Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 5-5)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ألا إنَّهم يَثْنونَ صُدورَهُم } عن الحق ، أى يحرفونها عنه ، أو يطوونها على الكفر والعداوة ، ويظهرون خلافهما ، أو يثنون صدورهم برءوسهم ، أى يطأطئون برءوسهم عليها إذا لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو حضروه لئلا يراهم ، ويغطون أيضا وجوههم ، ويولُّونه ظهورهم ، يتواعدون على فعل ذلك ، وعن قتادة يحنون صدورهم لئلا يسمعوا كتاب الله وذكره ، وقرئ تثنونى بمثناة فوقية مفتوحة وهى حرف المضارعة ، فثاء مثلثة مسكنة ، وهى فاء الكلمة ، فنون مفتوحة وهى عينها ، فواو ساكنة زائدة ، فنون مكسورة تكرار لعين الكلمة ، فياء مثناة تحتية هى لامها بوزن يفعوعل من معتل اللام ، وذلك مثل يحلولى بكسر اللام الأخير ، والماضى اثنونى بفتح النون بعدها ألف كاحلولى بفتح اللام بعدها ألف ، وذلك مبالغة فى الثنى ، كما بولغ فى الحلاوة بقولك يحلولى . ونسب بعضهم هذه القراءة لابن عباس وجماعة ، وقرئ تثنونى بمثناة فوقية مضمومة وهى حرف المضارعة ، فثاء مفتوحة مثلثة هى فاء الكلمة فواو ساكنة زائدة فنون مكسورة هى عينها ، فياء مثناة تحتية هى لامها ككوثر بكوثر . ونسبها بعضهم لابن عباس ، وقرئ تثنوى بوزن ترعوى ، وقرئ تثنون من الثن وهو ما ضعف وهش من الحشيش ، يريد مطاوعة صدورهم للتحريف عن دين الله ، أو أراد ضعف إيمانهم ومرض قلوبهم ، وهو بتاء مثناة فوقية مفتوحة ، فمثلثة هى لام الكلمة مسكنة ، فنون مفتوحة هى عين الكلمة ، فواو مكسورة زائدة ، فنون مشددة يقع الإعراب فيها ، والمدغمة زائدة تكرار لعين الكلمة والمدغم فيها لام الكلمة ، ووزنه تفعوعل من المضاعف ، وأصله تثنونن بإسكان الواو وكسر النون الأولى ، نقل كسرها للواو فأدغمت ، وبرئ تَثْنئن بمثناة مفتوحة ، فمثلثة مسكنة هى الفاء ، فنون مفتوحة هى العين ، فهمزة مكسورة زائدة أصلها ألف ، فنون مشددة المدغمة لام زائدة ، والمدغم فيها لام أصل أو بالعكس مضارع اثنانَّ بكسر الهمزة ، إذا ثبتت ، وإسكان التاء وفتح النون والهمزة وتشديد النون كاحمار ، والصدور على هذه القراءة مرفوع على الفاعلية . { ليَستْخفُوا } متعلق بمحذوف ، أى يفعلون ذلك ليستخفوا ، واللام صلة للتأكيد وما بعدها مفعول لمفعول ، أى يريدون ليستخفوا أى يريدون أن يستخفوا { منه } أى من الله ، فلا يطلع رسوله والمؤمنين على ما فعلوا ، قاله مجاهد وقيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن عباس نزل ذلك فى الأخنس بن شريق ، كان رجلا حلو المنظر حلو الكلام ، وكان يظهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم المحبة ، وكان يعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم مجالسته ، وهو يضمر خلاف ما يظهر ، وقيل نزلت فى منافقين كانوا يستترون عن رسول الله كراهة رؤيته ، ويرده أن الآية مكية ، والنفاق حدث بالمدينة حفظها الله ، ورد الله علهم بأنه لا يخفى عنه شئ ، سواء أراد إخفاءه عنه أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم فيظهره له إذ قال { ألاَ حِينَ } متعلق بيعلم بعده أو بمحذوف ، أى يريدون الاستخفاء حين { يسْتَغْشُون ثِيابَهم } يجعلونها أغشية وأغطية ، أى يغطون رءوسهم وأبدانهم بها للنوم مثلا ، أو ليستتروا عنه أو رءوسهم لئلا يروه أو يسمعوا . { يعْلَم ما يسرُّونَ } ما يخفونه من كلام فى قلوبهم ومن أبدانهم وأشخاصهم { وما يعْلنُونَ } من كلام وبدن وشخص ، لا يتفاوت الإسرار والإعلان فى علمه { إنَّه عَليمٌ بذَاتِ الصُّدورِ } أى بالكلمة صاحبة الصدور ، ولم ينطق بها اللسان ، أو بنفس الصدور ، وحالها فكيف بما فيها ، بل سواء عنده ، وقيل ما يسرون من الكفر والحقد ، وما يعلنون من الإيمان . وقيل كان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخى ستره ، ويحنى ظهره ، ويتغشى بثوبه ، ويعتقد عداوة الرسول ويقول هل يعلم الله ما فى قلبى ، فنزل ذلك مخبرا لهم بأنه يعلم ما فى قلوبهم حينئذ ، فكيف لا يعلم ما يثنون به صدورهم ، وقد يظهرونه . وحكى الطبرى ، عن ابن عباس أن ذلك نزل فى قوم مؤمنين لا يجامعون ولا يقضون حاجة الإنسان ، حيث يعرون إلى السماء إلا إن استتروا بثيابهم ، وكذا حكى البخارى ، وعلى صحة ذلك كأنهم ظنوا أو تخيلوا أنهم حين الاستغشاء لا يراهم الله ، فنزلت الآية بيانا لكونه لا يخفى عنه شئ لا إباحة للتعرى إلى السماء ، ولكن ذلك بعيد عن المؤمنين إلا إن كانوا حديثى عهد بالإيمان فقلَّ فقههم ، والذى عندى أن يكون الثنى والاستخفاء فى الكفار ، ومجرد الاستغشاء عند الجماع ، والقضاء لهؤلاء المؤمنين على صحة ذلك ، رد بعلم ذلك منهم على هؤلاء الثانين المستخفين .