Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 27-27)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَقالَ الملأ } الأشراف ، مِن ملئ بكذا بمعنى أطاقه ، وهم ملئوا بالأمر وتدبيره وكفايته ، أو على ، أى استند وظاهر ، فإنهم يتظاهرون ويتساندون ، أو سموا بذلك لأنهم يملئون القلوب ، أو لامتلائهم بالأحلام والآراء الصائبة . { الَّذين كَفَرُوا مِنْ قَومِه ما نَراكَ إلا بشَراً مثْلَنا } لا مزية لك علينا تخص بها من بيننا بالنبوة ووجوب الطاعة لك ، وذلك تعام منهم عن معجزاته ، وعدم اعتداد بها ، لأنهم إنما يعتدون بأمر الدنيا ، أو إشارة إلى أن الرسول إنما يكون مَلَكاً لا بشراً مثلنا ، أو تعريض بأنهم أحق بالنبوة منه ، لأنهم ذووا مال ودنيا . { وما نَراكَ اتَّبعكَ إلاَّ الَّذينَ هُم أراذِلُنا } أخساؤنا وسفلتنا ، كالحاكة والأساكفة ، اعتقادا منهم أن الأشرف من له مال وجاه ، لم يدروا أن الازدياد فى الدنيا يبعد عن الله ، ويضع ولا يرفع ، فلذلك كان غالب الأنبياء وأتباعهم فقراء ، ليكون حالهم مرغبا فى الآخرة ، ومن هذا فى الدنيا ، بل غالب من يتبعهم حين يبدوا أمرهم ، وهو من يكون عند الناس مستقلا ، والمفرد أرذل بفتح الذال ، ويجوز كونه جمع أرذل بضمها الذى هو جمع رذل بإسكانها ، وعلى هذا هو جمع الجمع . { بَادِىَ الرَّأىِ } من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أى الرأى البادى ، أو الإضافة للبيان ، والنصب على الظرفية ، ويتعلق بمحذوف ، أى اتبعوك وقت حدوث بادى الرأى ، فظرفيته إنما هى بالنيابة ، وهو اسم فاعل بدا بألف لا بالهمزة يبدوا بالواو كدعا يدعو بمعنى ظهر ، أى اتبعوك قبل أن يتوصلوا إلى الرأى الباطن السديد ، ولو تأملوا لم يتبعوك فى الرأى الذى ظهر ، ولعل لهم رأيا أخفوه فى تكذيبك ، واسم فاعل بدأ يبدأ بالهمزة فيهما ، لكن أبدلت فيه بالجواز إبدالها بعد كسرة ياء ، أو على لغة من يقول بدا يبدا بألف فيهما بدلا من الهمزة ، والمعنى اتبعوك أول الرأى ، ولفظ أول تصح ظرفيته بلا تقدير ما يدل على الظرفية ، وقدر بعضهم هنا أيضا وقت حدوث أول الرأى . وقرأ أبو عمرو باداء بالهمزة من بدأ يبدأ بالهمزة ، وذكر غيرى أنه يتعلق باتبعك المذكور ، أى وما نراك اتبعك فى بادى الرأى إلا الأراذل ، وأما غيرهم فلم يتبعك فيه ، بل تأمل وتحقق حتى ظهر أنك غير صادق ، وأجاز بعضهم تعليقه بأراذل أو نرى . { ومَا نَرَى لكُم عَلينَا مِنْ فَضلٍ } تكونوا ما به أهلا لنبوة ، واستحقاق المتابعة ، والخطاب لنوح ومن اتبعه ، فكأنهم قالوا ليس نوح أهلا للنبوة ، ولستم أهلا أن تكون فيكم ، بأن يكون صاحبها منكم ، فليس نوح أهلا لها لذاته ، ولكونه فيكم ، وغالب المخاطب وهو نوح على الغائبين وهم من اتبعه ، وكذا فى قوله { بَلْ نظنُّكم كَاذِبينَ } نظنك كاذِبا فى دعوى الرسالة ، ونظنهم كاذبين فى دعوى صدقك ، ويجوز كون الخطاب لنوح عليه السلام وحده ، تعظيما له تبعا منهم ، لعنهم الله ، للمنصب الذى يذكره من نفسه ، وهو منصب الرسالة ، ولو كانوا مكذبين به ومتهاونين .