Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 46-46)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قالَ يا نُوحُ إنَّه لَيسَ من أهْلكَ } الناجين محذوف النعت ، أو من أهل دينك ، فحذف المضاف ، وذلك أنه ابنه ، ولا مانع من كون ولد نبى كافرا كقابيل ولد آدم ، ولأن من كون نبى وآله كافر كإبراهيم ، فإن أباه آزر كافر ، فإن الصحيح وهو مذهب الجمهور أنه ابن نوح ، وعليه ابن عباس ، والضحاك وابن جبير ، وعكرمة ، وهو الموافق لقوله { يا بنى } فإن الأصل الحقيقة لا ينصرف عنها إلا لدليل ، ولكن قطعت الولاية بينهما لكفره ، وقد قال الحسن إنه مؤمن الظاهر مشرك الباطن ، فأخبره الله أنه ليس من أهلك ، ويدل لذلك تعليله بقوله { إنَّه عَملٌ غيرُ صَالحٍ } إن عمله غير صالح فحذف المضاف من أول ، أو أنه ذو عمل غير صالح فحذفه من الأخير ، فذلك من مجاز الحذف ، ووجه الأول أن يبنى الكلام من أوله على ما هو المراد ، ووجه الثانى أن التغيير أليق بالأخير ، أو أنه عامل غير صالح بتنوين عامل ورفعه ورفع غير ، كما تقول فلان عامل فاسد بتنوينهما ، فذلك مجاز مرسل لعلاقة التعلق أو الاشتقاق إذا أطلق المصدر وأراد اسم فاعل ، أو أنه نفسه عامل غير صالح ، فيكون مبالغة فى فساده ، حتى كأنه نفس العمل الفاسد ، كما تقول إن زيدا عمل ، وإنه صوم إذا كثر عمله وصومه ، وكقول الخنساء تصف ناقة ذهب عنها ولدها @ ترتع ما غفلت حتى إذا ذكرت فإنما هى إقبال وادبار @@ أو الهاء للنداء والسؤال كما قال النخعى ، وذكره المهدوى ، أى إن نداءك عمل غير صالح وهو حسن ، وقال جار الله وليس بذلك والجمهور على غيره ، ولو كان لا مجاز فيه ولا مبالغة وقرأ الكسائى ويعقوب إنه عمل بكسر الميم وفتح اللام ، وهو فعل ماض غير بالنصب على المفعولية ، وكذا روت أسماء بنت يزيد الأنصارية عنه صلى الله عليه وسلم ، أى عملا غير صالح ، فحذف المنعوت والهاء على هذا لابنه أو للشأن ، وضمير عمل لابنه ، ولم يستغن بفساد عن قوله { غير صالح } ليشير إلى أن نجاة من نجا بالصلاة وإلى مغايرة عمله لعمل من نجا بأن عمل من نجا صالح ، وعمل لبنه غير صالح ، والنجاة إنما هى بالصلاح لا بالقرابة . { فَلاَ تَسْألنى } بإثبات الباء فى الوصل كالوقف فى رواية ورش ، عن نافع ، وبذلك نقرؤه ، وروى غير ورش عنه حذفها فى الوصل ، وأما كسر النون مشددة وفتح اللام فمتفق عليه عن نافع ، وكذا قرأ ابن عامر ، وأثبت الياء فى الوصل ، والنون نون التوكيد الشديدة كسرت للياء ، وحذفت نون الوقاية تخفيفا عن اجتماع ثلاث نونات . قلت أو النون المدغمة نون التوكيد الخفية والمتحركة بكسر نون الوقاية ، وقرأ ابن كثير بفتح النون مشددة ، وهى نون التوكيد الشديدة ، والياء محذوفة مع نون الوقاية وهو أنسب بما ذكرته أولا ، وقرأ الباقون بنقل فتح الهمزة للسين ، وحذفت الهمزة وإسكان اللام وكسر النون مخففا ، وهو نون الوقاية ، وحذف الياء . { مَا ليسَ لَكَ بهِ عِلمٌ } أصواب هو أم خطأ ، قال جار الله وذكر المسألة دليل على أن النداء كان قبل أن يغرق حين خاف عليه انتهى . وليس له علم بأنه صواب أم خطأ ، فكان ينبغى أن لا يسألها حتى يعلمها صوابا . وقيل ذلك النداء بعد الغرق استكشافا عن وجه غرقه ، مع أنه من أهله ، والنهى إنما هو تأديب لما بعد ، وروى أنه كان يعلمه كافرا ، وسأل له النجاة من الغرق لكمال الشفقة ، وعدم العلم بمنع ذلك السؤال ، وإنما سمى نداءه سؤالا لاشتماله على ذكر الوعد بنجاة أهله ، وذكر الوعد لواعده طلب منه لقضائه ، فكأنه قال ربى نج ابنى ، فإنه من أهلى ، وقد وعدتنى نجاتهم ، وهذا على أن النداء قبل الغرق ، وأما على أنه بعده فذكر الوعد طلب التفسير وجه عدم نجاته ، مع أنه من أهله وسمى الله سؤاله جهلا حتى نهاه عنه بقوله { أعظُكَ أن تَكونَ مِن الجاهِلينَ } لأن رؤيته غريقا أو قريبا من الغرق دليل على كره السابق القضاء عليه به ، الشامل له دعاءه { رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديَّاراً } الدال على أنه ممن شمله الاستثناء فى قوله { إلا من سبق عليه القول } فذلك مغن له عن السؤال ، ولكن الهول الذى هو فيه مع حب الولد بالطبيعة أنساه ، وسكن ياء إنى غير نافع ، وابن كثير ، وأبى عمرو ، وكذا الياء فى قوله { قالَ ربِّ إنِّى أعوذُ } .