Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 98-98)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قالَ سَوفَ اسْتغفرُ لكم ربِّى } وسكن الياء غير نافع وأبى عمرو { إنَّه هو الغَفُور الرَّحيم } أخر الاستغفار إلى ليلة الجمعة فى ثلث ليلها الأخير ثلث ليلها ، قال ابن عباس رضى الله عنهما لعلى إذا كان ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم فى ثلث الليل الأخير لإنها ساعة مشهودة ، والدعاء فيها مستجاب ، وقد قال يعقوب لبنيه { سوف أستغفر لكم ربى } . وقيل آخر الاستغفار إلى وقت السحر مطلقا فإنه ساعة إجابة أبدا فى كل ليلة ، قيل هو أشرف الأوقات ، وهو الوقت الذى يقول الله عز وجل هل من داع فأستجيب له . ولما جاء وقت السحر صلى فرفع يديه وقال اللهم اغفر لى جزعى على يوسف ، وقلة صبرى عنه ، واغفر لوِلْدى ما فعلوا بيوسف ، فأوحى الله إليه أن الله قد غفر لك ولهم أجمعين . وروى أنه لما عفى عنهم يوسف ، وغفر لهم ، وتحققوا أن أباهم يغفر لهم ، بل قد غفر لهم قالوا ما يغنى عنا ذلك إن لم يغفر لنا الله فقالوا له وقد علتهم الكآبة ما يغنى عنا عوفك إن لم يعف عنا ربنا ، فإن لم يوح إليك بالعفو فلا قرت لنا عين أبدا ، فاستقبل القبلة قائما يدعو ويوسف خلفه يؤمن ، وهم خلف يوسف أذلة خاشعين ، ولم يجب فيهم مدعيا عشرين سنة ، حتى بلغ جهده ، وظنوا أنها الهلكة ، فنزل جبريل فقال إن الله جل جلاله قد أجاب دعوتك فى وِلْدك ، وعقد مواثيقهم بعدك على النبوة . وقد اختلف فى استنبائهم وروى عن أنس بن مالك أن الله تعالى لما جمع ليعقوب شمله ، خلا ولده نجيا فقال بعضهم لبعض ألستم علمتم ما فعلتم بالشيخ يعقوب ويوسف ؟ قالوا بلى . قالوا فإن عفوا عنكم فكيف بكم بربكم ، فاستقام أمرهم على أن يأتوا الشيخ ، فأتوا وجلسوا بين يديه ، ويوسف إلى جنبه قاعدا ، قالوا يا أبانا أتيناك على أمر لم نأتكم بمثله ، ونزل بنا أمر لم ينزل بنا قط مثله ، والأنبياء أرحم البرية . فقال لهم ما لكم يا بنى ؟ فقالوا ألست تعلم ما كان منا إليكما ؟ قالا بلى ، قالوا فإن عفوتما فلا يغنى عنا شيئا إن لم يعف عنا ربنا ، قالا فما تريدون ؟ قالوا نريد أن تدعوا لنا يا أبانا ، فإذا جاء الوحى من عند الله بأنه قد عفى عنا ربنا أقرت أعيننا ، واطمأنت قلوبنا ، وإلا فلا تقر لنا عين فى الدنيا أبدا . فقام الشيخ فاستقبل القبلة ويوسف خلفه ، وهم خلف يوسف أذلة خاشعين ، فدعا وأمَّن يوسف فلم يجب فيهم قريبا من عشرين سنة . وقال مكرمة على بن عباس أخر الاستغفار إلى ليلة الجمعة لأنها أشرف الأوقات ، وقال وهب ابن منبه كان يستغفر لهم كل ليلة جمعة نيفا وعشرين سنة ، وقال طاووس أخر الاستغفار إلى سحر ليلة الجمعة فوافق ليلة عاشوراء ، وقيل أخر الاستغفار ليعرف حالهم فى صدق التوبة وإخلاصها ، وقال الشعبى أخر حتى يسأل يوسف هل عفى عنهم فإن عفوا لمظلوم شرط المغفرة ؟ قال بعض أو حتى يستحلهم من يوسف . وروى أنهم قالوا يا أبانا اسأل يوسف أن يعفو عنا ، قال يا أبتِ أشهدك أنى عفوت ، قال عطاء الخراسانى طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منه إلى الشيوخ ، ألا ترى أن يوسف قال { لا تثريب عليكم اليوم } ويعقوب قال { سوف أستغفر لكم ربى } . ولما وصل يهودا والبشير ، ثم جميع الإخوة . وقيل بقى بنيامين بمصر ، وتجهز يعقوب للمسير إلى مصر ، فمضى بأهله وهم سبعون أو اثنان وسبعون ، أو ثلاثة وسبعون إنساناً ، ركبوا دوابهم ، ولبسوا ثيابهم وزينتهم ، ووصل رسول إلى يوسف بمجيئهم ، فأمر العسكر باستقبالهم ، فركب ثلاثون ألف فارس من فرسان العرب ، فتلقوه فسجدوا بين يديه ، فقال من هؤلاء ؟ قيل من جند يوسف ، فبقى متحيرا ، ولما ساروا فرسخين بعد ، تلقته ثلاثون ألف فارس من فرسان الروم فنزلوا وسجدوا بين يديه ، فقال من هؤلاء ؟ قيل من جند يوسف ، فضحك من أمر الله تعالى ، وسار فرسخين فإذا بأربعين ألف بغلة عليها العماريات ، مع كل عمارية جاريتان ، قال لمن هؤلاء ؟ قيل ليوسف أرسلها لنساء إخوته ، ثم سار فرسخين ، فإذا هو بألف نجيب مزينة ، قال لمن هؤلاء ؟ قيل ليوسف أرسلهم لبنات إخوته ، ثم سار فرسخين فإذا هو بأربعين ألف شيخ سجدوا بين يديه ، قال من هؤلاء ؟ قيل شفعاء أرسلهم يوسف لتعفوا عنه مخالفته لك فى ذكر رؤياه لإخوته . فبكى عند ذلك ، ولما بقى بينهم وبين مصر ثلاثة أيام استقبله يوسف عليه السلام راجلا تواضعا لوالده نبى الله يعقوب عليه السلام ، وفى مائة ألف راجل ، معهم الملك الريان ، ولما بقى بينهما يوم كشف الله جل جلاله عن بصره حتى رأى يوسف كالقمر ليلة البدر ، فقال ليهودا ، من هذا المقبل كأنه البدر ؟ قال ما أرى شيئا ، فإن كنت رأيت شيئا فذلك يوسف قرة عينيك ، فرمى بنفسه من فوق البعير ومشى ساعة على قدميه ، ورأى يوسف أباه أيضا قد أقبل ، فسعى إليه والتقيا وتعانقا ، فضج آل يعقوب بالبكاء ، وضجت الملائكة بالبكاء . وكان أشد أولاد يعقوب بالبكاء زينة ، فدنا يوسف منها وضمها إلى صدره فشهقت وخرت مغشيا عليها ، وضج بنيامين والناس والجبال ، وسقط يعقوب مغشيا عليه ، فضمه إلى صدره ، وقبل ما بين عينيه ، وناداه يا أبت فلم يجبه ، ورش عليه الماء فلم يفق من غشيته ، وحمله فى هودج من الذهب ومشى راجلا خلفه ، وكذا زينة وبنيامين وإخوته وبنوهم . وروى أنه خرج مع يوسف عشرة آلاف أمير ، والملك الريان حافيا إجلالا ليوسف وأبيه ، ولما وصل يوسف داره فرش لأبيه فراشا وطيئا ، ولما كان نصف الليل أفاق يعقوب من غشيته ، وفتح عينيه ، فرأى يوسف عند رأسه يبكى ويقول يا أبت عليك السلام إلى يوم القيامة ، فجلس يعقوب ومسح على وجهه ، وحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال قد وادعتك يا بيت الأحزان ، قد بلغ الحبيب إلى الحبيب ، فعند ذلك قال يوسف عليه السلام يا أهل مصر كلكم عبيدى وقد أعتقتكم عند رؤية والدى . وفى عرائس القرآن وغيره لما دخل يعقوب ومن معه أرض مصر ، كلم يوسف الملك الأكبر الذى فوقه فيما يزعم وهو الريان ، أن يتلقى أياه ، فخرج يوسف والملك فى أربعة آلاف من الجند والعظماء ، وأهل مصر بأجمعهم ، فتلقوا يعقوب وهو يمشى يتوكأ على يهودا ، فنظر إلى الخيل والناس فقال يا يهودا هذا فرعون مصر . قال لا هذا ولدك يوسف ، فلما دنى كلٌّ من صاحبه أراد يوسف أن يبدأ يعقوب بالسلام ، فقال جبريل عليه السلام بل يبدأ يعقوب ، فقال يعقوب السلام عليك يا مذهب الأحزان . قال سفيان الثورى لما التقيا تعانقا وتباكيا ، فقال يوسف ليعقوب عليهما السلام يا أبت بكيت حتى ذهب بصرك ، أما علمت أن القيامة تجمعنا ؟ قال بلى ، ولكن خشيت أن يسلك بك غير طريقنا فيحال بينى وبينك ، وفى رواية أنى خشيت أن تسلب دينك . قال وهب ابن منبه وغيره دخل يعقوب وأهله وذريته وهم اثنان وسبعون إنسانا ، وخرجوا منها مع موسى ومقاتلهم ستمائة ألف وخمسمائة وبضعة وسبعون رجلا سوى الأطفال ، ومن لم يبلغ القتال به والهرمى ، وكانت الأطفال ومن لم يبلغه ألف ألف ومائتى ألف .