Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 116-116)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فلَوْلا } أى هذا وهى للتوبيخ التنديم ، ويجوز أن تكون للتحضيض تنزيلا للماضين منزلة الحاضرين ، وأن تكون للتحضيض باعتبار المخاطبين ، ولو كان اللفظ متوجها للماضين { كانَ مِنَ القُرونِ } الأمم . { مِنْ قَبْلكُم } كقوم نوح ، وعاد ، وثمود ، حال من القرون { أولُوا بقيَّةٍ } أى أصحاب دين وفضل وعقل ورأى ، وسمى الخير بقية لأنه يستبقى الإنسان ما هو أفضل ما يخرجه وأجوده ، يقال فلان بقية القوم ، أى خيارهم ، وقيل المعنى بقية من خير ، وقيل إن الشرائع والدول قوتها فى أولها ، ثم لا تزال تضعف ممن ثبت فى وقت الضعف ، فهو بقية الصدر الأول ، ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى البقوى ، كالتقية بمعنى التقوى ، أى أصحاب بقاء على أنفسهم ، أى ترحم لها وصيانة من العذاب ، ويؤيده أنه قرئ أولوا بقية بفتح الباء وإسكان القاف ، وهى المرة من البقاء كضربة وجلسة ، وهى المراقبة أى أولوا مراقبة وخشية من انتقام الله ، يقال بقاه يبقيه بقية إذا راقبه . { ينْهونَ عَن الفَسادِ } الكفر والمعاصى والظلم فى الأرض ، والمراد انتفاء ذلك منهم ، وفى الآية تنبيه على تغيير المنكر وحض إليه { إلاَّ قليلاً } استثناء منقطع لكن قليل { ممَّنْ } بيان للقليل لا تبعيض { أنْجَينا منْهُم } من العذاب الاستئصال ، قد نهوا عن الفساد ، ومن هذه للتبعيض ، ويجوز أن تكون للابتداء على حذف مضاف ، أى من عذابهم ، ويجوز أن يكون الاستثناء متصلا باعتبار النفى اللازم من التحضيض أو التنديم ، فإن التحضيض والتنديم إنما يكونان على ما لم يكن ، كأنه قيل ما كان من القرون أولوا بقية إلا قليلا ، والقليل هم أتباع الأنبياء فى زمانهم بدليل { ممن أنجينا منهم } . { واتَّبعَ الَّذينَ ظَلمُوا } بالفساد أو ترك النهى { ما أتْرِفُوا فيهِ } أى ما نعموا فيه من اللذات والشهوات ، واهتموا بتحصيل أسباب ذلك ، وأعرضوا عما وراء ذلك من أمر الدين والنهى ، والعطف على محذوف ، أى لم ينهوا واتبع الذين ظلموا ، وقرأ أبو عمرو فى رواية الجعفى وأتبع بضم الهمزة وتخفيف التاء وكسر الباء ، أى أتبعهم الله جزاء ما أترفوا فيه ، فتكون الواو للحال ، ويجوز على قراءة الجمهور بوصل الهمزة وتشديد التاء وفتح الباء ، أن تكون الواو للحال ، والذين مفعول ، وما فاعل ، أى وقد تبعهم جزاء ما أترفوا فيه ، ويقويه تقدم إنجاء الناهين ، لأن تقدمه يناسب أن يبين هلاك من لم ينه . { وكانُوا مُجرِمينَ } كافرين عطف على المحذوف المعطوف عليه ، اتبع الذين أو على اتبع الذين ، أو معترض بين به سبب الإهلاك ، وهو كثرة الظلم واتباع الشهوات ، وترك المنهى عن المنكرات والكفر ، فإن النهى والأمر ركنان من أركان الدين .