Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 81-81)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قالُوا } أى الرسل الذين هم ملائكة { يا لُوطُ إنَّا رسُلُ ربِّك لَنْ يصِلُوا } أى قومك بمكروه { إليكَ } إلى إضرارك ، وذلك أن إضرار ضيف الرجل إضرار بالرجل ، فافتح الباب وخلنا وإيَّاهم ، ففتح فدخلوا ، وطمس جبريل أعينهم ، وقد مر ذلك ، وقوله { لن يصلوا إليك } ايضا لقوله { إنا رسل ربك } لأنه لا يصلون إليه ومعه رسل الله . { فأسْرِ } بوصل الهمزة من السرى الثلاثى عند نافع ، وابن كثير ، حيث وقع بالقرآن بالفاء أو بغيرها ، وقرأ الباقون بقطع الهمزة من الإسراء الرباعى { بأهْلِكَ بقِطعٍ مِنَ اللَّيلِ } طائفة منه ، قال الضحاك أمروه بالسرى آخر الليل ، وقيل أوسطه بعد مضى أوله ، وعليه قتادة ، وقيل السحر الأول . { ولا يَلْتفتْ منْكُم أحدٌ } أى لا تلتفت أنت يا لوط ، ولا من يسرى معك إلى خلف لئلا يرى عظم ما نزل بهم { إلا امْرأتَكَ } بالنصب على الاستثناء المنقطع ، أى لكن امرأته لا تنجوا مع أنها تسرى معك . هذا ما ظهر لى ، وقد سرت معه ، والتفتت إذ سمعت هذه فقالت واقوماه ، فجاء حجر فقتلها ، وقد أمرها لوط وغيرها بعدم الالتفات وعصته فالتفتت ، وهذا أولى من أن يقال أمرها بالالتفات أو لم ينهى عنه لمصلحة أن تموت ، وإنما صح الانقطاع مع شمول لفظ أحد ، أو أهل لها ، لأن الاستثناء لم يكن على طريق الإسراء والالتفات ، بل على طريق عدم النجاة لبطل منع بعض لذلك . وأيضا المراد بالأهل واحد ، المؤمنون ، وقيل المعنى لا يتخلف عن السرى منكم أحد إلا امرأتك فلا تسرى بها ، فيكون الاستثناء متصلا من أحد ، ويؤيده قراءة ابن كثير ، وأبى عمرو بالرفع على الإبدال ، ولا يمتنع اتفاق السبعة على مرجوح ، وكيف يمتنع اتفاق جمهورهم ، وذلك أن الباقين قرءوا بالنصب ، والراجح فى المستثنى فى الاتصال ، والسلب الإبدال ، ولا تناقض فى ذلك ، وإنما هو كقولك قوموا ولا يبقى منكم قاعد إلا زيد ، أو إلا زيدا لكن فى تفسير الالتفات بالتخلف ضعف ، وقيل الاستثناء من قوله { فأسر بأهلك } ويؤيده أنه قرئ بإسقاط قوله { ولا يلتفت منكم أحد } على أن الالتفات التخلف ، ولا يصح أن يكون الاستثناء من ذلك فى قراءة الرفع ، لأن أسر بأهلك مثبت لا منفى ، ولا أن يكون من أحد على الانقطاع ، والرفع لأن المرأة داخلة فى عموم أحد كذا قيل ، ومر فيه بحث . ويضعف الرفع فى انقطاع قيل لا يجوز الاستثناء فى قراءة النصب من أهلك ، إن فسرنا الالتفات بالنظر إلى خلف فى السرى ، لأن قراءة الرفع تأباه ، ولا يحسن تناقض القراءتين فى المعنى ، فإن لوطا إن سرى بامرأته فليست مستثناة إلا من قوله { ولا يلتفت منكم أحد } وإن لم يسر بها فليست مستثناة إلا من { فأسر بأهلك } فيلزم أنها سرت ولم تسر ، مع أن القصة واحدة ، وليس كذلك لجواز أن تسرى بنفسها ، ولو منع من أن يسرى بها ، ولأن الإسراء مقيد بعدم الالتفات ، فكأنه قيل إلا امرأتك فإنها تسرى بالتفات فتلتفت ، فلا تناقض أيضا على هذا أو على ما مر إذا قلنا إنه خلفها مع قومها ، أو سرى بها فالتفتت للهدة . وذكر ابن هشام كلاما حاصله أن الزمخشرى قال إن من نصب قدر الاستثناء من الأقل ، ومن رفع فمن أحد ، وأنه مردود باستلزامه تناقض القراءتين بأن المرأة تكون مسريا بها على قراءة الرفع ، وغير مسرى بها على قراءة النصب ، وأن فى هذا الرد نظر ، لأن إخراجها من جملة النهى ليدل على أنها مسرى بها ، إنها معهم ، وإن الحامل له ولغيره على أن الاستثناء فى النصب من الأهل ، أن النصب قراءة الأكثر ، فلو جعل من أحد لزوم حمل قراءة الأكثر على مرجوح ، وقد التزم بعض جواز مجئ قراءة الأكثر على مرجوح . قال والذى اجزم به أن الاستثناء من جملة أسرى فى القراءتين ، بدليل سقوط { ولا يلتفت منكم أحد } فى قراءة ابن مسعود ، وأن الاستثناء منقطع بدليل سقوطه فى آية الحجر ، ولأن المراد بالأهل المؤمنون ، وإن لم يكونوا من أهل بيته لا أهل بيته ، وأن يكونوا مؤمنين . ووجه الرفع أنه على الابتداء ، وما بعد خبر ، والمستثنى الجملة ، ونظيره { إلا من تولى وكفر فيعذبه الله } واختار أبو شامة أن الاستثناء منقطع ، وأنه فى النصب والرفع من أحد ، لكن النصب على لغة الحجاز ، والرفع على لغة تميم ، وفيه أن لغة تميم ضعيفة انتهى . وقيل النهى فى اللفظ لأحد ، وفى المعنى للوط . { إنه مُصيبها ما أصابهم } أى ما يصيبهم ، وكانت منافقة تظهر الإسلام ، ومصيب خبر إن ، وما فاعل مصيب ، أو مصيب خبر مقدم ، وما مبتدأ مؤخر ، والجملة خبر إن ، والمجموع تعليل مستأنف جملى على ما مر ، وخبر لامرأتك بالرفع على مختار ابن هشام ، وعلل الأمر بالإسراء بقوله { إنَّ موْعِدَهُم الصُّبْح } أو هذا مجرد إخبار مستأنف أو استئناف بيانى ، كأن لوطا قال متى يكون العذاب ، فأجابوه بأن موعدهم الصبح ، وقد روى أنه قال لهم ذلك ، فأجابوه بأن موعدهم الصبح ، فقال إن الصبح بعيد أريد أسرع من ذلك ، وروى أنه قال أهلكوهم الآن ، فقالوا { أليْسَ الصُّبحُ بقَريبٍ } وروى أنهم أهلكوا حين شروق الشمس .