Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 37-37)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ لا يأتيكُما طَعامٌ } فى المنام { تُرزَقانه } الهاء مفعول ثان ، والأول ناب عن الفاعل وهو الألف { إلا نبَّأتكُما بتَأويلهِ } بتعبيره { قَبْل أنْ يأتِيكُما } فى اليقظة فتجدانه على ما وصفت من هيئة وعدد ، أو لا يأتيكما طعام فى اليقظة إلا بينت لكما هيئته ونوعه ، وكونه حلوا أو حامضا ، باردا أو سخنا ، وعدده فتجدانه إذن كما بينت ، وذلك كقول عيسى عليه السلام { وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم } والوجه الأول يقول به السدى ، وابن إسحاق ، والثانى يقول به ابن جريج وهو الصحيح . وعلى كل حال فذلك شروع من يوسف عليه السلام من غير ما أراد فى تبين رؤياهما ، لأن فى رؤيا أحدهما مكروها ، فإن رؤيا الخباز تأويلها الصلب فكره الإخبار بها وأعرض ، لعلهما ينسبان ، وقيل لأنه أراد أن يبين لهما درجته فى العلم والنبوة والمعجزة ، أعظم وأعلى مما طلبا منه من التعبير للرؤيا المبنى على التخمين والظن ، ولا شك أن الإخبار عن الغيب على سبيل اليقين أعظم ، والعالم به عالم بتعبير الرؤيا بطريق أولى . وقيل لأنه علم أن أحدهما يصلب فأراد أن يدخله فى الإسلام ويخلصه من الكفر ودخول النار ، فيأخذ بحظه من الإسلام ، وتسلم له آخرته فلا يخسرها كما خسر دنياه ، ولا مانع من أن يريد جميع ما فى تلك الأقوال كلها ، بل هو أولى ويريد مع ذلك زيادة هى أنه إذا أخبرهما بدرجته زادا له تصديقا فقصداه بالانتفاع فى الدين ، وأنه دلهما على ما هو أولى أن يسألا عنه وهو التوحيد ، فإنه أراد إرشادهما إليه كما دل عليه ما يأتى ، وهكذا طريق الأنبياء والعلماء والصالحين مع الفسقة والسفهاء ، إذا استفتوهم أن يقدموا الموعظة والإرشاد إلى ما هو أعظم مما سألوا وأنفع ، ثم يفتوهم ، وغرض يوسف ذلك لا التزكية حاشاه ، ولما قال لهما ذلك ، قالا له ذلك من علم العرافين والكهنة والنجامة ، فمن أين لك ذلك ومن علمكه ؟ قال { ذلِكُما } أى التأويل { ممَّا علَّمنى ربِّى } بالإلهام والوحى ، لا تكهن ولا تعرف ولا تنجم ، وكان يعتقدان أن لا رب سوى الملك ريان ابن الوليد ، وسكن الياء غير نافع وأبى عمرو { إنِّى } استنئاف مجرد للترغيب أو تعليل لتعليم الله عز وجل ذلك له { تركْتُ مِلَّة قَومٍ لا يؤمنُون بالله } أى رفضت دين قوم غير مؤمنين بالله ، ولم أدخله قط قبل كونى مع العزيز ، وبعد كونى معه ، وإنما عبر بالترك مع أنه لم يدخله قط استجلاباً لهما عسى أن يتركا ما هما فيه من الشرك ، والمراد بالقوم المشركون مطلقا ، وقيل الملك وأتباعه . { وهُم بالآخِرة هُم } تأكيد لشدة إنكار البعث والجزاء ، وللدلالة على اختصاصهم بالكفر ، وأن غيرهم مؤمنون هم الذين على ملة إبراهيم ، وللتعريض بما أصيب به من جهتهم إذ سجنوه بعد ما رأوا الآيات الشاهدة على براءته { كافِرُونَ } .