Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 48-48)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قِيلَ يا نُوحُ اهْبطْ } من السفينة أو من الجودى إلى الأرض ، وقرئ بضم الياء { بَسلامٍ منَّا } أى بسلامة ثابتة منَّا لك من المكاره أو بتسليمنا إياك من المكاره ، فمنا نعت لسلام ، أو بسلامه من مكارهنا ، أو بتسليمنا إياك من مكارهنا ، فمنا متعلق بسلام على حذف مضاف كما رأيت ، وسلام مصدر أو اسمه كما رأيت أيضا أو بالتحقيقية منا ، فمنا نعت والباء بمعنى مع . { وبَرَكاتٍ عَليْكَ } الخيرات النامية ، وعن بعضهم أراد البركة فى النسل ، فإن الناس كلهم من أولاده الثلاثة ، ولم يلد سواهم ، فمن كان فى السفينة ولد ، فلذلك يسمى آدم الأصغر ، وآدم الثانى والجد . { وعَلى أممٍ ممَّن مَعَك } وعن محمد بن كعب القرظى هذا الوعد يعم جميع المؤمنين إلى يوم القيامة ، أى وعلى أمم ناشئة ممن معك ، فمن للابتداء ، ولكن النشأة من أولاده الثلاثة فقط ، ويجوز أن يكون المراد بالأمم من معه ، فتكون من للبيان ، سماهم أمما لأنهم جماعات ، أو لأن الأمم تتشعب منهم ، وذلك أنها تتشعب من أولادى الثلاثة ، وهم فيهم ، وقيل أعقبت الثلاثة وغيرهم ، اجتمعت ثمانى ميمات فى قوله { أمم ممن معك } بإبدال التنوين والنون ميما ، ولم تثقل فى اللسان ، من معجزات القرآن . ولما نزل نوح إلى الأرض ممن معه ، بنوا قرية تحت ذلك الجبل ، وتسمى سوق الثمانين ، لأن فيها ثمانين إنسانا ، وهى أول قرية بعد الطوفان . قال التلاتى خرجوا من السفينة ، ورجع كل من الليل والنهار ، والشمس والقمر والنجوم ، يريد أن ذلك ظهر على الأرض ولأعينهم ، وقد كانوا فى السفينة مطبقة عليهم عند بعض ، وأمر قومه بتحريم الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وما أهل لغير الله به ، وتحريم قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق ، وقسم الأرض بين أولاده أعطى الحجاز والشام واليمن لولده سام الذى هو أبو أب العرب ، وأعطى المغرب لولده حام وهو أبو أب السودان ، والمشرق ليافث أى الترك والزنج ، ويأجوج ومأجوج وقيل بعثه الله ابن ثلاثمائة سنة وخمسين ، ولبث فى قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وعاش بعد الطوفان مائة سنة ، وجاءهم يوم عيد فطر ، ورفع رأسه وسأل النصر من الله ، فقال أدعوكم إلى توحيد الله وطاعته ، وأنهاكم عن معصيته وعبادة الأصنام ، فاتقوا الله وأطيعونى . فسقطت الأصنام من الكراسى إلى الأرض ، وحاربوه محاربة قوية متصلة قرن بعد قرن ، أدت إلى دعائه عليهم { ربى لا تذر } الخ ، ولم يفرخ لهم حمام ، ولم تلد لهم امرأة ، ولم تنزل عليهم قطرة من السماء ، ولم تنبت لهم نبتة بدعائه ، فتيقن قومه العظام الهلاك . وفى عرائس القرآن ، عن سمرة بنت جندب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " سام أبو العرب ، وفارس ، والروم " قيل وأهل الشام واليمن ، وحام أبو السودان ، وقيل الهند ، والسند ، والحبشة ، والنوبة ، والقوط ، وكل أسود ، ويافث أبو الترك ، ويأجوج ومأجوج ، وقيل والبربر والصين والصقالبة . قال عطاء دعا نوح على حام أن لا يعدو شعر ولده آذانهم ، وأنهم حيث ما كانوا يكونوا عبيدا لولد سام ويافث قال التلاتى قال لولده حام ، لما هبط من السفينة إنى لم أشبع النوم منذ ركبت السفينة وأريد أن أنام يوما لأشبعه ، فوضع رأسه على حجره ونام ، فهبت الريح وكشفت سوأته ، فلما رآها حام ضحك ، فوثب أخوه سام وسترها ، ولما انتبه من نومه قال لأى شئ ضحك حام ؟ فأخبره سام بفعله ، فقال له نوح عليه السلام أتضحك من سوأة أبيك ، غيَّر الله خلقتك ، وسوَّد وجهك ، فاسودَّ فى الحال ، وقال لولده سام ، سترت عورتى ستر الله عورتك فى الدنيا ، وغفر لك فى الآخرة ، وجعل نسلك الأنبياء والأشراف ، وجعل نسل أخيك حام العبيد والإماء ، وجعل نسل أخيك يافث الجبابرة والملوك العاتية ، ويدل على أن المراد بقوله { أمم ممن معك } المؤمنون قوله { وأممٌ سَنمتِّعهمْ } بالرفع ، وهو كلام مستأنف ، وأى أمم ناشئة ممن معك سنمتعهم فى الدنيا { ثمَّ يمسُّهم مِنَّا عَذابٌ أليمٌ } فى الآخرة لكفرهم وهو عام ، وقيل المراد قوم هود ، وصالح ، ونحوهم ممن أهلكه الله بعذاب الاسئتصال وهو العذاب الأليم فى الدنيا ، وأمم مبتدأ خبره { سنمتعهم } وقدرت الصفة ، أى أمم ممن معك كما ذكر ذكر قبل ، والمبتدأ والجملة صفة ، والخبر محذوف أى أمم سنمتعهم ناشئون ممن معك .