Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 101-101)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم . { مُصَدِّقٌ } بما معه من القرآن والوحى . { لِمَا مَعَهُمْ } من التوراة والوحى إلى موسى ونبوة موسى عليه السلام وقيل إن التوراة مصرحة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فلما بعث كان مجرد بعثه مصدقا للتوراة ، ويجوز أن يراد بالرسول عيسى فإنهُ مُصَدِّقٌ للتوراة بالوحى والإنجيل . { نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أوتُوا الكِتَابَ } التوراة . { كِتَابَ اللهِ } التوراة لما كفروا بذلك الرسول وما معهُ كانوا كافرين بها لأنه وما معهُ مصدقان للتوراة ، ولأنه مذكور فى التوراة ومبشر به موسى ، وإذا كفروا ببعض التوراة كانوا كمن كفر بها كلها ، ومن كفر ببعض كتاب صدق عليه أنه كافر به ، فالرسول وبعض ما معه ووجوب الإيمان بالرسل مذكورة فيها ، وإنما قال { من الذين أوتوا الكتاب } ولم يقل منهم ليشنع عليهم بأنهم أوتوا الكتاب فلم ينتفعوا به ، ففعلوا ما فعل غيرهم من الكفرة الذين لم يؤتوه ، وكتاب الله هو الكتاب الأول معرف بأل ، والثانى بالإضافة والمعرفة المتكررة يراد بها مدلول واحد غالبا ، فالمراد بقولهِ الكتاب ، وقولهِ كتاب الله التوراة ، ويدل لذلك لفظ النبذ ، لأن طرح الشئ فرع إمساكه ، فيطرح بعد الإمساك وهم إنما لا بسوا التوراة وقرءوها ، فكانت كشئ فى يد طرح لأنهم لا يعملون بها ، فترك العمل بها والإعراض عنها نبذ ، ولو كانوا يقرءونها . قال الشعبى الكتاب بين أيديهم يقرءونه لكن نبذوا العمل به . قال سفيان الثورى أدرجوه فى الديباج والحرير ، وحلوه بالذهب ولم يحلوا حلاله ولم يحرموا حرامه ، وقيل الكتاب التوراة ، وكتاب الله القرآن وضح أنهم نبذوه ولو لم يقرءوه لأن ترك العمل به وتكذيبه نبذ له وإعراض عنه . فالمعرفة الثانية ليست بالأولى ، ويحتمل أن يراد بالذين أوتوا الكتاب اليهود والنصارى ، وبالكتاب الجنس الصادق فى كتابين التوراة والإنجيل ، ولو كان الضمير فى جاءهم لليهود فقط . كما تقول لما جاء أمير بنى تميم قام إليه بنو تميم ، والحجازيون وكتاب الله على هذا الاحتمال القرآن إذ لم يؤمن به النصارى ، كما لم يؤمن به اليهود ، غير أن النصارى كثر فيهم الإيمان بعد وهو التوراة والإنجيل اللذين أشير إليهما بالكتاب المعروف بأل ، أى نبذوا التوراة والإنجيل بعدم إيمانهم بمحمد والقرآن ووحيه ، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم مذكور فى التوراة والإنجيل مبشر به فيهما مع القرآن . { وَرَاء ظُهُورهِم } شبه ترك العمل بالقرآن أو بالتوراة والإنجيل أو بهما وعدم الإيمان بما لم يؤمنوا به بما رمى وراء الظهر ، وأعرض عنه ولم يلتفت إليه ، تقول العرب جعل هذا الامر وراء ظهره ودبر أذنه . { كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أن محمداً رسول الله وأنهُ جاء به ، وأن التوراة كتاب اللله ، وأن الإنجيل كذلك مع أنهم قد علموا بذلك علماً جازماً لكن كفروا عنادا ومعادا لمحمد وعيسى عليهما السلام ، هذا فى جانب اليهود ، وكفروا مع النصارى بمحمد عنادا . واليهود خمس فرق فرقة لم يصلهم خبر بعثه ، صلى الله عليه وسلم ، فهو معذور إن عمل بالتوراة عند بعضنا وعند إنكار قومنا ، وغير معذور عند الباقين ، وفرقة آمنوا وعملوا بما معه لما وصلهم خبر بعثه ، وفرقة كفروا به فى الجهر تمردا وفسوقا ، وفرقة لم يجهروا بهذا ولكن جهلهم نفس الكفر ، وفرقة علموا أنه رسول وجحدوا بألسنتهم ، وكذا الكلام فى نبذ التوراة ، ومن جهل نزول التوراة وغيرها ، وكان على شريعة من الله فهو معذور على ما مر .