Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 77-77)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قالُوا } أيها الملك لا تنكر ذلك عليه { إنْ يَسْرق } أى إن صحت سرقته فلذلك عبروا بالمضارع وهو لحكاية الحال ، والأصل إن سرق صواعك { فَقَد سَرقَ أخٌ لَهُ } شقيق { مِنْ قَبلُ } وهو يوسف ، ولسنا على طريقهما فى ذلك ، وعنوا بالسرقة فيما قال الجمهور ذهابه بمنطقة عمته ، وذلك أنه لما ماتت أمه راحيل أخذته عمته وأحبته حبا شديدا ، ولما ترعرع وقعت محبته فى قلب يعقوب ، فأتاها وقال يا أختاه سلمى يوسف إلىَّ ، فهو الله ما أصبر عنه ساعة واحدة . فقالت والله ما أنا بفاعلة ، ولما غلبها يعقوب قالت دعه عندى أياما أنظر إليه ، لعل ذلك يسلينى عنه ، ففعل يعقوب ذلك ، ولما خرج يعقوب من عندها عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت الثياب وهو صغير ، ثم قالت لقد فقدت منطقة إسحاق ، فانظروا من أخفاها ، فالتمست فلم توجد فقالت اكشفوا هل البيت فكشفوه فوجدوها مع يوسف ، فقالت والله ليسلم إلىَّ أصنع فيه ما شئت ، وكان ذلك حكم إبراهيم من السارق ، فأتاها يعقوب فأخبرته بذلك فقال إن كان فعل ذلك فأمسكيه ، فما قدر عليه حتى ماتت . وكانت أكبر ولد إسحاق ، وكانت تلك المنطقة لإسحاق يتوارثوها الأكبر فالأكبر وهذا الذى فعلت به عمته هو أول ما دخل عليه من البلاء ، ذكر ذلك كله فى عرائس القرآن عن الضحاك ، وكذا قيل عن محمد بن إسحاق ، إلا أنه لم يذكر أن هذا أول بلائه ، وتلك المنطقة من إبراهيم الخليل ، وورثها من إسحاق إذ كان أكبر ولده ، وليس إرثها كإرث المال ، لأن الأنبياء لا تورث . وفى رواية أنه قعد عندها أربع سنين ، فبعث يعقوب إليها لترده ، فشدت منطقة على وسطه لها قيمة عظيمة ، وأرسلته إلى يعقوب وقالت إنه سرق منطقة منى ففتشوه ففعلوا ، فوجدوها عنده ، وكان عندهم أن السارق يكون مملوكا لصاحب السرق ، فلم يلتفت يعقوب لقولها ، وعلم أنها أعطته إياها . وفى رواية كانت تحمله من أبيه وتمسكه فيشتاق إليه يعقوب ، فيوجه إليه ويثقل ذلك عليها ، ونام يوما عندها فشدت المنطقة على وسطه ، فأقامته ووجهته إلى أبيه ، وخرجت تصيح سرق يوسف منطقتى ، تريد أن تمسكه ، وقال سعيد بن جبير ، وقتادة لما عثروا بالسرقة أخذ صنما لجده إلى أمه ، وكان من ذهب ، وكان يجعله فى جيبه لا يفارقه ، إلا ما شاء الله فكسره وألقاه فى الطريق بين الحيف ، وقيل دفنه وغرضه أن لا يعبد سوى الله سبحانه وتعالى ، وكانت معه بنت جده تكره ذلك ، فأمرت يوسف بإتلافه . وقال ابن جريج أمرته أمه أن يتلف صنما لخاله كان يعبده ، وقيل دخل كنيسة فأخذ تمثالا صغيرا من ذهب يعبدونه فدفنه ، وقال مجاهد جاء السائل يوما فأخذ بيضة من البيت وأعطاه إياها ، وقال سفيان بن عيينة أعطى سائلا دجاجة من البيت ، وقيل عناقا أو دجاجة ، وقال وهب بن منبه كان فى صغره كلما وضعت مائدة بين يدى يعقوب وقعد للأكل عند إخوته أخذ رغيفا وجعل فيه الإدام وخبأة تحت المائدة ، ويعطيه فقيراً أو سائلا . قال ابن الأنبارى ليس فى هذه الأفعال سرقة ، ولكن تشبه السرقة ، فكانوا يعيرونه بها عند الغضب ، وعن الحسن أنهم كذبوا وأنهم لم يكونوا حينئذ أنبياء ، ومن ثمَّ كان البحث فى مثل هذا . { فأسرَّها يُوسفُ فى نَفْسه } أى أسرَّ مقالتهم أو كلمتهم ، وهى قوله { قد سرق أخ له من قبل } كما قال أبو صالح ، عن ابن عباس أو أسرَّ الإجابة أو الحجة عليهم ، أو أسر نسبة السرقة إليه ، ومعنى إسرار الكلمة والمقالة والإجابة ونسبت السرقة إليه أنه لم يجبهم عليهم بتكذيبهم ، ومعنى إسرار الحجة أنه لم يظهر الاحتجاج عليهم ، وقيل أسر الحزة التى حدثت فى نفسه من قولهم . { ولَم يُبدهَا لهم } ولم يظهرها لهم ، وهذا عطف مرادف للتأكيد ، ويجوز أن يكون معنى إسرارها فى نفسه تكتيفها ، وذكرها فى نفسه كما فعل إذا أهمك أمر ، ومعنى لم يبدها لم يجبهم عليها ، أو لم يظهر الاحتجاج ، وقال الزمخشرى إن الضمير للجملة أو للكلمة على تسميتهم الطائفة من الكلام كلمة ، وأنه مفسر بقوله { قالَ } أى فى نفسه { أنتم شرٌّ مكاناً } أى منزلة فى السرقة من أخيكم بنيامين ، لسرقتكم أخاكم ، أو فى سوء الصنيع ، كأنه قيل فأسر الجملة أو الكلمة التى هى قوله { أنتم شر مكانا } لأن قوله { قال أنتم شر مكانا } بدل من أسرها ، ورده القاضى بأن المفسر بالجملة لا يكون إلا ضمير الشأن ، قلت يحتمل أن يريد أن الضمير عائد إلى الكلمة السابقة أو الجملة ، وأنه إنما سوغ ذلك ظهوره بقوله { قال أنتم شر مكانا } وقيل صرح يوسف بقوله { أنتم شر مكانا } . { واللّهُ أعلم بما تَصفُون } أحق أم باطل ، قال ذلك وهو عالم بأنه باطل ، واللفظ ملوح ببطلانه ، ويؤيد قول إنه صرح بذلك أنهم يتشفعون بأنفسهم بل بأبيهم ، إذ قالوا { إن له أبا شيخا } الخ ، ويجب فيه بأنهم قد جرى بينه وبينهم أمور موبخة لهم كما تعلم مما مر ، وترد لهم فكيف يستشفعون بأنفسهم ، ولو لم يقل ذلك إلا فى نفسه بل بأبيهم الذى أقر يوسف بفضله وبراءته مما يشين ، وقرأ ابن مسعود فأسره يوسف فى نفسه ولم يبده لهم بالتذكير على إرادات القول أو الكلام أو الاحتجاج أو الجواب . ولما استخرج الصاع من رحل بنيامين نقره فطن فقال أتعلمون ما يقول هذا الصواع ؟ قالوا لا . قال إنه يقول إنكم خنتم أباكم فى ولده الأول ، وبعتموه وكنتم اثنى عشر ، فارتعدت فرائصهم وقالوا يا أيها العزيز استر علينا ما ستر الله ، وإنا نسألك بالذى فضلك على العالمين إلا ما رحمتنا ورحمت شيبة أبينا ؟ فقال لولا ذلك لنلت منكم ما تستحقون ، فاذهبوا عنى لا حاجة لى بكم ، وقد رغب إلىَّ أبوكم أن أعجل صرفكم إليه ، قالوا فلعلك تصرف معنا أخانا فإنك لا تصله بصلة أسنى من صرفه معنا . فقال إنى أتخذه عبدا مملوكا .