Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 257-257)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ اللّهُ ولىُّ الَّذِينَ آمنوا } أى محبهم ، والمحب يلى محبوبه بالنصر والعون فنصره تعالى لا يفارق الذين آمنوا ، ويجوز أن يكون المعنى متولى الذين آمنوا ، أى متكفل بمصالحهم ، والمراد بالذين آمنوا من أسلم من كفر ، وقضى الله له بالثبات ويدل له قوله { يُخْرِجْهُم مِنَ الظُّلماتِ } أى من الكفر بتوفيقه . { إلىَ النُّورِ } الإيمان ، وقيل الظلمات ما يوصل إلى الكفر من الجهل وإتباع الهوى ، والوساوس والشبه ، والنور ما يوصل إلى الإيمان وقيل الذين آمنوا كل من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ولو لم يكفر قبل ذلك ولا ينافيه لفظ الإخراج ، على أن معنى إخراجهم من الظلمات إيقاعه إياهم بتوفيقه فى الإيمان تقدمه كفرا ، ولم يتقدمه استعمالا للخاص وهو الإخراج من الظلمات بعد كونه فيها فى العام ، وهو الإيقاع فى غير الظلمات ، بلا قيد تقدم كون فيها ، قيل كل ما كان فى القرآن من الظلمات والنور فهو الكفر والإيمان إلا فى قوله تعالى { وجعل الظلمات والنور } فى سورة الأنعام ، فالليل والنهار ، أو كل ظلمة كما فى الليل ، وأرض البحر ولُجَجَهُ ، والغار وكل مكان مظلم ، وكل نور كالشمس والقمر والنجوم والمصباح ، لكن لا يلزم هذا ، لجواز أن يراد أيضاً جعل الكفر والإيمان ، وسمى الإيمان نوراً لأنه يتوصل به إلى النجاة والفوز ، كما يتوصل بالنور المحسوس إلى المحل المقصود والحاجة المقصودة ولينجى به من الوقوع فى نحو البئر ، والكون بحضرة المهالك ، كالحية والسبع ، والكفر بعكس ذلك ، وجملة يخرجهم خبر ثان للفظ الجلالة أو حال من الضمير المستتر فى ولى ، فإنه فعيل بمعنى فاعل أو حال من الذين أو حال منهما أو مستأنفة للتبيين ، أو مستأنفة لتقريره الولاية فى قوله تعالى { الله ولى الذين آمنوا } . وَالَّذِينَ كَفُروا أولياؤهم الطَّاغُوتُ أخبر به على الجمع ، لأنه جنس ، أو لأنهُ يطلق على الواحد الجمع كما مر ، والمراد الكفار مطلقا معنى كون أولياؤهم الطاغوت أنهم يعدون الطاغوت ناصراً لهم ونافعا ، هذا فى زُعمهم ، والواقع غير ذلك ، أو يليهم بالوسوسة والتزيين . { يُخرجُونَهم مِنَ النُورِ إلىَ الظُّلماتِ } فيه الإعراب السابق بأقسامه ، والنور الإيمان الذى يفطر عليه الصبى حتى يبلغ ويسعى أهله فى تكفيره ، وغير أهله أو الإيمان مطلقا لم يسبقه كفر ، أو سبقه ، والظلمات الكفر وأسبابه كالانهماك فى الشهوات ، ويجوز أن يكون النور دلائل الدين كآيات القرآن ، والظلمات الشكوك والشبهات ، ومعنى إخراجهم من الآيات ونحوها إلى الظلمات كون أولياؤهم سبباً فى الشكوك والشبهات والإعراض عن الآيات ونحوها ، وقد قال بعض إن الآية نزلت فى قوم ارتدوا ، وقيل فى اليهود أيقنوا بمحمد وكتابه وهما نور ، فلما بعث جحدوا ذلك وكفروا به ، وقيل . كعب بن أشرف وحُيَى بن أخطب ، وإذا فسرنا الآية بما لم يكن صاحبها فى الإسلام ، فمعنى الإخراج مطلق عدم كون فى الإسلام إطلاق للمقيد على المطلق على حد مَا مر ، ولك وجه آخر وهو أن يشار بالتعبير بالإخراج من النور إلى أن الإيمان لوضوح دلائله ، كأنه قد دخله كل بالغ كافر ، ثم خرج منه وأسند الإخراج إلى الطاغوت ، لأنه سبب ، والفاعل الحقيق الله . { أولئِك أصْحابُ النَّارِ هُم فِيها خَالِدُونَ } فمن كان يطيق على الخلود فى النار فليكفر ، أو ليبق على الكفر ولا مطيق عليه ، ولم يقل بعد هذا والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة فيها خالدون تعظيم ، لشأن المؤمنين أن يذكرهم بوعد متصل بوعيد الكفرة والله أعلم .