Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 12-12)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَعلَّك تَاركٌ بَعضَ ما يُوحَى إليْكَ } هذا كلام مترتب على قولهم { إن هذا إلاَّ سحر مبين } أو على قولهم { ما يحبسه } أو على الفرح والفخر الموصلين إلى تكذيبه ، وذلك أن المشركين يردون عليه ، ويهزءون بما يتلوا ، فقال الله سبحانه وتعالى فلعلك تترك تبليغ بعض ما يوحى إليك ، وهو ما يخالف رأيهم لئلا يردوه ويهزءوا به ، وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم تاركا ولا مهتما بالترك ، فإنه معصوم عن الخيانة فى الوحى ، والتقية فى التبليغ ، فليست صيغة التوقع لوقوع خبرها ، ولكنها للتحذير والتحريض عن التبليغ ، وتضمن ذلك تنبيها على أن تحمل أذاهم أهون من ترك بعض الوحى . { وضَائقٌ به } ببعض ما يوحى إليك ، أو بما يوحى إليك ، وإنما قال { ضائق } لا ضيق ، لأن المراد الحدوث ، فإنك إن أردت زيدا كان فيما مضى كريما ، أو سيكون كريما ، أو حدث له الكرم فى الحال قلت زيد كارم ، والمناسب التارك ، ولم يضق رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قط ، فالكلام فى ضائق كالكلام فى تارك ، وإنما ضاق قلبه أحيانا بقولهم ، وقيل إنه صلى الله عليه وسلم همَّ بعد التبليغ أن يترك ذكر آلهتهم بسوء ظاهر ، واشتد عليه أن يتلوها فيه ذكرها بسوء لما يلقى منهم من كلام السوء فى القرآن ونبوته ، فنزل ذلك ، وقيل الهاء فى به لمبهم يفسره قوله { أنْ يقُولُوا } مخافة أن يقولوا ، أو حذر أن يقولوا ، أو لئلا أن يقولوا { لَوْلا } توبيخ { أنزِلَ عليْهِ } من السماء { كَنزٌ } يستفنى به وينفعه ، وذلك أنهم رأوه فقيرا ، أو ينفقه على الناس فى أن يتبعوه كما تفعل الملوك . { أوْ جاءَ مَعَهُ مَلكٌ } يصدقه أنه رسول ، وأنه صادق . روى أن عبد الله بن أمية المخزومى قال إن كنت رسول الله الذى تصفه بالقدرة على كل شئ ، وأنت عنده عزيز ، فهلا أنزل عليك ما تستغنى به أنه وأصحابك ، وهلا نزل ملك يصدقك فتزول الشبهة ، فالمراد بقوله { أن يقولوا } أن يعبدوا القول بأن يتكرر فيهم تبعا لمن قاله أولا . { إنما أنتَ نذِيرٌ } هذا حصر إضافى منظور فيه إلى ما اقترحوه ، وإلا فهو بشير وغير ذلك ، فكأنه قيل أنت مقصور على الإنذار لا تتجاوزه إلى إنزال كنز عليك ، ومجئ ملك معك يصدقك ، بل الإنذار يتضمن التبشير ، لأنه قد قرر لهم أنه لا منزل إما الجنة أو النار ، فإنذاره بالنار لمن لم يتب والتبشير بالجنة لمن تاب . { واللهُ عَلى كلِّ شيءٍ وَكيلٌ } فهو حافظ لأقوالهم وأفعالهم ، فيجازيهم عليها .