Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 31-31)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولا أقُولُ لكُم عِنْدى خَزائنُ اللهِ } أى ماله ، وإن لى عليكم فضلا بها حتى تجحدوا فضلى حين اطلعتم على أنها ليست عندى ، أو لا أقول هى عندى أعطيكم منها إن اتبعتمونى ، وهذا مستأنف ، وقيل معطوف على لا أسألكم عليه مالا . { ولا أعْلم الغَيْب } عطف على عندى خزائن الله ، فكأنه قيل ولا أقول أعلم الغيب فتستبعدوا علمه فتكذبونى ، ويجوز أن يكون المعنى لا أكلف علم الغيب ، فأعلم ما فى قلوب من اتبعنى من أسرار خلاف ما أظهروا ، وإنما على قبول ما أظهروا ، وذلك أنهم قالوا كما مر إن الأراذل اتبعوه فى الظاهر ، وعلى هذا يكون العطف على ما ذكر ، أو على لا أقول ، وفسر ابن الأنبار فى الخزائن بالغيب ، قلت وجهه أنه نفى علم الغيب مرتين تأكيدا أو لاعتبار اللفظ ، وهو متخالف كما تقول لا أقول زيد قام ولا قام زيد ، أو معنى كون الخزائن غيبا أنها مال غيبه الله . { ولا أقُولُ إنى مَلَكٌ } قاله رداً عليهم ، إذ يقولون إنك لست مَلَكاً فكيف تكون رسولا ؟ أو رداً على قولهم { ما أنت إلا بشر مثلنا } على أنهم أرادوا به نفى الملائكة ، ويجرز أن يجيب عليه بما يحتمله ، فيكون نفى الملكية باعتبار أنهم أرادوها به وبغير المال ، باعتبار أنهم أرادوا به أنك لم تفضلنا فى المال ، مثل أن يقال لك إنك لست بفقير ؟ فيقول لم أتجر ولم أرث غنيا ، ولم أحرث ، أتريد كيف أكون غنيا ، ولم أفعل شيئا من ذلك ؟ كذا ظهر لى ، وعلى كل حال فلا دليل فى قوله { ولا أقول إنى مَلَك } على أن الملك أفضل من المؤمن مطلقا ، ولو نبيا لأنه إنما قال ذلك جوابا لقولهم إن الرسول ملك لا وضعاً لمرتبة النبوة ، فليس من باب قولك لا أدعى أنى عالم ، ولا أدعى أنى سلطان المشعر بتسفل مرتبتك عن مرتبتى العالم والسلطان ، خلافا لمن وهم . { ولا أقُولُ للَّذينَ } أى فى الذين ، أى فى شأن الذين ، وإنما قلت ذلك لأنه لم يخاطب هؤلاء ، بل عبر بصيغة الغيبة إذ قال بعد ذلك { لن يؤتيهم الله خيراً } { تَزْدرِى } وزنه تفتعل ، وأصله تزترى بتاء بعد الزاى ، أبدلت دالاً ، لأن الزاى جهرية ، والتاء همسية ، فلم يتجانسا ، بخلاف الدال فإنها جهرية كالزاى ، وهو من زرى عليه إذا عابه وحقره ، فالمعنى ولا أقول للذين تحقرهم . { أعْينُكم } أسند الازدراء إلى أعينهم مع أنه قلبى ، مبالغة وتنبيها على أنهم حكموا عليهم بأنهم أراذل بمجرد وقوع أعينهم عليهم ، لما رأوا من قلة مالهم ، وعدم تصنعهم فى لباسهم ، وحالهم ، دون تفكر ، ولو تفكروا لوصفوهم بالكمال . { لَنْ يؤْتيَهم اللهُ خَيراً } صلة الذى ، والخير هنا خبر الدنيا والآخرة ، أى لا أنفى عنهم الخيرين ، كما يقتضى قولكم إنهم ليسوا بأهل خير ، فإن لهم خير الآخرة ، وليس لكم وهو خير مما آتاكم الله فى الدنيا ، قادر أن يعطيهم خير الدنيا أيضا . وقال الحسن الخير هنا خير الآخرة ، وقد قيل إنه التوفيق والهداية ، والإيمان والثواب على ذلك فى الآخرة ، ويجوز أن يراد خير الدنيا أى لا أقول ليسوا أهلا لأن يؤتيهم الله خيراً فى الدنيا ، وقد قيل حيثما ذكر الخير فى القرآن ، فالمراد المال ، وقال عياض بل حيث ذكر ، فالمال يدخل فيه ، قلنا يبعد إرادة المال فى { إن علمتم فيهم خيراً } ولم يرد فى أن ترك خيراً إلا المال . { اللهُ أعْلَم بما فى أنْفُسِهم } قلوبهم من خير أو شر { إنِّى } سكن الياء غير نافع ، وأبى عمرو { إذاً } حرف جواب وجزاء ، لقوله { لن يؤتيهم الله خيراً } لو قاله ، وأهملت لعدم ما تعمل فيه ولتوسطها ، أو ظرف زمان ماض تنوينه عوض عن جملة ، أى إذ قلت ذلك كذا قيل ، واعترض بأن التى تكون هكذا مكسورة الذال مسبوقة بنحو حين أو يوم ، وليس هذا الاعتراض بشئ عندى لصحة المعنى على ذلك ، وكثرة ورود مثلها بلا مانع من حملها على ذلك ، ولا ضير فى الفتح ، فكما تجرد بالكسر على أصل التخلص من التقاء الساكنين ، تحرك بالفتح للتخلص مع قصد الخفة ، وقيل هى إذا الظرفية الاستقبالية التى هى بألف بلا نون ، حذفه الجملة بعدها ، وعوض عنها التنوين ، وحذفت الألف فى النطق لئلا يلتقى ساكنان ، كأنه قيل إنى إذا قلت ذلك { لمنَ الظَّالمينَ } لَهم ، وادعى بعضهم أن المراد أنى لمن الظالمين إن طردتهم .