Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 42-42)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَهى تَجْرى بِهم } كلام مستأنف فى الإخبار عنها فيما ظهر لى ، وذكر القاضى تبعا لجار الله أنه متصل بمحذوف دل عليه { اركبوا } أى فركبوا مسمين وهى تجرى وهم فيها { فى مَوْجٍ } أى وسط الموج أو تشقه أو مع الموج { كالجِبالِ } كل موجة كالجبل عظما وارتفاعا ، وهى الماء المرتفع عند الاضطراب ، وهذا دليل على أن الماء لم يطبق ما بين السماء والأرض ، فإن الموج فوق الماء ، ولما روى أنه جعل لها بابا وكوى فى وسطها ، وأن أهلها أظلمت أعينهم بالنظر إلى الماء حتى نوحا ، فأمروا بالاكتحال بالأثمد يوم عاشوراء الذى خرجوا فيه منها . قال ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم تمرد عيناه أبدا " وإنما على الماء شوامخ خمسة عشر ذراعا ، ذكره ابن عباس ، وقيل أربعين ذرعا . وقال جار الله إن الماء طبق ما بين السماء والأرض ، وإن الفلك تجرى جوف الماء كالحوت ، وقيل بين ماء الأرض وما السماء ، فتكون غير مفتوحة الأعلى ، ويكون بابها مغلقا بحيث لا ينفذه الماء ، وإنما جعل ليدخلوا منه أولا ، ويخرجوا منه آخرا ، وكذا الكوى غلقت عند وصول الماء إليها ، ويكون الموج قبل التطبيق ، فيكونون يستضيئون بنحو مصباح أو جوهرة ، ثم رأيت التلاتى ذكر أنهم يعرفون بعضهم بعضا ، وينظرون مصالحهم بنور جوهرة فى صدرها ، وإذا زال علموا بالليل ، ويعرفون الصبح بصراخ الديك ، سبحان الله القدوس ، وروى أن نصف الماء من السماء أخضر ، ونصفه من الأرض أبيض . قال فى عرائس القرآن ، طافت السفينة بأهلها الأرض كلها ستة أشهر ، وطافت بالحرم سبعا ولم تدخل ، وقيل دخلته ، وطافت بالبيت سبعا أعنى بموضعه وهو يسمع تلبيتها ، وقد رفع الله البيت ، وخبأ جبريل الحجر الأسود فى أبي قبيس ، ومرت قبل ذلك على بيت المقدس ، فقالت له هذا موضع بيت المقدس ، ولا تمر على موضع إلا أخبرته به . قالت عائشة رضى الله عنها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لو رحم الله أحدا من قوم نوح لرحم أم الصبى خشيت عليه الغرق ، وكانت تحبه حبا شديدا ، فخرجت به إلى أعلى الجبل فارتفعت حتى بلغت قمته ، ولما بلغها الماء خرجت حتى استوت فى الجبل ، وحملت الصبى ، فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء " وهذا دليل على أن الله سبحانه وتعالى لم يعقم أرحام نسائهم ، وأن فيهم من لم يبلغ ، ولا مانع من إغراق من لم يبلغ ، كما أهلك أنواع الحيوان كله غير ذكر وأنثى من كلٍّ ، وكما أهلك من لم يبلغ من الأمم مع من بلغ كقوم هود وصالح . فلله فعل ما شاء فى ملكه وهو الحكيم ، فإن الله سبحانه أغرق أهل الأرض إلا من فى السفينة وقوما سيأتى ذكرهم فى سورة نوح ، قيل وإلا عوج بن عانق ، وكان يشرب من السحاب ، ويتناول الحوت من قمر البحر ويشوبه لعين الشمس ويأكله ، ويرد شيَّه لعين الشمس أن حرارة الشمس حيث السحاب وما فوقه لا تبلغ الشئ ، وما هى إلا فوق حرارتها فينا بيسير قال لنوح احملنى معك ، فقال لا يا عدو الله ، فإنى لم أومر بذلك ، وما بلغ ماء الطوفان ركبتيه ، وقيل بلغ خاصرته ، وسبب نجانته فيما قالوا أنه حمل خشب الساج من الشام لنوح ، وكان ولد زنى ، وعناق أمه ولد فى حياة آدم عليه السلام ، وعاش ثلاثة آلاف سنة وستمائة سنة ، ولم يعش هذه المدة غيره ، وقيل عاش ألف سنة ، وأعان نوحا على عمل الفلك ، وقال له يوما أشبعنى يا نوح ، فأتاه بثلاثة أقراص من خبز شعير وغطى به رأسه وقال له قل بسم الله الرحمن الرحيم فقالها فشبع بقرص ونصف ، وقال كنت أظن أنى لا يشبعنى طعام الدنيا كلها حكاه التلاتى . وقيل قال لا أقول بسم الله الرحمن الرحيم فأكل فشبع ، وذكر ابن كثير وابن القيم أنه لم يكن عوجا ، وأنه كذب من أهل الكتاب ، وذكر السيوطى أنه من بقية قوم عاد ، وأن طوله نحو مائة ذراع لا ما قالوا ، وأن موسى قتله ، وذكر بعض أنه ولد زنى لأخت نوح . { ونَادَى نوحٌ ابنَهُ } اسمه كنعان ، وقيل بام وهو كافر ، وقرأ على بن أبى طالب ابنها ، وقرأ ابنه محمد ابنه بفتح الهاء وإسقاط الألف اكتفاء بالفتحة ، إما على أنه ابن لها دونه وهو ربيبه كما قال اللقانى ، ومحمد بن جعفر الباقر ، وإما على أنه ولد زنى كما قال الحسن ومجاهد ، ولم يعلم به نوح ، وقيل علم ورد بأن نساء الأنبياء معصومة من ذلك ، وأما { فخانتاهما } فالمراد به الخيانة فى الدين ، وأما { إن ابنى من أهلى } فليس نصا إذ لم يقل إن ابنى منى ، فقال الله إنه ليس من أهلك الناجين ، أو توهم أن الربيب كالابن فقال إنه من أهلى ، فقال الله إنه ليس كالابن ، وإنه كافر . قال الحسن والله ما كان ابنه ، فقال قتادة إن أهل الكتاب لا يختلفون أنه ابنه ، فقال ومن يأخذ دينه من أهل الكتاب ، وقرأ السدى ونادى نوح ابنه بألف الندبة ، وهاء السكت ، وإنما ساغ حذف حرف الندبة لكون ذلك حكاية ولدلالة الألف . { وكانَ } الواو للحال بلا تقدير قد ، وأوجب تقديرها { فى مَعْزِلٍ } أى موضع عزل ، فهو اسم مكان ، وهو موضع عزل فيه نفسه عن السفينة ، أو عن أبيه ، أو عن دين أبيه ، أو شبه دين الكفر بموضع استقر عليه ، وعزل فيه نفسه عن دين أبيه . { با بُنىَّ } أصله بنيو أبدلت الواو وهى لام الكلمة ياء ، وأدغمت فيها ياء للتصغير ، وحذفت ياء الإضافة التى بعد الواو اكتفاء بالكسرة لا للساكن بعدها وهو الراء ، وإلا كتبت فى الخط ، ولو حذفت خطا ، اللهم إلا أن يقال حذفت فى الخط تبعا للفظ من شذوذ خط المصحف ، وذلك قراءة الجمهور فى القرآن ، إلا ابن كثير ، فإنه أثبت بالإضافة فى الموضع الأول من لقمان باتفاق الرواة عنه حال الوقف ، وفى الثالث فى رواية قنبل وإلا عاصما فإنه فتح الياء هنا اقتصارا على الألف المحذوفة المبدلة من ياء الإضافة ، وإنما حذفت الألف تخفيفا للساكن بعدها ، وإلا ثبتت فى الخط إلا أن يقال كما مر حذفت من الخط شذوذا أو اختلف الرواة عنه فى سائر المواضع ، وقرأ السدى يا ابناه بألف الندبة وهاء السكت . { ارْكَبْ مَعَنا } فى السفينة ، وأدغم الباء فى الميم أبو عمرو والكسائى وحفص لتقاربها { ولا تَكُن مَع الكَافِرينَ } فى دينهم ، بل أسلم واركب معنا فتنجو ، وذلك واضح من أنه يكون خفى عليه كفره .