن مقتضى الطاهر ، فإن مقتضاه كأن لم نلبث بالنون ، ففيه التفات سكاكى ، أو ذلك القول نعت لمصدر محذوف ، أى حشرا مقولا كأن لم يلبثوا قبله الخ ، ولا تكون تلك الجملة نعتا ليوم عندى ، لأنه معرفة ، فإن قوله { يوم يحشرهم } بمنزلة يوم حشرهم ، غير أن بعض المتأخرين أجاز نعت المعرفة بالجملة والظروف ، مأولا لها بالمعرفة ، ولأنها إن شاء كما مر ، ويجوز كونها مقدرة بقول معرف يكون نعتا ، أى يوم حشرهم المقول فى شأنه كأن لم يلبثوا قبله إلى إلخ . { يتَعارفُونَ } يعرف بعضهم بعضا معرفة قليلا قدر ما تحصل المعرفة فقط { بيْنَهم } متعلق به ، لأنه بمعنى يوقعون المعرفة بينهم إذا بعثوا ، وينقطع التعارف بعد لشدة الأمر . وقد روى أنه لا يعرف أحدٌ أحدا عند الميزان ، حتى يعلم أىٌّ أخف أم يرجح ، وعند تطاير الصحف ، حتى تعلم أيأخذها بيمينه أو بشماله ، وعند الصراط حتى يعلم أيجوزه أم لا ، يعنى السؤال عن القناطر ، وأحوال القيامة مهولة مختلفة ، ففى بعضها يعرف بعضهم بعضا ، وفى بعضها لا يعرف أو المراد أنهم يعرف بعضهم بعضا فقط دون أن يقدموا على الكلام هيبة وخشية ، أو المراد بالتعارف التلاوم والتلاعن ، وذلك كله بعد الحشر . والجملة حال ثانية إذا جعلنا الأولى حالا من الهاء ، أو هذه مستأنفة متعلق بها اليوم كما مر ، أو ذلك التعارف فى الدنيا ، فتكون الجملة حالا من الواو فى { لم يلبثوا } فيفيد أنهم لبثوا وتعارفوا فى الدنيا قدر الساعة ، وأخبر الله عنهم نيته فى الدنيا بقوله { قدْ خَسِرَ الذِينَ كذَّبوا بلقاءِ اللهِ } شهادة عليهم ، وتعجيبا ممن خسر آخرته فى دنياه ، وذلك مستأنف ، ويجوز أن يكون ذلك معمولا لقول محذوف حال من واو يتعارفون ، أى يتعارفون قائلين تحسرا وتلهفا { قد خسر الذين } الخ مريدين بالذين أنفسهم ، فوضعوا الظاهر موضع الضمير ، أو حال من الهاء فى نحشرهم ، أو من المستتر فيه ، أو حال من الهاء بلا تقدير قول . { ومَا كانُوا مهْتَدينَ } عطف على خسر الذين ، أو على كذبوا ، أو مستأنف تعجيبا ممن أعطى آيات يهتدى بها إلى المصالح والفوز ، وينجوا بها من العذاب والخسران ، فضيعها بالاستعمال فيما يورثه العذاب الدائم والخسران .