Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 274-274)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الَّذِينَ يُنْفقُون أمْوالَهم باللِّيْلِ والنَّهارِ } أى فى الأوقات كلها بحسب الإمكان والوجود ، أو ترجيح النهار تارة والليل أخرى ، وبحسب حاجة المحتاج إن احتاج ليلا أعطوه ليلا أو نهارا . { سرّاً وعلانيةً } جهراً بحسب ما ذكر . { فَلَهم أجْرهُمْ عنْدَ ربِّهمْ } فيجازيهم به يوم القيامة . { وَلا خَوفٌ عَليهم ولا هُم يَحْزَنُونَ } لا يخافون يوم القيامة عذابا ولا سخطاً من الله ، ولا يحزنون عما مضى فى الدنيا إذ صرفوه فى طاعة الله ولم يبطلوه ، ولو كانوا يتمنون الزيادة ، وليس تمنيهم حزنا ، بخلاف مَن لم يعمل أو عمل وأبطله ، فإنهُ يحزن وذلك قبل دخول الجنة ، وأما بعده دخولها فلا يبقى أيضا لمن فيها تمن لما فات فى الدنيا ، ولا تمن لغير ما أعطى فى الجنة ليكمل تنعمه ، ولا ينقص له ، والله أعلم . ونزلت الآية فى أبى بكر رضى الله عنهُ إذ تصدق بأربعين ألف دينار ، عشرة آلاف فى الليل ، وعشرة آلاف بالنهار ، وعشرة بالسر وعشرة بالعلانية ، وروى ابن عباس أنها نزلت فى على بن أبى طالب ملك أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا ، وبدرهم نهاراً ، وبدرهم سرا ، وبدرهم علانية وذلك من رواية قومنا ، ولا سبيل إلى قبول روايتهم فيما فيه تصحيح ديانة لهم خالفوا بها المسلمين ، وهب أنها نزلت فى سبب إنفاق على فلا يفيد ذلك لهم حجة لجواز إرادة مطلق من تصدق بذلك كما هو لفظ الجمع ، ولا سيما أن الآية مقيدة بالوفاء قطعاً ، ونحن نقر بفضل على فى العلم والعمل ، والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنا أخذتنا الغيرة فى الله إذ قتل قوماً من المسلمين ، وقد زعم من زعم أنهُ تاب وليس ذلك محالا ، ورواية الشيخ هود من علماءِ الأمة أنهُ لما نزلت الآية " عمد رجل من فقراءِ المسلمين إلى أربعة دراهم لا يملك غيرها فقال إن الله يقول { الذينَ ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية } ، فتصدق بدرهم بالليل ، ودرهم بالنهار ، ودرهم فى السر ، ودرهم فى العلانية ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " أنت الذى أنفقت درهما بالليل ، ودرهما فى النهار ، ودرهما فى السر ، ودرهما فى العلانية ؟ " . فقال الرجل الله ورسوله أعلم إن كان الله أطلع رسوله على شئ فهو ما أطلعهُ عليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعم قد أطلعنى على فعلك ، والذى نفسى بيده ما تركت للخير مطلبا إلا وقد طلبته ، ولا من الشر مهرباً إلا وقد هربت منه إذهب فقد أعطاك الله ما طلبت وآمنك فما تخوفت " وذكر عن ابن عباس فى رواية أخرى عنه " لما نزل { للفقراء الذين أحصروا } الآية بعث عبد الرحمن بن عوف بدنانير كثيرة إلى أهل الصفة ، وبعث على ابن أبى طالب فى الليل بوسق من تمر ، فأنزل الله تعالى فيهما { الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار } " ، عنى بنفقة الليل نفقة علىّ وبنفقة النهار نفقة عبد الرحمن ، وقيل نزلت الآية فى الذين يربطون الخيل للجهاد فى سبيل الله فإنها تعلف ليلا ونهارا سرا وعلانية ، وكان أبو هريرة إذا مر بفرس سمين قرأ هذه الآية ، وعن أبى هريرة عن البخارى ومثله للربيع بن حبيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حبس فرسا فى سبيل الله إيمانا وإحتساباً وتصديقا بوعده ، فإن روثه وبوله فى ميزانه يوم القيامة " ، ولفظ الربيع رحمه الله أطول ، والآية تعم كل من ينفق ماله فى جميع الأوقات ، ويعم بها أصحاب الحاجات ، وكل من ربط فرسا فى سبيل الله يعلفه ، ولو خص سبب النزول قال قتادة نزلت فى المنفقين أموالهم فى سبيل الله بلا تبذير ولا اقتار ، وفى الآية تفضيل صدقة السر والليل على غيرهما لتقديمهما ، وجملة { ولا خوف عليهم } خبر الذين ، وقرن بالفاء لشبه الذين باسم الشرط فى العموم ، وإرادة التعليق ، وقيل الذين مبتدأ خبره محذوف ، أى ومنهم الذين والفاء فى { فلهم أجرهم } ، للعطف على الإسمية وقد أجيز لذلك أن يوقف على علانية .