Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 33-33)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أفمَنْ هو قائمٌ } رقيب { عَلى كلِّ نفسٍ بما كَسَبت } عملت من خير أو شر فيجازيهم ، والخبر محذوف ، أى كمن ليس كذلك ، بل عجز عن مصالحه فضلا عن غيره وهو الصنم ، كما لوح إليه بذكر الشركاء بعد ، أو أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت أحق بالعبادة أم الجمادات ، أو يقدر الخبر هكذا لم يوحدوه وعليه يكون قوله { وَجَعَلوا لله شُركاءَ } معطوفا عليه ، ومقتضى الظاهر أن يقال لم يوحدوه جعلوا له شركاء ، ولكن وضع الظاهر موضع المضمر ، لدلالة الظاهر وهو لفظ الجلالة ، على أن الله جل جلاله هو المستحق للعبادة مختص بهذا الاسم ، وإذا قدرنا الخبر كمن ليس كذلك ، أوقدرناه أحق ، فجملة جعلوا الخ مستأنفة ، ويجوز عطفها على كسبت بأن نجعل ما مصدرية أى بكسبها ، وجعلهم له شركاء فيقدر الخبر بعد شركاء ، ومن فى ذلك كله موصولة . ويجوز أن يكون الأصل اجهلوا حق الله ووحدته ، وجعلوا له شركاء ، وجملة من هو الخ معترضة ، فتكون من استفهامية وهو قائم خبرها ، كأنه قيل من هو قائم على كل نفس بما كسبت أهو أم شركاؤهم . { قلْ سمُّوهم } أى ذكروا هؤلاء الشركاء من هم أى ليسوا بشئ كما ترى إنسانا يتعد بزيد فتقول له من زيد ، تريد ليس شيئا يتعد به ، وأنه خامل ، أو المعنى اذكروهم بأسمائهم ننظر هل هم ممن يستحق العبادة كما يقول لك إنسان عندى من الجند كذا ، فتقول أنت منهم ؟ تريد أن يذكرهم لك لتنظر هل يقومون بالقتال والذب ، أو المعنى صفوهم لننظر هل فى صفتهم ما يتأهلون به للعبادة . { أم } بمعنى بل وهمزة الإنكار { تُنبئونَهُ } تخبرونه ، وقرئ بإسكان النون وتخفيف الموحد بعدها { بما لا يَعْلم فى الأرْضِ } من شركاء يستحقون العبادة ، أو من صفات يستحقون العبادة بها ، والمراد نفى ذلك ، لأنه لو كان ذلك موجودا لكان معلوما لله ، لأنه لا يخفى عنه شئ فى سماء أو أرض ، وأراد بنفى العلم نفى المعلوم ، وهو نفى الشىء بنفى لازمة . { أمْ بظاهر } أى وأم تسمونهم شركاء بظاهر { مِنَ القَول } من غير حقيقة موجودة ، واعتبار معنى صحيح كتسمية الميت حيا ، والزنجى ، كافورا ، والجاهل عالما ، وذلك كيف تقولون الشئ بلا تفكر فى معناه وأنتم أولوا الألباب ، احتجاج بليغ ينادى بلسانه أن لا مقاوم له ، ويجوز أن يكون التقدير أم تنبئونه بظاهر من القول وهو المتبادر . { بلْ زُيِّن للذينَ كفَرُوا مَكْرهم } أباطيلهم أنه زينها لهم الشيطان وزخرفها فظنوها حقا ، أو زين لهم كيدهم للإسلام بالشرك ، أو مكرهم هو نفس الكفر كما قال ابن عباس ، لأن تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر ، واحتيالهم فيما يضره كفر ، والمزين الشيطان كما رأيت لعنه الله ، بمعنى أنه وسوس لهم أو الله جل جلاله بمعنى أنه خذلهم ، ولا يقدرة لغيره تعالى على الإضلال والهداية لقوله { ومن يضلل الله فماله من هاد } ونحوه . { وصُدُّوا } أعرضوا بانفسهم ، أو صرفوا غيرهم { عَن السَّبيلِ } سبيل الحق وهو دين الإسلام ، وقرأ الكوفيون بضم الصاد ، أى صدهم من كان قبلهم بتشريع الباطل ، أو الشيطان بالوسوسة ، أو الله تعالى بالخذلان ، وقرئ بكسر الصاد على البناء للمفعول كالكوفيين ، لكن نقلت حركة الدال المدغمة للصاد ، وقرأ ابن أبى إسحاق وصد بفتح الصاد وتنوين الدال ، على أنه اسم معطوف على مكر ، أى زين لهم المكر والصد لغيرهم ، أو صدهم بأنفسهم . { ومَنْ يُضللِ } يخذل عن السبيل { اللّهُ } باختياره عدم الاهتداء لا بالجبر من الله { فمالهُ مِنْ هادٍ } موفق للسبيل .