Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 105-105)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَومَ يأتِ } بإثبات الياء بالوصل عند نافع ، وأبى عمرو ، والكسائى ، وفى الوصل والوقف ابن كثير ، وحذفها ابن عامر ، وعاصم وحمزة اجترأ بالكسرة ، حكى الخليل وسيبويه لا أدرى بحذف الياء وهو كثير فى لغة هذيل ، وفاعل يأتى ضمير عائد للعذاب والله كقوله { إلا أن يأتيهم الله } { أو يأتى ربك } و { جاء ربك } ويدل له قراءة يؤخر بالتحتية ، وقوله { إلا بإذنه } فيقدر مضاف أى يوم يأتى أمره أو لليوم على أن يوم فى قوله { يوم يأت } بمعنى الحين ، فلا يلزم جعل اليوم وقتا لإتيان اليوم ، وهو متعلق بتكلم من قوله { لا تكلَّمُ } على أنه لا صدر للا النافية غير العاملة ، والأصل لا تتكلم ، حذفت إحدى التاءين وهو مفعول لاذكر وعليه السعد { نَفسٌ إلاَّ بإذْنِه } هذا فى بعض المواقف ، وقوله { يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم } فى بعض آخر ، أو المأذون فيه الجواب المحق ، والممنوع الجواب الباطل ، ذكر ذلك السعد ، كجار الله والقاضى ، فلا منافاة بين قوله { لا تكلم نفس إلا بإذنه } وقوله { لا يتكلمون إلا مَن أذن له الرحمن } وقوله { يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها } وبين قوله { يوم لا ينطقون } إلى آخره والإذن فى الكلام أن يقال لهم تكلموا ، أو أن يخفف عنهم بعض الأهوال فيستطيعون الكلام ، وزعم بعضهم أن المراد هنا بالتكلم الشفاعة . { فمنْهُم } أى من النفوس ، لأن لفظ نفس لنكرة فى سياق النفى فعم ، أو من الناس لتقدم ذكر لفظ الناس ، أو من أهل الموقف لدلالة الكلام عليه { شَقىٌّ } سبق له القضاء الأزلى ، لأنه من أهل النار لما سيعمله { وسَعيدٌ } سبق له القضاء الأزلى بأنه من أهل الجنة لما سيعمله قيل السعادة هى معاونة الأمور الإلهية ، والمسارعة لفعل الخير ، وتيسره ، وعن ابن مسعود الشقى من شقى فى بطن أمه ، والسعيد من وعظ بغيره ، وروى السعيد من بطن أمه ، والشقى من بطن أمه . وعن ابن مسعود حدثنا الصادق المصدَّق " أن خلق أحدكم يجمع فى بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم أربعين يوما مضغة ، ثم يبعث ملك فيؤمر أن يكتب رزقه وعمله ، وأثره ، وشقى أو سعيد ، والذى لا إله غيره ، إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار حتى يدخلها ، وإن العبد ليعمل بعمل أهل النار حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب بعمل أهل الجنة حتى يدخلها " وفى رواية إن ذلك يكتب إذا وقعت النطفة فى الأرحام . وعن على " كنا فى جنازة فى بقيع الغرقد ، يعنى مقبرة المدينة زادها الله شرفا ، وكان فيها شجر يسمى الغرقد ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ، ومعه مخصرة ، فجعل ينكت ، أى يخط بها فى الأرض ، وهى ما يمسك باليد كالسوط والعصا ، ثم قال " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار " فقالوا يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا ؟ فقال " اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما من كان من أهل السعادة فسيصير لعمل السعادة ، وأما من كان أهل الشقاوة فسيصير لعمل الشقاوة " ثم قرأ { فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى } " الآية . وفى رواية " كنا ببقيع الغرقد فى جنازة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقعد وقعدنا ، فنكس رأسه وجعل ينكت فى الأرض فقال " ما منكم من أحد ولا من نفس منفوسة إلا وقد كتب مكانها فى الجنة أو فى النار ، أو كتب سعيدة أو شقية " وهذا شك من الراوى ، " فقال رجل يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا هذا وندع العمل ، فمن كان من أهل السعادة فيصير إليها ، ومن كان من أهل الشقاوة فيصير إليها ؟ فقال " أما أهل السعادة فيصيرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاوة فيصيرون لعمل أهل الشقاوة " وتلا هذه الآية { فأما من أعطى } " إلى آخره . وفى حديث آخر " اعملوا ولا تغتروا فكلكم ميسر لما خلق له ، سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة ، وإن عمل أى عمل ، وصاحب النار يختم له بعمل أهل النار ، وإن عمل أى عمل " . وظاهر الأحاديث والآية يدل أنه ليس هناك إلا شقى وسعيد ، وهو كذلك ، وأصحاب الأعراف والأطفال سعداء ، ويرقف فى طفل غير المتولى مع أنه فى الحقيقة إما سعيد وإما شقى ، والآية من المحسنات البديعية المعنوية ، وهى من الجمع مع التفريق والتقسيم ، وذلك أنه جمع الأنفس فى عدم التكلم إذ قال { لا تكلم نفس إلا بإذنه } ثم فرقهن إلى شقى وسعيد إذ قال { فمنهم شقى وسعيد } ثم قسم بأن أضاف للشقى ماله وللسعيد ماله إذ قال { فأمَّا الَّذينَ شُقُوا }