Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 11-11)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لهُ } أى للمذكور من مسر وجاهر ، ومستخف وسارب ، أو للإنسان { معقِّباتٌ } جماعات معقبات ، فهو جمع معقبة ، ولذلك جمع بألف وتاء ، مع أن المراد الملائكة ، أو هو جمع معقبة بتاء المبالغة والكثرة ، كراوية لكثير الرواية ، أو جمع معقب شذوذا وهو من عقبه بالشديد للمبالغة بمعنى جاء عقبه ، أو التشديد لكثرة المعقب عليه ، ولأن الأصل متعقبات ، نقلت فتحة التاء للعين ، وأبدلت قافا وأدغمت فى القاف ، وذلك أن الملائكة يجئ بعضها عقب بعض لحفظ ابن آدم ، أو أنه يعقبون كلامه وفعله بالكتابة . قال صلى الله عليه وسلم " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار فيجتمعون عند صلاة الصبح وعند صلاة العصر فيسألهم ربهم وهو أعلم كيف تركتم عبادى ؟ فيقولون أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون " . وروى " أن مع كل آدمى ملكين ملك عن يمينه وملك عن شماله إذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين فى حينه عشرا ، وإذا عمل سيئة قال لصاحب الشمال وهو أمين عليه لا تكتبها حتى تمضى ساعات لعله يستغفر ، وإذا مضت ولم يتب فاكتبها واحدة " وقرئ معاقب جمع معقب أو معقبة بالتاء على توجيهها المذكور ، والباء فى الجمع عوض عن إحدى القافين . { مِنْ بَين يَديه ومن خَلْفه } عبر بالجهتين عن تعميم الجهات ، وفى مصحف أبى ورقيب من خلفه ، وعن ابن عباس ورقباء من خلفه . { يحْفظونَه مِنْ أمر اللّهِ } من بمعنى الباء ، وقد قرأ بالباء على ، وابن عباس ، وزيد بن على ، وجعفر بن محمد ، وعكرمة أى يحفظونه عما يضره ، أو يحفظونه عمله بإذن الله ، فإن لكل آدمى ملكين يكتبان عمله ، وملكا آخذا بناصيته إذا تواضع لله عز وجل رفعه بها ، وإذا تكبر وضعه بها ، وملكا موكلا بعينيه يحفظهما من الأذى ، وملكا موكلا بفيه ، ولا يدع شيئا يدخل فيه من الهوام وغيرها ، وكذا لا يدع ما يضره بجسده كلما أراده شئ قال إليك حتى يأتى القدر . وعن بعض الصحابة ملك يحفظه عما لم يقدر له ، وملك يحفظ عمله ، وعن الحسن المعقبات ملكان بالليل وملكان بالنهار ، قال كعب الأحبار رضى الله عنه لولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم لتخطفكم الجن . وقيل له معقبات مما قدم من عمل ، ومما أخر يحفظونه من بأس الله إذا أذنب بأن يطلبوا له المهلة والمغفرة ، فمِنْ على أصلها ، وكذا إذا فسرنا أمر الله بالمضار فإنه تكون مِنْ على أصلها ، ومعنى حفظه منها وهى أمر الله حفظه منها وهى مخلوقة لله تعالى فى الجملة ، وليس المراد أن الله جل وعلا يوجهها إليه فتصرفها الملائكة إذ هذا محال لا طاقة به ، وقيل من للتعليل ، أى يحفظونه من أجل أمر الله لهم بحفظه ، وتحتمل هذا المعنى قراءة الباء ، وقيل من أمر الله نعت ثان لمعقبات ، والأول من بين يديه . وقال عكرمة المعقبات حرس السلطان يحفظونه عن المضار التى هى أمر من أمور الله ، أو يحفظونه من قضاء الله فيما توهم ، أو قيل ذلك تهكما به ، والسابق إلى فهمى أول مرة أن الهاء فى له عائدة إلى الله سبحانه وتعالى ، وفيما بعد ذلك للإنسان المذكور بالإسرار أو الجهر ، والاستخفاء والسروب ، ثم رأيته قولا لفرقه . وعن ابن عباس الهاءات لمحمد صلى الله عليه وسلم ، أى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حراس من الرحمن ، من بين يديه ومن خلفه ، يحفظونه من الجن والإنس وغيرهما . وقال عبد الرحمن بن زيد كذلك ، وقال إنها نزلت فى حفظة عن عامر بن الطفيل ، وأربد بن ربيعة ، لقنهما الله إذا أرادا به غدرا ، وفيه نقص بعد ، وإنما الأولى فى مثل ذلك أن يقال نزلت بسبب قصة كذا وأن المعنى على العموم والسابق فى حفظى أن الذى نزل فيهما هو قوله تعالى { هو الذى يريكم البرق } إلى قوله { دعوة الحق } { إنَّ الله لا يغيِّر ما بقومٍ } أى ما فى قوم من العافية والنعمة { حتَّى يُغيروا ما بأنفسِهِم } أى ما فيهم من الأحوال الجميلة بالمعاصى ، وهذا فى الموحد ظاهر ، وأما فى غيره فوجهه أن المشرك قد تصدر عنه أحوال جميلة كالعدل بين الخلق ، والرحمة والصدقة ، وإذا تركوها او أكثروا الفواحش أو أعظموها كوصف الله بأنه إنما يكون من نحو حديد أو رصاص أو نحاس ، وكإرادة الغدر بالنبى أزيلت عنهم النعم بعد استدراجهم بها ، وأن العقل داع إلى الأحوال الجميلة ، فإذا غيروها بترك اتباعها زالت عنهم النعم ، وإن دين الله كالشئ الثابت فيهم ، ولو لم يؤمنوا به لظهوره كالشمس ، فإذا غيروه بالإعراض عنه زالت . { وإذا أرادَ الله بقوم سُوءاً } هلاكا وما دونه { فَلا مردَّ له } أى فلا راد له من المعقبات ، ولا من غيرها ، والمراد مصدر ميمى ، والجملة جواب إذا ، أو الجواب محذوف أى أصابهم بالجملة دليل عليه وفاؤها للتعليل . { وَما لهم مِنْ دُونه } من دون الله ، أو من دون السوء { مِنْ } صلة للتأكيد ومجرورها مبتدأ ، والخبر لهم أو فاعل لقوله { لهم } لاعتماد على النفى { والٍ } أحد يلى أمرهم بالنصر ودفع السوء .