Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 112-112)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ بَلَى } أى يدخل الجنة من لم يكن هوداً ولا نصارى ، وكأنه قيل من يدخلها فقال { مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَه للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ } فمن فاعل لمحذوف أى يدخلها من أسلم وجهه لله وهو محسن ، وهو موصولة ولك جعلها مبتدأ زبدت الفاء فى خبرها لتضمنها معنى الشرط ، والخبر هو الجملة فى قوله { فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّه } أو هى شرطية ، هذه الجملة جوابها ، وعلى الوجه الأول يحسن الوقف على محسن لا على بلى ، وما بعد ذلك مستأنف . ويجوز عطفه على من ، وفعله المقدر عطف اسمية على فعلية ، وعلى الثانى والثالث يحسن الوقف على بلى ، ومعنى أسلم وجهه لله أخلص جسده كله لله . وخص الوجه بالذكر معبراً به عن الكل ، لأنه أشرف الأعضاء الظاهر وفيه أكثر الحواس ، وفيه يظهر أثر الخضوع والذل والعز ، ومن خضع وانقاد بوجهه فخضوعه وانقياده بغيره من باب أولى ، ومعنى إخلاص جسده لله استلامه لما يفعل الله به ، ولما يوجبه عليهِ أو يحرمه عليه ، ويجوز أن يكون معنى أسلم وجهه أخلص قصده ، وعبر بالوجه عن القصد ، لأن القصد إلى شئ فى الجملة يكون بصرف الوجه إليه ، وكذا إلى جهة من الجهة ، ولأن الوجه من الإنسان يقصده القاصد عند التكلم ، والخطاب والنظر وغير ذلك فى الحب وشدة البغض والتقاتل ، فالمراد أن يقصد الله ويصرف همته عن غيره ، ويجوز أن يكون المعنى أخلص النية ، فسمى الدين وجهه لأن دين الإنسان أهم شئونه ومعظمها ، كما أن الوجه أفضل الأعضاء ، ومن جملة دينه أعماله . وقد فسر بعضهم الوجه بالعبادة ، وجملة وهو محسن حال من الضمير فى أسلم ، والمراد بالإحسان التوحيد أو إتقان العمل ، بأن يأتى به تاما ولا يشوبه بما يفسده ، والأجر الذى له عند ربه ثواب إسلامه وجهه وتوحيده وإحسانه فى عمله يحفظهُ الله تعالى له لا يضيعه ولا ينقصه ، بل يربو عنده وهو ما يكون له فى الجنة وما يفرح به عند الموت والقبر والبعث والمحشر . { ولا خوفٌ عليهم } عند الموت وفى القبر ويوم القيامة . { ولا هُمْ يَحْزنون } فى ذلك على شئ من الدنيا ولا على ترك الإيمان والأعمال لأنهم قد آمنوا وعملوا الصالحات .