Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 61-61)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإلى ثَمودَ أخاهُم } فى النسب { صَالحاً } مثل { وإلى عاد أخاهم هوداً } { قالَ يا قَوْمِ اعْبدُوا } وحدوا وأطيعوا { اللهَ مَا لكُم مِنْ إلهٍ غَيرهُ } تعليل للعبادة . { هُو أنْشأكُم } أوجدكم { مِنَ الأرْضِ } بإنشاء أبيكم آدم منها ، أو بالتولد من ماء الرجل وماء المرأة ودم الطمث المتولدات من النبات ، ومما تولد من النبات المتولد من التراب ، ولا بأس بالقول بالتولد على نحو هذه الطريقة ، فما هو إلا كقوله { من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة } خلافا لمن توهم ، أو التقدير أنشأ أباكم من الأرض ، فأنتم منها بوسائط ، ولا يخفى أن من للابتداء ، وأن الجملة تعليل وبرهان لقوله { ما لكم من إله غيره } . { واسْتَعْمركُم فيها } أى جعلكم ذوى أعمار فيها ، وأحياكم وأبقاكم ، وقال الحسن ومجاهد جعلكم عامرين وساكنين فيها ، وقال الضحاك أطال أعماركم حتى إن الواحد ليعيش ثلاثمائة سنة إلى ألف سنة ، وكذلك كان قوم هود قبلهم ، ويجوز أن يكون من قولنا فى الفقه أعمر زيد عمراً داره أى جعلها لعمرو عمرى ، أى يسكنها مدة عمره ، فالمعنى أنه جعل الأرض عمرى لكم ويرثها بعد انصرافكم ، وهو رواية عن مجاهد ، أو يجوز أن يكون بمعنى جعلكم معمرين لها تسكنونها مدة أعماركم وتتركونها لغيركم ، أو أقدركم على عمارتها وأمركم بها . وقال ابن العربى خلقكم لعمارتها ، ولا يصح أن يقال هو طلب من الله لعمارتها كما زعم بعض الشافعية انتهى . وكأنه نفى الصحة من حيث العبارة ، أى لا يجوز أن يعبر بذلك ، وإلا فمراد ذلك البعض ، والله أعلم ، أنه أمر بعمارتها ، ولكن عبر بلفظ الطلب لمكان السين ، والتاء فى قوله تعالى { واستعمركم } ولا شك أن الآية امتنان أكثر ملوك فارس حفر الأنهار ، وغرس الأشجار فى طول الأعمار ، وفيهم جور ، فسأل نبى من أهل زمانهم الله سبحانه وتعالى فى تعميرهم ، فأوحى الله إليه أنهم عمروا بلادى فعاش فيها عبادى ، وكذا فعل معاوية ، وآخر أمره فقيل له فى ذلك ، فقال ما حملنى عليه إلا قول القائل @ ليس الفتى بفتى لا يستضاء به ولا يكون له فى الأرض آثار @@ فاستغفروه من الشرك والذنوب ، على أن الخروج من الشرك خروج من الذنوب السابقة كلها . { ثمَّ توبُوا إليْه } بالعبادات ، وقيل استغفروه من الذنوب وتوبوا إليه من الشرك { إنَّ ربِّى قَريبٌ مُجيبٌ } قريب من عباده ، أى عالم بما يقولون فى دعائهم وغيره ، لما كان البعيد منا لا يعلم ما يقول ، كنى الله تعالى عن علمه بما يقال بقربه ، أو قريب الرحمة سهل المطلب ، مجيب لدعاء داعيه ، إلا من فر وأعرض عن موجب الرحمة ، وتسبب فى عدم الإجابة ، والجملة عندى تعليل لما يفهمه الأمر بالاستغفار والتوبة من أنمها يقبلان .