Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 37-37)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ واصْنَع الفُلْك بأعْيُننا } بمرأى وحضرة وعلم منا ، وذلك كناية عن الحفظ العظيم على طريق التمثيل ، فإن مراعاة الشئ عن الاختلال وحفظه عمن أراده بسوء إما يكونان فى الجملة بعين الوجه ، تعالى الله عن ذلك ، ولو كان ذلك ليس على حقيقة جمع العين ، وهو مبالغة ، ويصح أن يكون المراد بالأعين الملائكة الذين جعلهم الله رقباء على حفظه ، وعلى كل حال ، فإن الله حفظه عن أن يزيغ فى صنعته ، وأن يمنعه أحد عنها . { وَوَحْيِنَا } أى أمرنا ووحْينا إليك بكيفية صنعها ، قال ابن عباس لم يعلم كيف صنعتها ، فأوحى إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر ، وعن بعض أن رأسها مثل رأس الحمامة ، وذنبها مثل ذنب الديك . قال فى عرائس القرآن أقنطه الله من إيمان قومه ، وأخبره أنه لم يبق فى أصلاب الرجال ، ولا فى أرحام النساء مؤمن ، وأمره أن يصنع الفلك . قال رب وما الفلك ؟ قال بيت من خشب يجرى على الماء ، حتى أغرق أهل معصيتى ، وأريح أرضى منهم . قال يا رب أين الماء ؟ قال يا نوح إنى على ما أشاء قدير . قال رب أين الشجر ؟ فأمره بغرس الشجر فغرسه ، فأتى على ذلك أربعين عاما ، فكف فى تلك المدة عن الدعوة ، وأعقم الله تعالى أرحام نسائهم ، ولما أدرك الشجر أمره بقطعه فقطعه وجففه ولفقه . فقال يا رب كيف أتخذ هذا البيت ؟ قال اجعله على ثلاث صور رأسه كرأس الديك ، وجوفه كجوف الطير ، وذنبه كذنب الديك مائلا ، واجعله ثلاث طبقات ، واجعل له أبوابا فى عرضه ، واجعل طوله ثمانين ذراعا ، وعرضه خمسين ، وطولها فى السماء ثلاثين ، والذراع إلى المنكب ، هذا قول أهل الكتاب ثم بعث الله جبريل يعلمه ا هـ . وكتب على كل مسمار اسم نبى ، فعدد مساميرها كعدد الأنبياء ، وقيل إنه أمر عوجا أن يأتيه بالخشب ، فأتاه بها من الشام . وقال زيد بن أسلم مكث نوح مائة سنة يغرس الأشجار ويقطعها ، ومائة سنة يصنع الفلك . وقال كعب عمله فى ثلاثين سنة ، وعن الحسن طولها ألف ذراع ومائتا ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع . وعن ابن عباس اتخذها فى سنتين ، وطولها ثلاثمائة ذراع ، وعرضها خمسون ذراعا ، وطولها فى السماء ثلاثون ذراعا ، وكانت من خشب الساج . وروى أنه عملها فى دمشق ، وقطع خشبها من جبل لبنان ، زعم أهل الكتاب أن الله أمره أن يصنعها منه . وقيل قال لجبريل كيف أصنعها ولست نجارا ؟ قال فإن ربك يأمرك بصنعها ، فأخذ القادوم فجعل ينجر فلا يخطئ ، وعن الضحاك ، عن ابن عباس طولها ستمائة وستون ذراعا ، وعرضها ثلاثمائة وثلاثون ذراعا ، وطولها فى السماء ثلاثة وثلاثون ذراعا ، وطلاها بالقار ظاهرا وباطنا ، قيل فجَّر الله عين القار حيث يضعها ، فغلى غليانا حتى طلاها . وروى أن نوحا أبطأ فى عملها رجاء إيمانهم ، فكان يعمل فى مهلة ، وإنما يقم هذا لو كان إيحاء الله إليه بأنه لن يؤمن إلا من قد آمن ، بعد أمره بصنع السفينة . وروى أن الله سبحانه أوحى إليه أن عجل فى صنع السفينة ، فقد اشتد غضبى على من عصانى ، فاستأجر نجارين يعملون معه ، ومع أولاده سام ويافث وحام ، ينحتون الخشب ، ولما كملت قالت لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، ونوح نبى الله ، أنا السفينة التى من ركبنى نجا ، ومن تخلف غرق ، ولا يدخلنى إلا أهل الإخلاص ، فقالوا هذا من سحرك . فسار نوح إلى الحج والعمرة ، فأذن الله له ، فهم قومه بإحراقها بعده ، فرفعتها الملائكة ، وهم ينظرون ، ولما رجع أتوا بها . { ولا تُخاطِبْنى } لا تدعنى بدفع العذاب { فى الَّذينَ } أى فى شأن الذين ، أو لا فلا تراجعنى فى استدفاع العذاب عن الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصى { إنَّهم مُغْرقونَ } بالطوفان ، لا سبيل لنجاتهم ، وروى أنه دعاه فى ابنه كنعان ، وامرأته واعلة ، فنزل عليه ذلك قبل مقتضى الظاهر أن لا يقال إنهم مغرقون بالتأكيد ، لكن لما لوح إلى نوح عليه السلام ما يشعر إشعارا ما بأنه قد حق عليهم العذاب ، صار المقام مقام ترد المخاطب ، هل صاروا محكوما عليهم بالإغراق أم لا ، والمتردد يحسن التأكيد له فأكد .