Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 240-240)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ والَّذِينَ يُتوفَّونَ مِنْكُم ويَذَرُون أزواجاً وَصِيَّةً لأزْواجِهِمْ } الذى مبتدأ ووصية خبره على حذف مضاف أولا ليستأنف الكلام أولا على ما يعنى فيه ، أى وحكم الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم ، أو لازم الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم ، أو وصية الذين يتوفون منكم ويذرن أزواجاً وصية لأزواجهم ، أو على حذف مضاف أخرى والذين يتوفون منكم ويذرن أزواجاً وصية لأزواجهم واللفظ فى ذلك كله إخبار ومعناه أمر أو معناه خبر أى ذلك حكم الشرع ، فيعلم أنه مأمورية ، أو وصية نائب لمحذوف ، أو فاعل لمحذوف ، والجملة خبر الذين ، أى كتب عليهم وصية لأزواجهم ، أو لرمتهم وصية أو نحو ذلك أو مبتدأ خبره محذوف ، أى عليكم وصية أو بالعكس ، أى لازمهم وصية أو حكمهم وصية ، والجملة خبر الذين ، والحذف بالآخر أليق ، لأنه محل التغيير . وقال أبو عمر وابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم ينصب على أنه مفعول مطلق بمعنى إيصاء ناصبة مقدر قبل الذين رافع لمحل الذين على الفاعلية ، أو ليوص الذين يتوقون منكم ويذرون أزواجاً وصية بلام الأمر ، أو يقدر بعده على أن الجملة خبر الذين أى ليوصوا وصية على الإخبار ، بالطلب ، أو يُقدر بعده خبر أى يوصون وصية أو مفعول لمحذوف أى كتب الله عليكم وصية ، أو ألزمهم الله وصية ، والجملة خبر الذين ، أو الذين مفعول لمحذوف ناصب لمحله ولوصية ، أى وألزم الله { الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } ويدل لذلك قراءة ابن مسعود ما لم تكونوا تعلمون ، كتب عليكم الوصية لأزواجكم متاعا إلى الحول ، ومعنى قوله تعالى { يتوفون } يشارفون الوفاة ، لأن المتوفى لا تمكن منه الوصية ، وذلك من مجاز الأول بحسب ظن الإنسان ، لأنه يظن الوفاة بمرضه . { مَتَاعاً إلىَ الحَوْلِ } نصب على أنه مفعول مطلق منصوب بوصية فى قراءتنا بالرفع ، وذلك أن الإيصاء يتضمن معنى التمتع والمفعول المطلق بنصبه المصدر كما ينصبه الفعل ، وقرأ أبى { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا متاعا لأزواجهم متاعا إلى الحول } فمتاعاً مفعول مطلق لمتاع ، ومعناهما التمتيع ، وإذا نصب وصية فلا يكون متاعا مفعول مطلقاً ليوصون مثلا المحذوف على المفعولية المطلقة ، لأن العامل الواحد لا ينصب مفعولين مطلقين بلا تبعية ، فلو جعل بدلا من وصبة نجاز ، ويجوز تقدير الجار ، أى يوصون وصية بمتاع ، ويجوز نصبه على المفعولية المطلقة لوصية إذا نصب وصية على أنه مفعول به ، ويجوز أن يكون مفعولا مطلقا مؤكداً لغيره ، أى متعوهن متاعاً كقولك ابنى أنت حقاً ، وإلى الحول فتعلق بمتاعا . { غَيْر إخْراجٍ } حال من أزواجهم ، أى غير مخرجات من بيوتهم أو غير ذوات إخراج منها ، أو بدل اشتمال من متاعا لتحقق الملابسة بين تمتيعهن حولا ، وبين عدم إخراجهن من بيوتهم ، أو مفعول مطلق مؤكد لغيره ، وذلك أن التمتيع ، قد يكون بعدم الإخراج وبإجراء النفقة حولا فقرر بقوله { غير إخراج } أن المراد هنا التمتيع لعدم الإخراج ، ولو كن يتمتعن فى نفس الأمر أيضا بالإنفاق وكبيوتهم بيوتهن أو بيوت غيرهن إذا تراضوا بالمكث فى بيوت غير ما كن فيه قبل الوفاة . { فَإن خَرَجْنَ } قبل الحول من بيوت أسكنهن فيها أزواجهن ، أو من بيوت تواضوا عليها عند التوفى . { فَلاَ جُناحَ عَليْكُم } أيها الأئمية أو أيها الأولياء ، أو الأولياء الميت ، أو المسلمون مطلقا . { فِيما فَعَلْن فِى أنْفُسِهِنَّ مِن مَّعروفٍ } مما عرف شرعاً كالتزين والتطيب ، والتعرض للخطاب لا إثم عليكم فى تركهن إلى ذلك ، أولا ثم عليكم فى قطع النفقة عنهن أيها الأولياء إن خرجن قبل الحول ، ومعنى ذلك كله أنهُ لزم المحتضر أن يوصى لزوجته أن تسكن فى بيته أو بيت يعده لها حولا ، ويجرى عليها نفقتها كلها فى الحول ، لا تتزين ولا تتطيب ولا تتعرض للتزوج ، أو تقبل الخطبة وإن خرجن قطعت النفقة والسكنى عنهن ، وحل لهن أن يتزوجن ويتطيبن ويتزوجن ، وهن مخيرات فى ذلك ، كان فى ذلك أول الإسلام فنسخ الحول بأربعة أشهر وعشر فى الآية السابقة ، وهى من الآيات التى تلاوة ناسخهن ومن هن { لا يحل لك النساء } منسوخة بقوله { يا أيها النبى إنا أحللنا } إلخ ومنهن { سيقول السفهاء } مع قوله { قد نرى تقلب وجهك فى السماء } إلخ ، وقيل نسخ من الحول ما زاد على أربعة أشهر والعشر ، ثم إنه كما نسخ الإيصاء لها بالسكون والنفقة بميراث الربع أو الثمن فى سورة النساء ، أو بوحى " لا وصية لوارث " وكانت قبل ذلك لا إرث لها ، بل النفقة والسكنى حولا . وقال الشافعى لها السكنى أربعة أشهر وعشراً ، وليس كذلك عندنا ولا عند أبى حنيفة وأحمد ومالك ، ونزلت الآية فى رجل من أهل الطائف يسمى حكيم بن الحارث ، هاجر إلى المدينة وله أولاد ومعه أبوه وامرأته ، فمات فأنزل الله هذه الآية ، فأعطى النبى صلى الله عليه وسلم والديه وأولاده ميراثه ، ولم يعط امرأته شيئاً ، وأمرهم أن ينفقوا عليها من تركة زوجها حولا كاملا كان ذلك أول الإسلام ، ثم نسخ ورى أن معتدة الوفاة كانت تسكن فى بيت مظلم حولا لا تطيب ولا تغتسل ولا تجدد الثياب ، ثم تخرج بعد تمام الحول ، وترمى ببعرة وراء ظهرها تظهران حدادها فى مراعاة حق زوجها فى هذه المدة ، كان أهون عليها من هذا ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم " كانت إحداكن فى الجاهلية تحبس حولا فى شر بيت أفلا تجلس أربعة أشهر وعشراً " وقيل الرمى تفاؤل بألا تعود إلى مثل ذلك ، وقيل رمت العدة فى رمى البعرة ، وكون البعرة بعرة شاة ، أو بعير ، وقيل كانت إذا انقضى الحول أخذت بعرة ورمت بها فى وجه كلب ، فتخرج بذلك عندهم من عدتها ، وهذا فى الجاهلية ، وليس رمى البعرة معتبرا فى أول الإسلام خلف ظهرها ، ولا فى وجه كلب . قال الربيع وهو مما روى عن زينب ، كانت المرأة فى الجاهلية إذا توفى عنها زوجها دخلت حفشا ، ولا تمس طيبا ، وتلبس شر ثيابها حتى تمر بها سنة ، ثم تؤتى بحمار أو شاه أو طير فتغتض ، بها فقيل ما تغتض بشئ إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة فترمى بها ، ثم تراجع بعد ما شاءت من الطب وغيره ، قال الربيع تفتض تمسح ، والحفش طرف الخص . وقال غيره الحفش البيت الصغير ، وقال مالك الخص ، وقال الشافعى البيت ، وفسر الاقتضاض بالمسح ، والمراد أنها تمسح ظهر الحمار أو الشاة ، أو الطائر ، وقيل تمسح بذلك الطائر أو الشاة أو الحمار قبلها من ظاهره ، وقيل تقتض تغتسل بالماء العذب لإزالة الوسخ حتى تصير كالفضة ، وكانت لا تمس ماء للغسل ولا تقلم ظفراً ولا تزيل شعراً ، وقيل تفتض تكسر عدتها بالمسح إلى ذلك الحيوان بقبلها وتنبذه ، فلا يكاد يعيش ، ولا يكون هذا المسح أول الإسلام . { وَاللّهُ عَزيزٌ } فى ملكه لا يفوته الانتقام ممن خالف أمره أو نهيه ، { حَكِيمٌ } فى صنعه ، ورعاية مصالح الخلق فيما يشرع لهم .