Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 59-59)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولمَّا جَهَّزهُم } أصلحهم وأكمل أمْرهُم { بِجهَازِهم } أى بالجهاز الذى جاءوا لأجله ، وهو أن يوقروا أبعرتهم بالطعام ، وقيل جهازهم ذلك وما يحتاجون من عدة وزاد ، وأصل الجهاز ، ما يعد من الأمتعة كالسلة وكعدد المسافة ، وما يحمل من بلدة لأخرى ، وما تزف به المرأة لزوجها ، والفتح أكثر وأفصح ، وقرئ بالكسر وهو لغة . { قال ائتُونى بأخٍ } نكرة ليكون بصرة من لا يعرفه وهو بنيامين { لكُم مِنْ أبيكُم } إنما قال ذلك ليظهر صدقهم ، وقد علق صدقهم إلى ذلك وغيره مما مر آنفا ، ولو علم صدقهم بدون ذلك ، وفائدته أن يحضر ما لم يحضر من شرح حال الوالد بالكتابة ، حتى كأنه مشاهد له ومن الأخ ، وبلغ فى جلب ذلك حتى قال لهم من يشهد لكم بما تقولون أنكم لستم جواسيس ؟ فقالوا إنا ببلاد لا يعرفنا فيها أحد فيشهد لنا ، وإن أبانا يعول سبعين إنسانا ، فعجل تسريحنا لئلا يهلكوا جوعا ، وتذللوا وتملقوا له . فقال دعوا بعضكم عندى رهينة ، وأتوا بالأخ وبما تقولون حتى أصدقكم ، ولا سراح لكم عندى إلا بالرهينة والميثاق ، فلعلكم إذا وصلتم بلادكم ترجعون برسم القتال ، كأنه لم ينزههم عن مثل هذا لما رأى منهم أول مرة من نحو إلقاء فى الجب وبيع ، وإلا فبهت الناس ، وظن السوء بدون علامة ظاهره حرام ، فكيف يفعله الصديق ؟ فقالوا تقترع أيها الملك فمن أصابته القرعة تركناه عندك . وروى أن قابل ذلك شمعون فاقترعوا فأصابته القرعة ، وكان أحسنهم رأيا فى يوسف حين أرادوا قتله ، وقيل الذى خلع قميصه يوم الجب ، وقيل إنما قال { ائتونى بأخ لكم من أبيكم } لأنهم قد احتالوا برسمه حملا ، وكان لا يبيع لإنسان أكثر من حمل ، فأعطاهم عليه حملا بالثمن منهم ، وشرط أن يأتوا به ليعلم صدقهم ، ولعل صاحب هذا القول يرى أن أم يوسف الحياة حين ذهبوا به إلى البرية ، وولدت بنيامين بعده ، وهو خلاف ما تقدم ، أو قال لهم ذلك لأنهم لا يدرى أحى بعد أن مات . { ألا ترَوْن أنى أوفى الكَيْل } لا أطففه { وأنَا خَير المنْزلينَ } للضيف إذا أنزلتكم بجوارى ، وأحسنت ضيافتكم ، أو خبر من ينزل الضيف ، أى يحضر نزوله وهو ما يقرى به الضيف أولا ، ووجه قوله هذا أنه ترغيب فى الرجوع ، بمنزلة قولك ما يمنعكم عن الرجوع والوفاء بالميثاق ، وقد رأيتم أنى موف للكيل ، وقد ظهر لكم أنى محسن فى ضيافتكم وجملة { أنا خير المنزلين } مستأنفة من مقول يوسف ، أو معطوفة على { ائتونى بأخ لكم من أبيكم } ولو اختلفتا فعليه واسمية ، وطلبا وإخبارا ، لأن المراد اللفظ لا معطوفة على أنى أوفى الكيل ، وإلا قال وإنى خير المنزلين ، إذ لا معلق للرؤية عنها ، ويجوز كونها حالا من المستتر فى { أوفى } هذا ما ظهر لى فى الإعراب . والمعنى وبما ذكرت من أنه لم ينزههم عما مر لما رأى منهم أولا ، ومن أن ذلك ترغيب فى الرجوع يجاب عما أورده الفخر من أن الآية تضعف قول من يقول من المفسرين أنه اتهمهم ، وأن من يشافههم بذلك لا يليق به أن يقول { ألا ترون أنى أوفى الكيل } وسكن غير نافع همزة ياء أنى ، وروى أنهم لما أوقروا دوابهم دخلوا عليه للوداع فقال { ائتونى بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أنى أوفى الكيل وأنا خير المنزلين } .