Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 100-101)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ورَفَع أبويْهِ } بعد اشتمال داره بمصر عليهما { عَلى العَرشِ } السرير الذى كان يجلس عليه إكراما لهما { وخرُّوا } أى أبواه وإخوته الأحد عشر { له سُجَّداً } بوضع الجباه على الأرض أو غيرها تعظيما له ، وكان ذلك تحية جائزة بينهم فى ذلك الزمان ، لا عبادة لمخلوق . قال ابن عباس رضى الله عنهما جليس يعقوب عن يمينه ، وخالته عن شماله ، وإخوته بين يديه ، وسجدوا وقالوا فى سجودهم سبحان من ألف بين يوسف وإخوته ، ولا تعظيم فوق من عظمه الله بسجود أبيه له وهو نبى ، وأى نبى ، وفى سجوده إزاحة لأنفتهم عن السجود له ، وذلك هو الظاهر عندى . وقيل ليس ذلك سجودا كسجود الصلاة ، بل انحناه ، وضعَّف بأنه خلاف ظاهر خرورهم سجدا ، وقيل سجدوا لله إلى جهة يوسف ، تعظيما له ، كما يسجد إلى الكعبة . وعن الحسن الهاء فى له لله ، أى وخروا لله سجدا وهو ضعيف ، وقيل الهاء ليوسف كما مر ، لكن على معنى انهم خروا لأجل يوسف سجدا لله وشكرا . وأجمعوا أنه ليس السجود عبادة منهم ليوسف ، وظاهر الآية أن السجود كان بعد رفع أبويه على العرش ، فهما سجدا له على العرش ، أو نزلا ، وقيل كان قبله ولكن قدم الرفع اهتماما بذكره . وروى أن يعقوب قال ليوسف بعد ما أفاق أخبرنى ما فعل بك إخوتك يا حبيبى ؟ قال يا أبت كان ما كان ، وقص عليه قليلا من القصة فغشى عليه ، ثم أفاق فقال له يا حبيبى أخبرنى كيف صنعوا بك ؟ قال له يا أبت مضى ما مضى فلا تذكر تلك أيام خلت ، وقد وصل الحبيب إلى الحبيب ، فلله الحمد على ذلك . { وقالَ يا أبتِ هذا } أى سجودكم { تأويلُ رُؤياىَ مِنْ قبلُ } متعلق برؤياى ، أو حال من رؤياى ، أو متعلق بمحذوف معرف ، أى لرؤياى الواقعة من قبل هذا الزمان فى وقت الصبا ، وهى رؤيته أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له . { قَد جَعَلها ربِّى حقا } صدقا ، وبين رؤياه وتأويلها قال بعضهم ثمانى عشرة سنة ، وقال سلمان أربعون سنة ، وأبو صالح ، عن ابن عباس اثنتان وعشرون ، وابن جبير ، وعكرمة ، والسدى ست وثلاثون ، وقتادة خمس وثلاثون ، وابن مسعود سبعون ، والفضيل بن عياض ثمانون ، وكذا قال الحسن ، قال عمره وقت الجب سبع عشرة ، وأقام العبودية والسجن والملك ثمانين ، ومع أبيه وإخوته وأقاربه ثلاثا وعشرين ، ومات لمائة وعشرين ، وقيل لمائة وعشر . { وقَدْ أحْسن بى } أى إلىَّ ، والمعنى أوصل إلى النعم ، أو الباء للإلصاق { إذْ أخْرجنى من السِّجنِ } لم يذكر إخراجه من الجب ، مع أن إلقاءه فى الجب أصعب من دخوله السجن ، لئلا يخجلهم بعد ما قال { لا تثريب عليكم اليوم } ولأنه فى مقام تعديد النعم ، ونعمة الله عليه فى الإخراج من السجن أعظم منها فى الإخراج من الجب ، لأنه أخرج من الجب للرق ، وأخرج من السجن للملك ، ذكر الوجهين الثعالبى ، وزاد الخازن وجها لكنه قول هو أن دخوله الجب كان لحسد إخوته ، ودخول السجن لنزول التهمة فكان أعظم نعمة . { وجَاء بكُم من البدْوِ } من البادية ، وكانوا أصحاب مواش يرعونها ويأوون إلى الحضر ، وليسوا بأهل عمود يتبعون الماء والحشيش ، فلا دليل فيه على أنه يجوز أن يكون النبى بدويا ، وقيل إن يعقوب وبنيه بدويون ، فإن صح فلا دليل فيه ، لأن أصلهم فى الحضر فارتحلوا للبدو للغنم فقد تأدبوا بأدب الحضر ، وأبقوا وطنهم فى الحضر ، أو أنه جائز فى شرعهم التبدى بعد التحضر ، وسمى خلاف الحضر بدوا لأنه تبدا أرضه ، ويظهر فيها الشخص ، ووجه كون المجئ بهم من البدو إحسانا أن فيه إغناء عن مشقة البدو ، أو جمعا بينهم وبين يوسف وقيل البدو اسم مدينة وهو ضعيف ، والخطاب لأبويه وإخوته ومن معهم . { مِنْ بعدِ أنْ نزغَ الشيِّطانُ } أفسد وأغرى بالشر ، من قولك نزغ الدابة إذا نسخها لتجرى ، أو لتضرب برجلها ، أو تعض بفيها { بيْنى وبين إخْوتى } سكن ياءه غير ورش ، ونزغ الشيطان وسوسته ، وخالق الخير والشر الله . { إنَّ ربِّى لطِيفٌ } أى لطيف تدبيره أو أن تدبيره لطيف رقيق { لما يشاءُ } أى لأجل ما يشاء ، حتى يجئ على وفق الحكمة والصواب ، لا يتعاصى عنه شئ ، فانظر كيف جمع بين يوسف وأبيه وإخوته وأقاربه بإلقائه فى الجب ، فإن ذلك أمر خفى لا يتفطن له أحد ، أو اللطيف الرفق ، وعليه فيجوز إبقاء اللام على أصلها ، وجعلها بمعنى الباء { إنَّه هو العليم } بخلقه ومصالحهم وتبديرها { الحَكيمُ } فى صنعه ، لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة . قال فى عرائس القرآن قال الفضل ابن عياض بلغنا أن يعقوب دخل مصر ورأى يوسف ومملكته ، وكان يطوف يوما فى خزانة فرأى خزانة مملوءة قراطيس فقال يا بنى ما منعك أن تكتب من هذه القراطيس كتابا إلىَّ ؟ قال يوسف يا أبت منعنى جبريل . فسأل يعقوب عليه السلام جبريل عن ذلك قال منعنى ربى ، فسأل الله تعالىعن ذلك فأوحى الله إليه ، لأنك قلت { وأخاف أن يأكله الذئب } فاستوجب هذه العقوبة لخوفك من غيرى . وفى رواية أن يوسف أخذ بيد يعقوب ، وطاف به خزائن الذهب والفضة ، والحلى والثياب والسلاح ، وغير ذلك ، فأدخله خزائن القراطيس ، قال يا بنى ما منعك ، أو ما أغفلك عن هذه القراطيس ، وما كتبت لى على ثمانى مراحل ؟ قال أمرنى جبريل . قال أو ما تسأله ؟ قال أنت أبسط إليه منى فاسأله فقال الله أمرنى بذلك لقولك { وأخاف أن يأكله الذئب } فخفت غيره ، ولم تذكرنى وهو أحق أن تخافه . وروى أن يعقوب أقام معه أربعا وعشرين سنة ، ثم مات وأوصى أن يدفنه بالشام إلى جنب أبيه إسحاق ، فمضى به محمولا فى تابوت من مساج إلى الشام ، ووافق موت العيص أخى يعقوب فدفنهما فى قبر واحد ، وقد ولدا من بطن واحد ، وعمرها مائة وسبعة وأربعون سنة . والذى سبق فى حفظى أنه قال ابن عباس رضى الله عنهما سأل يوسف أباه ان يكون معه فى قصره على عرشه إلى أن يموت ، قال يا يوسف ليس هذا من شأن أبيك ، ولكن اتخذ لى مسكنا من خارج القصر حتى أدخل فيه ، وأعبد الله حق عبادته ، وأوحده حق توحيده ، وأشكره حق شكره ، على ما ألف بيننا . فقال يوسف إذا جاء الليل فتعال بت معى حتى أشم رائحتك ، فقال نعم وكرامة ، فأمر أن تبنى له خلوة ، فدخلها يعقوب ، يصوم النهار ويقوم الليل ، ويجاهد فى الله حق جهاده ، وأمر أيضا أن يبنى لكل واحد من إخوته قصرا إلا بنيامين فأسكنه معه فى قصره ، وكانت زليخا تتعلم العلم من يعقوب ، حتى صارت فقيهة أفضل من بمصر من رجال ونساء ، ولا مر يوم إلا زادهم الله حبا وشوقا إليه ، وترهبت زينة وزليخا ، فكلما دخل عليها يوسف وجدها مشتغلة بذكر الله ، وبقى يعقوب عليه السلام أربعين سنة يعلم أولاده وأولادهم العلم . وقيل وكان لكل واحد من أولاده اثناء عشر ولدا ذكورا أنبياء صالحين بوقت طيب ، وأتم سرور ، ثم أنزل الله جل جلاله جبريل على يعقوب يقول له يرتحل إلى الأرض المقدسة عند قبور آبائه حتى يلحقه ملك الموت بها ، فقال ليوسف يا بنى بشرنى جبريل بالارتحال إلى مجاورة ربى عز وجل . قال يا أبت متى وعدك بقبض روحك ؟ قال الآن ، فصاح فغشى عليه ، ورش عليه الماء فأفاق ، فقال يا أسفى على الفراق ما أمره ، ، فودع يوسف وبنيه ، وخرج حتى وصل قبور آبائى ، فبكى عليها حتى لحقه النوم ، فرأى فى نومه إبراهيم الخليل على كرسى من جوهرة حمراء ، تضئ كالشمس ، وبيمينه إسماعيل ، وبيساره إسحاق ويقولون الحق بنا يا يعقوب ، فإنا منتظروك . فانبته فرحا مسرورا ، وقام من موضعه وقال لناقته ارجعى إلى يوسف وقولى له إن أباك قد رحل إلى ربه فرأى قبرا مفتوحا مطيبا مزينا تفوح منه رائحة المسك الأذفر ، فنزل ملك الموت فى صورة آدمى فقال له يعقوب عليه السلام يا عبد الله أتعلم لمن هذا القبر ؟ قال له نعم ، وهو لعبد كريم على ربه . قال أتعرف ذلك العبد ؟ قالنعم ، هو من أراد عمرانه ، فقال يعقوب عليه السلام اللهم إننى أسألك أن تجعل هذا القبر لى ، فنودى إنى جعلته لك يا ابن إسحاق ، فتحول ملك الموت إلى صفته فنظر إليه يعقوب عليه السلام وقال من أنت أيها الشخص ، فوالله لقد تضعضعت منك أركانى ، وتقطعت منك أوصالى ، وتقلقلت منك أسنانى ؟ قال أنا ملك الموت . فقال مرحبا بأمر الله تعالى وقضائه ، اللهم بارك لى فى لقياك ، وهون على سكرة الموت . قال وهب بن منبه لما وصلت الروح صدره قال اللهم إنى أسألك يا رب أن تهون سكرات الموت على يوسف ، ثم قال اللهم أن تهون علىَّ سكرات الموت ، ثم قال لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، ثم خرجت روحه . قال كعب الأحبار رضى الله عنه مات يعقوب عليه السلام وهو ابن مائتى سنة ، ونزل جبريل ومكائيل فى زمرة من الملائكة يزيدون على عشرة آلاف ملك ، فغسله جبريل ومكائيل وكفناه ، وصلوا عليه ودفنوه ، وأوحى الله جل جلاله إلى جبريل عليه السلام أن انزل على عبدى يوسف ، وقل له آجرك الله فى أبيك يعقوب ، فوصل قبل الناقة ففعل ، وقد وكل الله سبحانه وتعالى بها ملكا فيحفظها ، ووصلت وسلمت عليه بالعبرانية السلام عليك يا يوسف ، إن أباك يقرؤك السلام وهو مودعك إلى يوم القيامة . واجتمع يوسف مع بنيه وإخوته ، فبكوا بكاء شديدا ثلاثة أيام بلياليهن وبكت الناقة لبكائهم حتى حضرتها الوفاة ، قيل عاش بعد أبيه ثلاثا وعشرين ، وقيل ستين سنة ، ولما تمت عليه النعم بالجمع بينه وبين أبيه وإخوته ، ومات أبوه ، وعلم أن ملك الدنيا لا يدوم ، وأن الأمر إذا تم زل ، تمنى الموت شوقا إلى ربه وآبائه والملك الدائم فقال { ربِّ } أى يا رب { قَدْ آتَيتَنى مِنَ الملكِ } أى شيئا من ملك الدنيا ، وإلا فملك مصر كان قبل ذلك كله بيده ، وريان كتابع له ، وقيل بعضا من ملك مصر ، على أن ريان لم يخرج منه بالكلية فى أربع عشرة السنين ، أو أراد بعض ملك مصر فى ما بعد الأربع عشرة ، لأنه بعدها رد الملك لريان ، لكن لا يرد أمر أراده ، وعلى كل حال من للتبعيض ، وكذا فى قوله { من تأويل } لأنه لم يؤت إلا بعض التأويل أيضا ، والملك عبارة عن الاتساع فى المقدور لمن له السياسة والتدبير . { وعلَّمِتنى مِنْ تأويلِ الأحادِيثِ } الكتب ، أو الرأى على ما مر { فاطرَ } صفة للمنادى فى قوله { رب قد آتيتنى } أومنادى أيضا حذف حرف النداء أيضا أى يا فاطر { السَّماواتِ والأرضِ } أى موجدهما وخالقهما ، قيل أصل الفطر الشق ، فطر ناب البعير شق وأظهر . { أنتَ وَليِّى فى الدُّنيا والآخرةِ } أى متولى أمرى فيهما ، ومعينى وناصرى ، فأنت تصل إلىَّ منك الدنيا بملك الآخرة الدائم { توفَّنى } أمتنى الآن ، فعل دعاء على صورة الأمر مبنى على حذف الألف { مُسلماً } كما أنا ولا تختم على بكفر { وألحقْنى بالصَّالحينَ } من آبائى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، أو أراد الصالحين مطلقا ، ولم يأت عليه أسبوع حتى توفاه الله سبحانه وتعالى ، وقيل أتم الأسبوع . وقيل أوحى الله جل جلاله إليه لا تموت حتى ترى ستمائة ألف من ولدك ولد ولدك ، فدعا أهل مصر للإيمان فأبوا ، فخرج هو وإخوته ومن اتصل بهم أربعين ألف رجل وامرأة غير الخدم والذرارى والنساء ، ونزلوا عشرة فراسخ من مصر ، فأوحى الله سبحانه وتعالى لجبريل انزل على عبدى يوسف وأمره أن يبنى حيث نزل مدينة يسميها الحرمين ، وهى الفيوم تسكنها والمؤمنون ففعل ، قيل له أين الماء ؟ وقد بعد بفراسخ ، فدعا ربه جل جلاله ، فخرق جبريل نهرا فى الأرض من النيل إليها ، فبنوا عليها سورا عظيما وبوبوها ، وكتبوا على أبوابها هذه مدينة الحرمين بناها يوسف بن يعقوب عليهما السلام ، ونصب فيها الدكاكين والأسواق ، وتحولت بركة مصر إليها ، وكان خراجها كل يوم ألف دينار ، فلذلك سميت الفيوم وذكر السيوطى أنها سميت لبنائها فى ألف يوم ، فماتت زليخا فصلى عليها وبنوها ، وبنو أبنائها . قال كعب لم يتزوج عليها امرأة ، وجميع أولاده منها ، وكانوا اثنى عشر ذكرا ، وقيل ثلاثة أفرأيتم ، وميشى جد ليوشع بن نون ، ورحمة امرأة أيوب ، ومات بعد زليخا بأربعين يوما ، طلب الموت مسلما كما طلبه أولا ، فأجاب الله حينئذ دعاءه . قال قتادة لم يسأل نبى من الأنبياء الموت إلا يوسف ، وكذا قال ابن عباس ، وقيل لم يتمنه نبى قبل يوسف ، وإنما جاز له تمنى الموت وسؤاله ، لأنه تمناه وسأله مخافة فساد دينه ، كما قال صلى الله عليه وسلم فى دعاءه " وإذا أردت بالناس فتنة فاقبضنى إليك غير مفتون " أى فتنة فى الدين وأما قوله صلى الله عليه وسلم " لا يتمنينَّ أحدكم الموت لضر ينزل به " فقد يكون فى ضر الدنيا كالفقر والمرض خير . بات ميمون بن مهران عند عمر بن عبد العزيز ، فرآه كثير البكاء وسؤال الموت ، فقال له صنع الله على يديك خيرا كثيرا ، أحييت سننا ، وأمت بدعا ، وفى حياتك خير وراحة للمسلمين . قال أفلا أكون كالعبد الصالح ، لما أقر الله عينه ، وجمع له أمره ، قال { توفنى مسلما وألحقنى } يجوز عندى أن لا يكون ذلك من يوسف تمنيا للموت ، وسؤالا له ، بل لما علم أنه لا بد من الموت دعا الله أن يكون حال موته مسلما وهو إن شاء الله وجه قوى . ثم رأيت القرطبى فسره فى تذكرته بذلك ، وقال إنه المختار عند أهل التأويل ، وكذا اختاره الثعالبى ، وكلا الوجهين جائز محتمل . وفى عرائس القرآن يروى أنه لما حضرته الوفاة ، جمع إليه قومه من بنى إسرائيل ثمانين رجلا ، وأذن لهم فحضروا أجله ونزول أمر الله فيه ، فقالوا يا نبى الله نريد أن تعرفنا كيف تتصرف الأحوال بنا بعد خروجك من بين أظهرنا ، وإلى من نولى أمرنا أمر ديننا وملتنا ؟ قال إن أمركم يستقيم إلى أن يبعث الله عليكم جبارا عاتيا من القبط ، يدعى الربوبية ، فيذبح أبناءكم ، ويستحى نساءكم ، ويسومكم سوء العذاب ، فيمتد ملكه ، ثم يخرج من بنى إسرائيل من ولد لاوى بن يعقوب رجل رسول اسمه موسى بن عمران ، طويل أجعد الشعر ، آدم اللون ، ينجيكم الله من أيدى القبط على يديه ، فجعل كل رجل من بنى إسرائيل يسمى ابنه عمران ، ويسمى عمران ابنه موسى . وكان ليوسف ديك عمره مائة عام ، فقال إنه يقوم أمركم ما دام هذا الديك يصرخ فيكم ، فإذا ولد هذا الجبار سكن مدة أيامه ، وإذا ولد موسى عاد لصارخه ، وذلك علامة انقضاء ملك الجبار ، فكان الأمر كذلك ، ولما ولد صرخ فاستبشروا وتصدقوا ، ولما حضرت يوسف الوفاة استخلف على بنى إسرائيل أخاه يهودا ، فدفن فى صندوق من رخام ، وتشاح الناس كل يحب أن يدفن فى محلتهم ، لما يرجون من بركاته حتى هموا بالقتال ، فرأوا أن يدفن فى النيل حيث يتفرق الماء ، ثم يصل إلى جميع أهل مصر يعنى أعلى النيل فوق أعمال مصر ، وكان فيه حتى حمله موسى من مصر ودفنه بكنعان خارج الحسن ، فلذلك تنقل اليهود موتاهم إلى الشام ، وقد مر قصة حمله . وقال عكرمة دفنوه فى الجانب الأيمن من النيل ، فأخصب وأجدب الجانب الآخر ، ودفنوه فى الجانب اليسر ، فأخصب وأجدب الآخر ، فدفنوه فى وسطه بسلسلة ، فأخصب الجانبان سبحان من لا انقضاء لملكه .