Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 91-91)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قالُوا يا شُعَيبُ ما نفْقَه } ما نفهم { كَثيراً مما تقُولُ } كوجوب التوحيد ، وحرمة التطفيف ، والبخس ، يريدون أنهم لم يفهموا صحة ذلك لعدم ذكره دليلا عليه ، وذلك لقصور عقولهم بمعاصيهم وقسوتها ، وعدم تفكرهم حتى جعلوا دلائله عدما ، أو قالوا ذلك استهانة به ، كما تقول ، لمن لم تعبأ بكلامه ما أدرى ما تقول ، أو زعموا أن كلامه لا يُفهم كثير منه ، كهذيان وتخليط كذبا وعنادا ، أو لم يفهموا ذلك منه حقيقة إذا لم يلقوا إليه أذهانهم رغبة عنه ، وكراهية له . وزعم بعض أنه كان ألثغ ، وهو من لا يميز الحروف ، كمن يضرب لسانه من الثاء إلى السين ، أو من الراء إلى اللام ، ومن حرف لآخر . { وإنَّا لَنَراكَ فينا ضَعيفاً } لا قوة لك ولا عز تمتنع بهما عنا لو أردناك بسوء ، وقال الحسن ، وأبو روق ، ومقاتل يعنى ذليلا مهينا ، وقال ابن عباس ، وقتادة كان أعمى ، وكذا قال الزجاج قائلا إنه يقال إن حميرا يسمون الأعمى ضعيفا كما يسمى ضريرا ، وذلك ضعيف ، لأن حمل القرآن على لغة قريش أولى وأحق ، ولأنه لا يناسب المعنى المراد ، ولأن قوله { فينا } ينافيه ، لأنه يقال فلان فينا ذليل أو حقير أو مهين أو نحو ذلك ، ولا يقال فلان فينا أعمى أو أعور أو مريض ، ولا يقال ذلك إلا لنكتة ، وإلا كان كلاما ضعيفا ، وكذلك يرد على القول ، فإن الضعيف ضعيف البصر . ولعل مراد صاحبى القولين بيان بعض ما به وصفه بالضعف ، فلا إشكال ، ولا يتأتى هذا فى كلام الزجاج وأما كون الرسول أعمى أو أزمن فلا يجوز الآن حدث ذلك له بعد التبليغ ، وإظهار المعجزة كذا نقول نحن ، والمالكية ، والشافعية ، والحنبلية ، والحنفية ، والمعتزلة ، إلا أن قياس المعتزلة ذلك على القضاء والشهادة غير مقبول لوجود الفرق بأن القضاء يحتاج فيه إلى رؤية المقضى فيه وله وعليه ، والشهادة يحتاج فيها إلى رؤية المشهود عليه ، وقيل الضعيف العجز عن الكشف ، والتصرف ، قيل ويدل على صحة القول الأول قوله { ولوْلاَ } إلى آخره ، ويبحث فى هذا الاستدلال لأنه هذا أيضا يناسب العمى وضعف البصر والعجز عن الكشف والتصرف ، فإن من فيه بعض ذلك سهل القتل ، وإنما يمتنع من قتله لأجل رهطه مثلا { رهْطُكَ } قومك من ثلاثة إلى عشرة ، وقيل إلى سبعة ، وقيل رهطه عشيرته مطلقا . { لَرجَمْناكَ } بالحجارة حتى تموت وهو شر القتل ، أو لقتلناك بأصعب وجه برمى حجارة أو غيره ، وهذا ظاهر جار الله ، أو المراد مطلق القتل ، وقيل اللعن والشتم وإغلاظ القول ، قلت أو الهجران أو الطرد ، وكل ذلك وارد فى الكلام يقبله المقام ، والأول أظهر ، وليس تركهم الرجم بخوفهم من رهطه لقلة رهطه كما مر ، أو لأنهم ولو كانوا عشيرة كثيرة لكنهم أكثر ، بل تركوه لعزة الرهط بكونهم على دينهم ، لم يختاروه ولم يتبعوه . { وما أنْتَ عَليْنا بعَزِيزٍ } أى وما أنت غاليا علينا ، أو كريما متقدسا عن الرجم ، وفى إيلاء المسند إليه حرف النفى دلالة على أن الكلام فيه لا فى المسند وهو العزة ، لأن ما لنفى الحال ، والحال مختص بالزمان ، فالأصل أن يليها فعل ونحوه مما يدل على الزمان ، ولكن لو قيل ما عززت لتوهم أن النزاع فى مجرد ثبوت العزة له وعدمه ، مع أن المراد نفيها عنه ، وإثباتها لرهطه ، وحيث وليها اسم ، ولا سيما الضمير ، دل على أن التقديم بالاهتمام ، فكأنهم قالوا بل رهطك هم الأعزة علينا ، ولذلك قال عليه السلام فى جوابهم { قالَ يا قَوْم أرهْطِى } .