Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 110-110)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وأقيموا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزّكَاةَ } استئناف أو عطف على اعفوا ، أمرهم الله تعالى بالصبر ، ومخالفة الكفار ، والمعاشرة بالخلق الحسن ، والالتجاء إلى الله به للعبادة التى هي خالية عن الإحسان إلى الخلق ، وأشار إليها بإقامة الصلاة إلا أنها تدعو إلى الإحسان إليهم ، وبالعبادة التى هى إحسان إليهم ، وأشار إليها بإيتاء الزكاة ، وخصهما بالذكر لأن الصلاة عماد الدين ، والمال شقيق الروح تشح عليه الأنفس . وذكر ابن جرير الطبرى أنه إنما آمر الله عز وجل المؤمنين بالصلاة والزكاة هنا ليحط ما تقدم من قولهم راعنا ، لأن ذلك نهى عن نوعه . { وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُم من خَيرٍ } من عبادة فإنها خير ونفع بدنية ، كالصلاة والصوم ، أو مالية كالزكاة وصدقة التطوع ، أو مالية وبدنية كالحج والجهاد من ماله ، أو قلبيه كالتفكر فى المصنوعات والعلم وحب المؤمنين وبغض الكافرين . وقيل المراد بالخير المال يتصدق به صدقة التطوع ، لأن الزكاة تقدم ذكرها ، وقرئ تقدموا بإسكان القاف وتخفيف الدال من قولك أقدمه بمعنى قدمه بالتشديد . فإن قدم بالتخفيف يتعدى بالهمزة كما يتعدى بالتشديد . { تَجِدُوه } أى تصيبوه وتوافوه على حذف مضاف ، أى تجدوا ثوابه . { عِنْدَ الله } أى يجد ثواب التمرة واللقمة كجبل أحد وأكثر ، وروى ابن المبارك فى رقائقه ، وهو رجل مخالف يذكر بعلم وشجاعة وحكمة بسنده " أن رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله ما لى لا أحب الموت ؟ قال هل لك مال ؟ قال نعم يا رسول الله ، قال فقدم مالك بين يديك ، فإن المرء مع ماله إن قدمه أحب أن يلحقه وإن خلفه أحب التخلف " . وذلك ما يروى " قدم مالك أمامك يسرك اللحاق به " . وروى الربيع بن حبيب ، رحمه الله ، عن أبى هريرة أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال وهو يعظه " اغتنم خمساً قبل خمس شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك " { إنَّ اللهَ بما تَعْمَلونَ بَصِير } عليم بكل ما اعتقده أحد أو قاله أو فعله من خير أو شر ، فيثيب على الخير ، ويعاقب على الشر ، والاعتقاد والقول عمل ، كما أن أفعال سائر الجوارح عمل ، ولا يضيع عنده عمل ، ولا يخفى قليلا أو كثيراً ، وذلك ترغيب فى الطاعات ، وزجر عن المعاصى ، ويحتمل أن يكون المراد ما تعملون من الخير فيكون ترغيباً ، وقرئ يعملون بالتحتية وعود الضمير لأهل الكتاب ، فيكون ذلك وعيداً لهم وتهديداً .